تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الإرهاصات والبشائر والمعوقات - مراجعة وإعادة نظر



حاتم ناصر الشرباتي
04-30-2006, 06:33 AM
الإرهاصات والبشائر والمعوقات

مراجعة واعادة نظر

حاتم ناصر الشرباتي


مقدمة وتمهيد
نحن في هذا الوقت العصيب في حاجة ماسة للأمل بنصر الله أولا، والتمسك بحبل الله والتقيد بما تمليه علينا عقيدتنا من انتهاج طريقة توقيفية لا يجوز العمل بخلافها أو اجتهاد غيرها، وإلا نكون قد تهنا في متاهات السُبُل المُبعدة عن سبيل الله، ومن مستلزمات الطريقة أنها أوكلتنا الإبداع في اجتهاد الوسائل والأساليب المناسبة لكل أمر وحادث وعمل يطرأ على أن تكون من جنسها، لذا اقتضى أن يتمتع حامل الدعوة الساعي للتغيير بعقلية سياسية واعية ومستنيرة، وأن لا يتوانى طرفة عين عن تحليل سياسي واعٍ لكل ما يستجد من وقائع وأحداث، رابطا إياها بمعلوماته الدقيقة عن واقع الخارطة السياسية والمواقف الدولية والتغيرات التي قد تطرأ عليه من تعديلات لسبب أو آخر ووجهة نظره المتبناة.
وبناء عليه فإن من لوازم الاعتقاد وصحة التحليل السياسي وسلامة القرار: إقران الأمَل بقاعدة ربط الأسباب بمسبباتها، والأمل إذا زاد عن حده أو كان في غير موضعه انقلب إلى ضده، فلزم أن نعود إلى دراسة وإعادة نظر في واقع الإرهاصات والبشائر، وعليه أرى من الضرورة التفريق بين الإرهاصات والبشائر، من منطلق تعريفيهما وواقع كل منهما، إذ أن الإرهاصات تعني الدعائم، والبشائر هي الأدلة وما يستأنس به. ومفهوم ذلك أن الأولى تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل ودعمه ونجاحه، والثانية نفسية لا تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل.
وهذا يعني أن على حملة الدّعوة العمل الجاد لإيجاد الإرهاصات التي لا يتحقق حُسن العمل إلا بالعمل على إيجادها، ولا يتحقق الهدف إلا بالعمل الجاد لإيجادها. في حين أن البشائر يُستأنس بها فقط وقد تتحقق، وممكن أن لا تتحقق، وغالبها ـ أي البشائر ـ أتى في ظلال أحاديث تتناول الإخبار عن علم الغيب، وأحاديث علم الغيب لم يحدد منطوقها لها زمناً محدداً. أو أتت من خلال استنتاجات سياسية قد تتغير معطياتها أو نتائجها.
علاوة على أن الاستنتاجات السياسية قد تؤدي إلى نتائج خاطئة إن استندت إلى قواعد أو معطيات خاطئة أو تحليل سياسي غير دقيق. مثال ذلك أن البعض يرى في مشاكل الاقتصاد الأمريكي من البشائر، في حين يرى آخر أن مشاكل الاقتصاد الأمريكي نذير سوء، إذ هو أحد عوامل تطلعهم إلى حرب المسلمين لتحسين اقتصادهم باستيلائهم على موارد البلاد وتحكمهم المباشر بها.
.قد يقال أن البحث جدلي أي بحث عقيم لا يؤدي إلى نتائج، ولكني أرى فيه خِلافَ ذلك، فأرى فيه نقاشاً هادفاً لا بد منه لضمان حُسن العمل، وللحيلولة دون تأخر النصر والانتكاس، خاصة وأن المؤشرات تنبئ بمصائب وكوارث قد تلحق بالأمة نتيجة الحروب الصليبية القادمة التي يستعد لها الكفار يُساندهم جميع حكامنا في العالم الإسلامي لضرب الإسلام والمسلمين والعمل الإسلامي بدءً بأرض العراق وأفغانستان، نسأل الله تعالى أن يجنبنا الشرور والمكارة والأهوال، وأنبه في هذا المقام أن من الانتحار السياسي أن نكونَ كالنعامة تدفن رأسها بالرمال مظنة ألا يراها الصياد، فلا نعطي هذا الموضوع حقه من النقاش الهادف البعيد كل البعد عن الجدل العقيم الذي نسأل الله تعالى أن يجنبنا انتهاجه، وأن نكون من الباحثين عن الحقيقة، الممتثلين بما يمليه علينا واجب الامتثال للشرع، الذين يصفهم شوقي في قصيدة " الخلافة الإسلامية ":


