تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : تحالف الحضارات!



أبو زكريا
05-02-2006, 11:43 AM
تحـالف الحضارات !


لقد أدركت دول الغرب الكافر أن الإسـلام قد عاد إلى قلوب المسلمين ، وأنه لم يعد بمقدورها القضاء عليه ، ولم يعد بمقدورها زعزعته وضرب قيمه بشكل سافر كالسابق ، وزرع القيم الرأسمالية مكانها .

ولذلك فقد اتخذت هذه الدول العدوة للإسـلام والمسلمين خطة جديدة لمكافحة الإسـلام ، بعدما أعلنت الحملة السابقة - التي انطلقت بعد أحداث سبتمبر 2001م – فشلها وأدت إلى نتائج عكسية ، وهي زيادة المطالبة بالإسـلام والحكم بالإسـلام والجهاد في سبيل الله ، وزيادة الحقد على الغرب الكافر وأنظمته .

واتضحت هذه الخطة الجديدة بوضوح بعد تفجيرات مدريد وكذلك بعد تفجيرات لندن ، فأطلقوا مصطلحي " الإسـلام المعتدل " و " الإسـلام المتشدد أو المتطرف " وقررت دعم تيار " الإسـلام المعتدل" لمحاربة " الإسـلام المتطرف " ، ومع أن مفهوم " الإسـلام المعتدل " ليس بمنهج جديد، ولكن الجديد تبني دعمه بشكل مكشوف من قبل الدول الغربية على العكس من ذي قبل ، وجعل دعمه وتقويته خطة جديدة لمحاربة " الإسـلام " الذي تخشى منه هذه الدول الكافرة الفاجرة ، لأنه يهدد مصالحها ووجودها فقررت دعم ذلك التيار " المعتدلين " لعجزها عن الاستمرار لوحدها في محاربة الإسـلام ، فأرادت جعل الصراع داخلياً بين المسلمين أنفسهم ، حتى لا يلتفتوا لاستغلال الوضع الدولي الحالي لإقامة كيانهم السياسي " الخلافة " الذي أصبح وجوده قاب قوسين أو أدنى وما هي إلا مسألة وقت بإذن الله .

فحسب مجلة US News And World Reports الطبعة الالكترونية بتاريخ 25-4-2005م ، فإن بيتر رودمان أحد مساعدي وزير الخارجية السابق هنري كيسنجر ويعمل حاليا مساعدا لوزير الدفاع الأمريكي لشئون الأمن الدولي أكد أن الاستخبارات الأمريكية استنسخت مخططات كاملة استخدمتها في الحرب الباردة للتفريق بين الشيوعيين المعتدلين والشيوعيين المتطرفين، لاستخدامها في الحرب على "الإسلام المتطرف".

وفي تقرير تحت عنوان "قلوب وعقول ودولارات"، ذكرت المجلة أن الإدارة الأمريكية تدفع عشرات الملايين من الدولارات ليس للتأثير في " المجتمعات الإسلامية " فحسب بل والتأثير في الإسلام ذاته.

أما الأساليب التي اتخذتها أمريكا ، فإنه وبحسب نفس المجلة أيضاً أن واشنطن قامت بتمويل محطات إذاعة إسلامية وبرامج تليفزيونية ونظمت "دورات تعليمية" في المدارس البحثية وورش العمل السياسية للترويج " للإسلام المعتدل " في أكثر من 24 "دولة إسلامية" على الأقل.
ومما يدل على جدية الأمر ، أن البيت الأبيض أنشأ وظيفة مستشار الأمن القومي لشئون الإتصال العالمي ، وذلك لتفعيل هذه الخطة التي تعاني صعوبات .

أما بالنسبة لبريطانيا اللئيمة ، فقد ذكرت صحف بريطانية في 30-مايو آيار -2004 م حسب رويترز أن الخطباء المسلمين " المعتدلين " سيتلقون تمويلاً من الحكومة بموجب الخطة ، فيما سيُطلب من " المتشددين " التعهد بالتبعية لنهج أسلوب الحياة البريطاني أو سُيفرض عليهم حظراً .

وفي 30- مايو آيار – 2005م ذكرت صحيفة صنداى تايمز الأسبوعية أن الإستراتيجية تتمثل في دعم بروز أئمة " معتدلين " بشكل يجعل الأجيال الصاعدة من المسلمين تقتدي بهم ، على أن تتكفل الحكومة بدور التأهيل لجيل جديد من الأئمة البريطانيين .

ومن ضمن الإجراءات البريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني عيّن طارق رمضان وهو محسوب أنه مفكر إسـلامي في لجنة حكومية تهدف إلى اقتلاع " التطرف الإسـلامي " من بريطانيا ، وستقدم هذه اللجنة تقاريراً ومقترحات للحكومة ، وذلك حسب صحيفة الغارديان البريطانية 31-8-2005.

ومن الإجراءات أيضاً الإعلان عن النية لحظر حزب التحرير وهو حزب سياسي وليس عسكري، وقال بلير : " إننا نجابه حركة تسعى إلى إزالة إسرائيل وإلى إخراج الغرب من العالم الإسـلامي وإلى إقامة دولة إسـلامية واحدة تُحكّم الشريعة في العالم الإسـلامي عن طريق إقامة الخلافة لكل الأمة الإسـلامية " . وفي 4-9-2005م ذكرت صحيفة الإندبندنت البريطانية أن رئيس الوزراء البريطاني توني بلير أعد مخططاً لحصار جماعة 'حزب التحرير الإسلامي' في بريطانيا .

