تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : دعوة جديدة للزواج المدني/ دراما من طرابلس: الأب مسيحي والأم مسلمة والزواج غير مسجّل



من هناك
04-30-2006, 01:43 PM
الأب مسيحي والأم مسلمة والزواج غير مسجّل
والقوانين تمييزية والأولاد ضحية


علاء وربيع وعلا: لبنانيون بلا حقوق ولا هوية

أن يتزوج رجل من امرأة ويعيشان مع بعضهما البعض أمر من المسلمات. كما أن يعيش رجل وامرأة تحت سقف واحد, وتحت عنوان “المساكنة”, فهو قرار يعود اليهما في حال قبل المجتمع أو رفض. لكن أن يعيش رجل وامرأة في منزل تحت عنوان “الزواج” وبعد سنوات يكتشف أولادهما أنهم لا يملكون هوية لأن والديهما لم يسجلا زواجهما, فمسألة فيها أكثر من نظر, لأن فيها ظلما أكيدا, وقد يكون أحيانا غير قابل للتصحيح, وغالبا متماديا في شكل شبه مؤبد. هذه قصة علاء وربيع وعلا, وهي تستحق الرواية والاعتبار والمساهمة في ايجاد الحل.

علاء طانيوس صابر وربيع طانيوس صابر وعلا طانيوس صابر، أسماء ثلاثة أولاد لبنانيين منذ أكثر من عشر سنوات, لا بل منذ ولادتهم. فوالداهم يعيشان على الأراضي اللبنانية. لكن الأولاد لا يملكون هوية أو اخراج قيد عائلياً يعرف عنهم. والسبب ببساطة عدم تسجيل الأهل لزواجهما.

هذه القصة ليست من نسج الخيال، ولا حتى مسلسلا مكسيكيا طويلا، انها قصة أبطالها ثلاثة أولاد لبنانيين من التبانة في طرابلس, ولدوا في زمن الحرب من والدين من طائفتين مختلفتين, الأم مسلمة والأب مسيحي. وكان ثمرة “زواجهما” الواقعي غير المسجل, توأمين ذكرين: علاء وربيع 20 سنة، وفتاة تدعى عبير 17 سنة.

انتقل الأولاد الى العيش مع جدتهم لأبيهم في القنطرة في عكار، بعدما تركت الأم صابرة عوض المنزل وأطفالها الصغار, لتتزوج من شخص آخر وتؤسس عائلة جديدة معه. وهي تعيش اليوم في منطقة الحاكور في عكار أيضا. في حين انشغل الأب طانيوس صابر بمتابعة السياسة وهو كان منتسبا الى “القوات اللبنانية”, بحسب رواية الابن علاء. وانتهى به الأمر أن أدخل السجن لسنوات طوال وخرج منه منذ أشهر معدودة, وذلك لأسباب لا يصرح عنها المعنيون.

تعرف الأولاد على والدهم في بادئ الأمر من خلال الصورة التي كلما نظروا اليها يبدأون بالضحك والاستغراب. ولكنهم رأوا أباهم وجها لوجه بعد خروجه من السجن. وهم وافقوا على العيش معه من جديد بعد عودته اليهم. كما أنهم غالبا ما يلتقون بوالدتهم على الطريق, بسبب قرب المسافة بين القرى في عكار. وهي لا تعني لهم شيئا كوالدة, فينظرون اليها كأي امرأة عادية تصادف رؤيتها, وكأن شيئا لم يكن. ويعتبر الأولاد الثلاثة أن الأم بالنسبة اليهم الشخص الذي يربي وليس من ينجب الأولاد.

حاولت الجدة مرات عدة التحدث عن الوالدة بشكل ايجابي. كما أنه ينقل الى الأولاد أن والدتهم تسأل عنهم من حين الى آخر لكنهم يواجهون هذا الأمر بعدم المبالاة.


معاناة وحرمان وتوقيف
الا ان معاناة الأبناء الثلاثة مع العائلة تبقى بسيطة مقارنة مع معاناتهم في مواجهة الحياة. فالمعلوم أن الأوراق الثبوتية أساسية لدخول المدرسة أو المستشفى أو الزواج. وكل ما يملكه الأبناء من هذه, وثيقة ولادة وافادة من المختار وورقة معمودية.

ويروي علاء أن الدولة تطلب من مواليد 1986 ترتيب معاملاتهم من أجل التجنيد الاجباري. وهو اليوم يتفادى المرور على أحد حواجز الجيش لهذا السبب, خوفا من “المشاكل” التي ستطاله لعدم امتلاكه هوية. وبغضب يقول: “لا أستطيع العمل في أي وظيفة في الدولة. حتى انني لا أستطيع العمل في “سوكلين” أو التعلم في مدرسة خاصة”.