وَمِنَ ألرِجالِ إذا انبريت لَهَدْمِهِم هَرَمٌ غليظَ مَنـــاكِبِ الصفاحِ

فإذا قذفتَ الحَقَ في أجــلادِهِ ترَكَ الصًِراع مُضَعْضَعَ ألألواحِ
وبالرغم من كل البشائر ـ سواء البشائر النقلية أو البشائر الحسابية ـ فإن لم تستوف الشروط المطلوبة في العاملين وعملهم وإعدادهم فلن يتحقق الهدف بالرغم من كل البشائر، والبشارات.ودليل ذلك مفهوم آية: ( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون )[1] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn1) ومفهوم المخالفة للآية أن الوعد ليس لغير الذين أمنوا وعملوا الصالحات حقيقة، فأتى وصف الجماعة الموعودة شرطاً لازماً لتحقق الوعد، فلا يكون الاستخلاف والتمكين وتبديل الخوف بالأمن إلا لمن يستحقه، والاستحقاق مشروط صراحة في سياق الآية.
.لذا يجب أن تقرن دراسة الإرهاصات والبشائر بدراسة " العقبات والموانع " ونتبحر في دراستها، ونواصل إعادة النظر في عملنا وفي تركيبية تكتلنا، وفي أفكارنا المطروحة وتنقيتهم من الشوائب لاتصالهم المباشر لا بل تحكمهم في الإرهاصات والبشائر، ونحول بين المعوقات والموانع وبين تأثيرهم السلبي على العمل، وأن يُقرن البحث بالمعوقات والموانع بالبحث في الإرهاصات والبشائر، والعمل على الحيلولة بين الأولى وبين أن تؤثر على عملنا، بنفس القدر الذي نبحثه في إيجاد الإرهاصات والإستأناس بالبشائر.
أرى في مسألة " إعادة النظر " الحرص المطلوب للمحافظة على التكتل ونقاء أفكاره وقيمه الذاتية، علاوة على أنها حكم شرعي نبه الله تعالى رسوله الأمين لإعمالها في مناسبات عدة في القرآن الكريم، منها: ( عَبَسَ وَتوَلّى أن جاءهُ الأعمْى، وما يُدريك لعله يزكى، أو يَذكرُ فتنفعه الذكرى، أمّا من استغنى، فأنت له تصدى.)[2] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn2) وقوله تعالى: ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.)[3] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn3) وقوله تعالى ( ولا تقولن لشئ إني فاعلٌ ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا. )[4] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn4) وقوله تعالى:( عفا الله عنك لِمَ أذنت لهم حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين.)[5] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn5)
كما أنها قد جاءت في إجماع الصحابة في مواقف عدة: منها طلب أبي بكر من عمر إعادة النظر في موقفه من نفيه لموت الرسول صلى الله عليه وسلم مخاطبا عمر والمسلمين: ( من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.) وحين خاطب عمر أيضا في واقعة الردة بعد ذلك:( أجبارٌ في الجاهلية، خوارٌ في الإسلام يا عمر؟ والله لو منعوني عقال بعير كانوا يٌؤدونهُ لرسول الله لجاهدتهم فيه. ) وما ذلك إلا طلب إعادة النظر في مواقف وآراء.
في أحد معارك المسلمين وعندما لم يتمكنوا من فتح أحد الحصون، طلب قائد الجيش البحث عن سنة مغيبة ربما غفلوا عنها، وبسببها ربما تأخر النصر، وعندما ظنوا أنه ربما يكون ترك السواك، وعندما بدأوا بالتسوك آذن الله بالنصر ودك الحصن.... ليس مرادي في ذلك الدعوة إلى التسوك أو إطلاق اللحى ولبس الدشداشة وتغطية الرأس بالعمامة، بل إعطاء كل ما يمكن أن يكون معوقاً حقه من الدراسة والتمحيص وتحاشي ما نراه معوقاً، والعمل على إيجاد ما نراه داعماً وبذلك نكون قد أخذنا بقاعدة " ربط ألأسباب بمسبباتها "، وأخذنا الحيطة لأي أمر مهما صغر كان المفروض أن نأخذ به، أو أي أمر يقتضي اجتنابه وتحاشيه، وكل عقبة في طريقنا تعطل العمل أو تأخر الوصول إلى الهدف يجب تحطيمها، وذلك من دعاوى الكياسة والفطنة والوعي السياسي المستنير الذي ألزمنا بها الحكم الشرعي، والذي أوجبه علينا كوننا حملة دعوة ساعون للتغيير.جاء في الحديث الشريف: ( المؤمن كَيّسٌ فطِن.) وجاء أيضا: ( أنت على ثغرة من ثغر اٌلإسلام فلا يُأتين بها من قبلك.)، فعدم توفر الوعي السياسي والكياسة والفطنة في حملة الدعوة يُؤدي إلى سلبية العمل، وربما فشله وتأخر وإعاقة الوصول للهدف.
حاتم ناصر الشرباتي – أبو ناصر –