وكذلك فعلت أستراليا ، فقد صرّح مسئول كبير أن أستراليا ستدعم المسلمين " المعتدلين " ، الذين ينشرون الإسـلام جنباً إلى جنب مع القيم الأسترالية ، وعقد رئيس وزراء أستراليا هاورد قمة مع زعماء المسلمين المعتدلين في أستراليا حيث بحث الجانبان مراقبة تدريب الأئمة وما يدرس في المدارس الإسلامية ضمن حملة لمحاربة نشر الأفكار المتطرفة باسم الإسلام.


بل وإن الأمر لم يقف عن هذا الحد ، بل تطوّر هذا الدعم " للإسـلام المعتدل " ليصبح تحالفاً للحضارات ضد الإرهاب ، ويا للعجب ، هل أصبح الغرب الآن يعترف بحضارة إسـلامية ولا يريد تدميرها ؟! أم أن هذا التحالف هو بين حضارة إسـلامية مزيفة وبين حضارة غربية متعفنة ؟.

قد تبنى كوفي عنان مبادرة أطلقها كل من رئيس الوزراء التركي رجب أردوغان ورئيس الوزراء الأسباني ثاباتيرو ( كما قيل) ، وأنشأ صندوقاً خاصاً لدعم هذا التحالف ، وبعدها قام رئيس الوزراء البريطاني توني بلير بزيارة إلى رئيس الوزراء الأسباني للتأكيد على تحالف حضارات يضم بلداناً غربية وإسـلامية من أجل محاربة " الإسـلام المتطرف " .

ثم شكّلت الأمم المتحدة لجنة تضم محمد خاتمي للترويج لتحالف الحضارات هذا ، ومن قبل بيومين حاول وزير الخارجية البريطاني جاك سترو تأجيج الفرقة بين المسلمين لإذكاء هذا التحالف فقال : " من يزعم أنه يتكلم باسم المسلمين قتل مسلمين " وكأن هذا الوغد حريص على المسلمين .

وعلى الفور ، بل وقبل تفجيرات لندن بأيام قليلة ، بدأت المؤتمرات في العالم الإسـلامي بالانعقاد استجابة لهذه الخطة الغربية ، ويا حسرتاه على أمتنا فقد أدمتها مؤتمرات علمائها وحكامها .

فقد انعقد ما يسمى المؤتمر الإسـلامي الدولي الأول في عمّان بتاريخ 5-7-2005 م والذي ضم حوالي 180 عالماً ومفكراً من 40 دولة من شتى المذاهب ، وثمّن هذا المؤتمر ما يوليه الأردن من أهمية لإبراز صورة الإسـلام الحقيقية ورفع الشبهة عن ديننا الحنيف ، وما يقوم به الهاشميون في سبيل خدمة الإسـلام والمسلمين كابراً عن كابر !!

وانعقد مؤتمر شرم الشيخ 21-8-2005م الذي خرج بتوصيات أهمها أن الخروج على الحاكم لا يجوز إلا في حالة الكفر الصريح ، ولا أحد من حكام المسلمين ينطبق عليه الشرط !

فلماذا انعقدت هذه المؤتمرات؟ ألتقول نعم للجهاد ، لا لتمزيق السودان والبلقان ولا لاحتلال فلسطين والعراق وكشمير؟ بل انعقدت هذه المؤتمرات واجتمع المجتمعون بها استجابة لأوامر أمريكا لخدمة الإسـلام كما خدمه الهاشميون كابراً عن كابر !.

إن " الإسـلام المعتدل " هو الذي لا يعادي نهج الحياة الغربية ، ويوالي الحكام عملاء الغرب الكافر ، وينشر قيمه العفنة باسم الإسـلام ، وذلك حسب تصريحاتهم .

أما " الإسـلام المتشدد والمتطرف " الذي يحاربونه فهو الذي لا يوالي الحكام العملاء بل يعاديهم ، ولا يرضى ببقاء كيان يهود حياً ، ويسعى لتحكيم الإسـلام بإقامة دولة الإسـلام ، وهو الذي يدعو لجهاد الكفار المستعمرين .

إنه وبالرغم من هذه الخطة الخبيثة والتي بموجبها تم دفع بعض الحركات الإسـلامية لمشاركة الحكام السياسية ، ودعوة الأنظمة علناً لإشراكهم في الحكم ، لنشر " الإسـلام المعتدل " على حساب " الإسـلام المتطرف " ، فإن هذه الخطة لن تنجح بإذن الله أبداً ، ولن تنطلي على الأمة وحركاتها الإسـلامية بإذن الله ، وستبوء أمريكا وبريطانيا بالفشل الذريع ، ومهما حاولت خداع الأمة ولو بإيصال بعض " المعتدلين " ممن يحملون الإسـلام الغربي إلى سدة الحكم ، لتوهين عزيمة الأمة وهي في طريقها لإقامة الخلافة ، فإن عيون المخلصين مفتوحة عن آخرها ، وعقولهم واعية ، وإمكاناتهم جاهزة بفضل الله تعالى .
قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ )

فالحذر الحذر أيها المسلمون من الوقوع في شرك الغرب الكافر .

( وَاللّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ )

كاتبه : أخوكم.
4-9-2005.