كما تحدث عن زيارة قام بها الى عشقوت بهدف الصلاة في أحد الأمكنة المقدسة. وكان يحمل حينها حقيبة سوداء، وبسبب الخوف من الانفجارات الذي كان سائدا في تلك الفترة، اتصل أحد الأشخاص بالأمن للتبليغ عن حقيبة مشبوهة. وأوقف حينها لمدة يومين لأن ما يملكه من أوراق كانت مع المحامي. وقال علاء: “عانيت كثيرا كما انني شعرت بالخوف الشديد. وجرت معاملتي كأنني من جنسية مختلفة. ولم يفرج عني الا بعدما ساعدني أبي”.

أضاف: “بلغت سن 20 وأحتاج الى الهوية أكثر من السابق. وأتجنب الذهاب بعيدا عن بيروت كي لا أهان من جانب الحواجز الأمنية”. ويختصر علاء معاناته واخوته بالقول: “الأهل يأكلون الحصرم والأولاد يضرسون”.


المدرسة بورقة الوزارة
تعلم علاء في مدرسة منيارة الرسمية لغاية الصف السابع. ثم تركها لظروف اضطرارية بحسب قوله. وقد دخل المدرسة بعد حصوله على ورقة من وزارة التربية بمساعدة من مدير المدرسة الذي يعرف معاناة العائلة. كذلك ساعده أهالي الضيعة من خلال تأمين عمل له في احدى ورش الاعمار. ومن خلال المدخول الذي يجنيه يسدد قسما من أجر المنزل الذي يعيش فيه مع والده وشقيقه في برج حمود.

اما علا، الشقيقة الصغرى، فتتلقى تعليمها في ثانوية البنات في منيارة من خلال ورقة حصلت عليها من وزارة التربية, تسمح لها بالدخول الى المدرسة. وتعيش اليوم مع عائلة عمها في عكار بعدما توفيت الجدة. فأقارب الأب لم يتخلوا عن الأبناء الثلاثة منذ صغرهم. في حين قام أقارب الوالدة بمحاولات منذ سنة تقريبا للتقرب منهم.

اذ ساعد صغر سن خال الأبناء, طه عوض, على التقرب منهم بعدما افتعل عمدا مشكلة بسيطة, وهم الآن على تواصل معه.

محاولات فاشلة وأموال مدفوعة
حاول علاء تسجيل نفسه في دوائر قيد النفوس بشكل رسمي للحصول على أوراق ثبوتية، اذ لجأ الى عدد من المحامين, لكنهم لم يساعدوه رغم دفعه الأموال في كل مرة. وبحسب المحامي الذي يتعامل معه أن الأوراق حاضرة ولا تحتاج الا الى محكمة لمتابعتها. وتكاليف المحامي تصل الى نحو 4 آلاف دولار. لكن لغاية اليوم لم يحصل على أي نتيجة، فكل ما يطلبه الأبناء هو الحصول على هوية أو اخراج قيد يعرف عنهم.


ماذا يقول القانون؟
في اتصال أجرته “صدى البلد” مع المحامي عبد الرحمن بتكجي, لمعرفة رأي القانون حول الموضوع, يقول: “انه بحسب الشريعة الاسلامية لا ولاية على المسلم لغير المسلم. وبما أن الوالدة مسلمة فهي تابعة وأولادها لشخص غير مسلم وهذا خطأ. في حين اذا كان الأب مسلما فمن الممكن أن يتزوج من امرأة مسيحية وتبقى على دينها. لذا فالمحاكم الشرعية الاسلامية لا تعترف بزواجها، وفي هذه الحال يصبح الأولاد غير شرعيين ولا يعترف بالزواج”. ورأى أن في لبنان لا يوجد زواج مدني لتطبيقه على هذه الحال.

واعتبر أن أوراق المعمودية لا تكفي بمفردها للتسجيل في دوائر النفوس وللحصول بالتالي على هوية. اذ أنها ادارة عامة وليست لها صلاحية استنسابية. وهذه الدوائر مضطرة لانتظار قرار المحكمة المختصة لتطبيقه. ورأى بتكجي أنه يجب التثبت في المحكمة من أنه حصل زواج لفترة من الزمن, ان من خلال أوراق ولادة الأبناء في المستشفى, أو من خلال أوراق المختار. وبعد اكتمال ملف طلب الحصول على هوية بالوسائل القانونية يصدر الحكم في المحكمة.

أضاف: “كل شخص لا يملك هوية تسقط بعض حقوقه, كالحقوق السياسية ومنها الانتخاب أو خدمة العلم، كما يحرم من التسجيل في المدرسة أو الزواج...”. ما يشكل في الواقع حالة غريبة لظلم لاحق بانسان نتيجة خطأ لم يرتكبه اطلاقا. وهو ما لا تقبل به شرعة حقوق الانسان ولا الشرائع الدولية المرتبطة بها.

منذ أكثر من 200 عام, أوردت قوانين نابوليون أن كل مولود ناتج عن زواج شخصين, هو مواطن كامل الحقوق. فهل من يترجم لنا ذلك في لبنان...