[email protected]

[1] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref1) - النور 55.

[2] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref2) - عبس : ( 1-6)

[3] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref3) - الاسراء : ( 85)

[4] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref4) - الكهف 22 – 23 .

[5] (http://www.saowt.com/forum/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftnref5) - - التوبه 43 .

حاتم الشرباتي - أبو ناصر
07-22-2006, 06:41 AM
في الأزمات*

أنه من المفهوم بداهة أن الأمة الحية تسعى في طريقها للنهضة للعمل على إيجاد الإرهاصات التي تساعد وتدعم وتسهل الوصول للهدف، وتستبشر بالبشائر، وتعمل جاهدة على تحطيم العقبات التي تعيق الوصول للهدف، أو تمنع تحققه.أي تربط وتوازن بين الأسباب والمسببات، وقد كان هذا هو حال الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته والخلفاء من بعده، وكان هذا حال كل الرسل والأنبياء، وكذلك كل الحركات التي عملت على تغيير أوضاع مجتمعاتهم.

في السيرة النبوية الشريفة كان كل عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة منصب على العمل لإيجاد الإرهاصات الداعمة للعمل، من عمله لتثقيف المسلمين، إلى العمل لإيجاد الوعي العام والعملية الصهرية، إلى الاتصال بوفود العرب في موسم الحاج لتحقق النصرة، وذهابه إلى الطائف لدعوة ثقيف ومحاولة الحصول على نصرتهم، كل ذلك كان من وسائل وأساليب الوصول للهدف، وايفادة مصعب بن عمير إلى يثرب كذلك.... وتلقى البشائر وأذاعها بين المسلمين، منها فتح القسطنطينية وروما والقدس، ومنها بشائر زوال كيان فارس، ومنها آيات النصر والفتح.وعمل على تحطيم كل العوائق والعثرات التي تحول بينه وبين الوصول للهدف. إلا أنه لم يكن من طريقته أبداً الاعتماد على الآمال والأوهام والأحلام، لا بل قد حارب ذلك وحال بين أتباعه وبين ألأخذ بها، رابطاً بين الأسباب ومسبباتها.

في حرب الخليج الثانية ( غزو العراق )* كانت مشاعر المسلمين ملتهبة، وكان الأمل يعصف بهم أن يخسف الله الجيش الصليبي المستهدف المسلمين ومقدراتهم وأعراضهم.:

- منهم من توجه لله تعالى تائباً مستغفراً مستعيناً بالصبر والصلاة، رابطاً الأسباب بمسبباتها، متلبساً بالعمل الجاد لعودة صادقة للمسلمين لأوامر الله ودعوته، مستبشراً ببشائر النصر التي وعد الله ورسوله، ملتمساً التقيد بالحكم الشرعي في كل تصرفاته، نادماً مستنجداً وضارعاً لله آملاً نصراً من عنده، وما ذلك على الله بعزيز إن شاء، وهؤلاء هم الفرقة الناجية الذين أنعم الله عليهم بالسداد والتوفيق.

- ومنهم فربق استسلم للأحلام والأماني، ومنهم من عقد الجلسات الطويلة مع الجان لأخذ البشرى منهم أن الله سيرسل على الجيش الغازي سخطا من السماء يأخذ أولهم وأخرهم، ومنهم من استعان بالمنجمين والكهان والعراف وكتب التنبؤات.
وكان أكثرهم قد ذهب بعيدا في تناول أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم المحتوية على البشائر مثل أحاديث: الرايات السود والعمائم السود، وأحاديث إهلاك الجيش الغازي للكعبة، وأحاديث المسيح المنتظر قدومه والمهدي المنتظر...... ومنهم من تناول سورة " الفيل " وحاول تطويعها لتتوافق مع المناسبة....... وحاولوا تطويع تلك الأحاديث والآيات الشريفة بما يتفق مع المناسبة، وطفقوا يقلبون كتب الأحاديث صحاحها وضعافها والكتب القديمة ذات الصفحات الصفراء علهم يجدون بها البشائر التي يفسرونها على هواهم وحسب أوهامهم، وقسم التجأ للإسرائيليات وتنبؤات التوراة وكتب الكفار مثل " تنبؤات فوستر أداموز". وان أتفههم قسم ادعى المعرفة والعلم وعلم الجبر والحساب فاستنجد بالأرقام والرقم 19 بالذات لاستلهام البشائر منه بإعماله في عمليات حسابيه ساذجة على آيات القرآن الكريم ليصل من خلال ذلك إلى ما افترضه من نتائج مُسْبَقة1 .
ويحضرني في هذا المقام قول الشاعر:


وما هو إلا كفارغ بندقٍ = خلِيٌ من المعنى ولكن يُفرْقِعُ


كل هؤلاء وأولئك لم يأخذوا الأسباب بمسبباتها، ولم يتنبهوا إلى ضرورة تحقق شرط الصلاح فيمن يمن الله عليهم بالنصر، مما ورد صراحة في آيات القرآن الكريم، فخالفوا طريقة الإسلام في التفكير والعمل، وضلوا السبيل وأضلوا عباد الله ممن انبهر بمعلوماتهم وظنهم رسلاً وملائكة مبشرين، لذا فعندما وضعت الحرب أوزارها بهت وصعق هؤلاء وأولئك وظهر غباؤهم، ولم يبقى إلا إرسالهم للمصحات النفسية، وقسم قلب يديه مطلقاً الآهات والزفرات والسباب واللعنات والكلمات الجوفاء التي ربما قادته للكفر أو كاد، والسبب في ذلك أنهم أعموا أنفسهم عن الالتزام بطريقة الإسلام الوحيدة في التفكير والعمل، وأطلقوا لأوهامهم وأحلامهم وأرقامهم الحسابية العنان.

الآن والحرب الصليبية على أرض السواد قادمة لا محالة 2 ، وتعاون حكام المسلمين العملاء مع الصليبيين قد ظهرت للعيان بأبشع وأحط صورها، فالنتيجة محققة لا تحتاج إلى بحث. وقد بدأ استنجاد البعض بالبشائر والتنبؤات والأرقام بدون إعمال نظرية الأخذ بالأسباب والمسببات والإرهاصات، وقسم يدعي استلهام البشائر من أحاديثه مع ملائكة الرحمن هذه المرة وليس مع الجان!!! فما يغلب على الظن أن النكسة النفسية التي ستلحق بالأمة نتيجة الحرب ستكون بالغة، لأن نتيجة المعركة محتومة بحيث ستصل إلى ما يقارب وصف القارعة،3 لذا وجب أن ينبه المسلمين لذلك، وأن يتقيدوا بطريقة الرسول في التفكير والعمل، وفي موضوع الإرهاصات والبشائر والمعوقات بالذات. وأنبه هنا إلى ما يلي بما يتصل بالموضوع بصورة مباشرة أو غير مباشرة:

01.أن كلمة ( يا مسلم، ياعبد الله ) الواردة في حديث ( ستقاتلون اليهود وتقتلونهم ) لا تعني إلا خليفة المسلمين وخليفة المسلمين فقط، لذا لن يتأتى قتال يهود وقتلهم إلا بوجود الخليفة المسلم الذي يطبق شرع الله ويقيم حدوده، والذي سيعلن الجهاد لقتال الكفار وتحرير البلاد والعباد وللانتقام لحرمات الله.

2.واقع الأحلام الجاري حدوثه هذه الأيام أن الشخص عندما يرقد في فراشه، يكون تحت تأثير أفكار وتنمنيات بحيث ستتحكم سلفاً في نوعية ونتيجة أحلامه التي ستأتي، لذا فإنّ تلك الأحلام ستكون متطابقة مع ما استولى عليه من رُغبات وتمنيات واستمرار لها، وتلك الأحلام في غالبها أتت لتثبيت ما تمنى ذلك الحالم من أماني ورغبات في يقظته، ومنها آمال ورغبات ايجابية ممكنة التحقق، في حين أن معظمها خيالية صعبة التحقق أو مستحيلة التحقق، مع ملاحظة أن قسم من الناس يقوم بالأحلام حتى وهو يقظ.

3..أرى في منع الرسول صلى الله عليه وسلم أجرة العراف والكاهن، وتحريمه تصديق العراف والكاهن، أرى في ذلك تحريماً لقراءة واقتناء كتب التنجيم والتنبؤات وتصديقها.

4..احتوت بعض كتب البشائر المطبوعة في مصر، تثبيتاً لآيات الله وأحاديث رسوله بمقارنتها بنصوص وردت في كتب الديانات الأخرى مثل نصوص التوراة وأقوال أشعيا، وأرى في ذلك مخالفة شرعية، فنحن لسنا بحاجة لإثبات صدق الله ورسولة بطريقة مقارنتهم بأقوال الديانات الأخرى، وأرى أن أمثال تلك المخالفات الشرعية قد تصل لدرجة الكفر والعياذ بالله تعالى. 4

05.بالنسبة لكتاب ( انجيل برنابا ) فقد جرى تهريبه من مكتبة بابا الفاتيكان عن عمد، بهدف إيصاله للمسلمين لأن به ما يوافق عقيدتهم من إنكار صلب السيد المسيح عليه السلام، والبشرى بإرسال رسول من العرب، ومرادهم من ذلك تصديق هذا الكتاب في الأمور الأخرى، علماً بأن الكتاب هو أحد الأناجيل المزورة والمعتمدة من كنيسة روما، فوجب الحذر من الانسياق وراء هذا الكتاب أو غيره من الكتب، وقد منع رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءة كتب النصارى واليهود حين قال لعمر بن الخطاب مستهجناً قراءته صحيفة من التوراة بقوله: ألم آتِ بها بيضاء ناصعة يا عمر!!

06.أما بالنسبة لكتاب ( بروتوكولات حكماء صهيون ) فقد كتبه شياطين وحاخامات يهود، وتعمدوا تسريبه خلسة للمسلمين، بهدف تخويفهم وإرعابهم وليروا في يهود قوة خفية خارقة، وكان ما كان حيث انطلت الخديعة على نفر من بسطاء المسلمين، الذين طفقوا يطبعون ويوزعون الكتاب، وهم يحسبون أنهم يُحسنون صُنعاً، أو أنهم أحضروا رأس كليب!!!!! ومما يعزز ما ذهبت إليه أن تلفزيون مصر وفضائيات عربية أخرى قامت بأعداد حلقات تمثيلية تلفزيونية عن الكتاب وعن طريقة الحصول عليه باسم ( فارس بلا جواد ) بطولة محمد صبحي، وقبل إذاعة الحلقات أقامت المخابرات ووسائل الإعلام اليهودية والأمريكية زوبعة حول الحلقات متهمة إياها بمعاداة السامية، على أن فضائية مصر وبعض الفضائيات الأخرى أصرت على إذاعة الحلقات في حين تراجعت فضائيات عربيه أخرى عن ذلك نتيجة الزوبعة اليهودية الأمريكية!!! في حين أننا نعلم أن فضائية مصر والفضائيات العربية الأخرى التي أذاعته لا تحتاج إلى أكثر من أمر من مخابرات يهود أو المخابرات الأمريكية لو كان الاعتراض عليها حقيقياً، مما يؤكد أن الزوبعة في فنجان، والقصد من الحملة على التمثيلية هي لدفع المشاهدين لمشاهدتها، وللفت الأنظار ثانية لقراءة الكتاب في هذا الظرف بالذات، وبنادق يهود تقتل المسلمين في فلسطين، وآليات يهود تدمر بيوتهم على رؤوسهم، وتقتلع أشجارهم، لزيادة الرعب بين المسلمين، ولإعطاء يهود وكيانهم صورة القوم المتحكمون في العالم أجمع، والكيان الذي يصعب الوقوف أمامه، خاصة وقد أعلنها أبو جهل وأبو لهب وأبو رغال من حكام المسلمين في مؤتمر بيروت أن السلام خيار استراتجي!!!!

07.أما كتاب ( تنبؤات فوستر أداموز ) فأداموز هو كاهن صليبي كافر يعتمد على نصوص كتابهم المسمى ( الكتاب المقدس ) وينشرها ويبشر بها، وهو من عداد الكتب الدينية الكافرة المعتمدة على التنبؤات المحرمة شرعاً، فوجب التنبيه على خطورة الإنجرار واللهث على اقتناء تلك الكتب الدنسه، وان ما ورد ذكره في الكتاب المذكور وتركيزه على النصر الآتي بقيادة الآشوري، والكتب الأخرى المشابهة التي تذكر أن النصر آتٍ بقيادة السفياني، المقصود من أمثال تلك التنبآت هو لتحويل المسلمين للهث وراء ما يسمى بالآشوري أو السفياني أو أو أو... بدل التوجه الصحيح المطلوب منهم في مفهوم حديث: ( ستقاتلون اليهود وتقتلونهم.. ) وهو العمل على إيجاد خليفة المسلمين الذي يتحقق به وبه وحده مفهوم الحديث الشريف من انتصار المسلمين على الكفار سواء اليهود أو غيرهم، ولا يمكن بحال تحققه على يد غيره من المسلمين، علاوة على أن من يُشير إليه أداموز وغيره سواء الآشوري أو السفياني هم كفار.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
* - كتب هذا البحث قبل حرب الخليج الأولى.
1 - بسام جرار – عجيبة تسعة عشر بين تخلف المسلمين وضلالات المدعين.
2 - كتب هذا البحث قبل حرب الخليج الأولى.
3 - هذا القسم من البحث تم كتابته قبل الغزو في أوائل شهرآذار سنة 2003م.
4- - د. عبد الناصر مدبولي الخضري ـ الحرب العالمية الثالثة بين الاسلام والغرب.
ـ أنظر أيضا : د. فاروق الدسوقي. البيان النبوي بدمار إسرائيل وتحرير الأقصى. طبعة الولى 1418هـ/1198م.


وللبحث بقية ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>>>

--------------------
http://naqed.info/550880737.jpg (http://www.sharabati.org/)

حاتم الشرباتي
07-27-2006, 10:03 AM
الجان والإستعانة بهم
بالنسبة لقيام بعض المسلمين باستحضار الجان، لاستخدام قدراتهم في تحقيق بعض الخدمات الخاصة، من تطبيب وغيره، أو لمعرفة بعض العلوم منهم، أو لاستخدامهم في معرفة أخبار الناس وحوادثهم والقيام بالتجسس عليهم، أو لمعرفة واقع معين، أو لمعرفة علوم المستقبل منهم، وقد جرى ذلك وكثر خلال الحرب الصليبية السابقة على العراق لاستلهام البشائر منهم حول نتائج تلك الحرب:

ـ واقع الجن أنهم موجودون، منهم المُسلمون ومنهم الكافرون. ورد في سورة الجن: ﴿ ﴿ قل أوحيًَّ إليّ أنه استمع نفرٌ من الجِّنِ فقالوا أنا سمعنا قرآناً عجباً* يهدي إلى الرّشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحداَ* وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا* وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا* وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا* وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا* وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا* وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلِئت حرسا شديدا وشهبا* وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا* وأنا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا* وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا* وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا* وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا* وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فاؤلئك تحروا رشدا* وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا* ﴾ ﴾

ومفهوم الآيات السابقات يُعلمنا أن من الجان المسلم ومنهم الكافر كما في الإنسان، لا بل أن استعانة الإنسان بالجان تقوده إلى متاهات وضلالات لا يعرف سوى الله تعالى نهايتها، ربما تصل أحيانا إلى الكفر والعياذ بالله تعالى.

ـ إن أمكن اتصال البشر بالجان وإجراء المحادثات معهم ـ وأظنه ممكن بغاية السهولة ـ فلا يوجد ما يمنع مجرد الاتصال شرعا، فهو من المباحات، ويتعلق في مثل هذا الاتصال الأحكام الشرعية المختلفة حسب نوع ذلك الاتصال. ومن الملاحظ أن معظم المتصل بهم من الجن هم من الكفار، وهؤلاء لم يحققوا للمتصل بهم رغبات إلا بعد قيامه بإجابة طلبات معينة لهم ( على قاعدة خدمة مقابل خدمة )، ومعظمها أعمال مخالفة للشرع، فمثل تلك الاتصالات وما يتبعها هي من المحرمات شرعا.

ـ واقع الجان أنهم موجودين منذ بدأ الخلق، وقد استعملهم سليمان في بعض الأعمال، وبما أن شرع من قبلنا ليس شرعا لنا، فلا يُلزِمُنا استخدام سليمان لهم، وقد كانوا موجودون زمن الرسول صلى الله عليه وسلم فلم يستخدمهم لا في أعمال الدعوة ولا في غيرها، ولم يستعملهم في استطلاع أخبار العدو في المعارك، ولا في معرفة علوم الغيب كما يفعل الناس اليوم، كما لم يلتجئ إليهم صحابته ولا الخلفاء وقواد الجيوش بعده، مما يُرشدنا لعدم جدوى وتفاهة ذلك، ومما يوجهنا إلى أن أعمال الدعوة تتم بوسائل بشرية فقط.

ـ بعد استقراء واقع اتصال الناس بهم، وُجِدَ أن قدرات الجن محدودة، وأن ما يرويه الناس عن قدراتهم مُبالغ به، حتى لقد ثبت فشلهم الذريع في مجال الطب، وان نجحوا في علاج البشر أحيانا، فأرى من هذا المنطلق أن الاستعانة بهم هي مضيعة للوقت، خاصة بعد تقدم العلوم الطبية لدى البشر.
ـ ممكن أن تكون علومهم ومعلوماتهم فيما حصل من أعمال غزيرة، إلا أن من الكذب الادعاء بمعرفتهم علوم الغيب فلا يعلم الغيب إلا الله تعالى، لذا فمن الخطورة الشديدة الاستعانة بهم لمعرفة علوم الغيب واستلهام البشائر، ويحرم شرعا القيام بذلك.

ـ لقد ثبت اتصال واستخدام بعض أجهزة المخابرات الكافرة بهم، وأنا على قناعة أن من يتصل بهم الناس في منطقتنا هم من المجندين لدى مخابرات يهود، وهؤلاء كفار ومنافقون يَدََّعونَ الإسلام لتحقيق غايات مُسْتخدِميهم، حتى أن بعضهم قد أوهم السذج من المتصلين بهم أنهم من حملة الدعوة، وأنهم يخدمونهم لمنفعة الدعوة وضد الكفار، ولم ينطلي هذا على من أنعم الله عليهم بالوعي والاستنارة.

ـ مع قرب حلول الغزو الصليبي للعراق، سمعنا بمن يدعي أن ملائكة الرحمن يتصلون به، وبناء عليه ينشر البشائر بين الناس بأن الله سيدمر الجيش الغازي أوله وآخرة.....، ومع أننا نأمل أن يتم ذلك، أسأل: أليس من الممكن أن من يتصل به من منافقي الجن عملاء المخابرات الكافرة ؟ خاصة وأنه لم يرد اتصال الملائكة بأي من البشر ـ بما فيهم الصحابة رضوان الله عليهم ـ بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يرد أي نص أو دليل شرعي يوحي بإمكانية حدوث مثل ذلك، والملائكة هم مبلغون عن الله تعالى للبشرـ الرُسُل والأنبياء ومن اختارهم الله تعالى وفضلهم عن العالمين لأمر عظيم كمريم بنت عمران أم السيد المسيح ـ . وبعد نزول آية: ﴿ ﴿ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ﴾ ﴾ لم يبقَ ضرورة لتبليغ البشر غير ما ورد في القرآن الذي لم يفرط الله به من شئ لقوله تعالى: ﴿ ﴿ ما فرطنا في الكتاب من شئ ﴾ ﴾

ـ حديثا قرأت كتابا أهداني مؤلفه نسخة منه، يركز به كاتبه على أن عدم التعوذ بالله من الشيطان هي خطيئة، بل أولى خطايا الإنسان التي يعقبها باقي الخطايا، ويسرد فيه محاولة قام بها المؤلف ـ تحت تأثره برواية توفيق الحكيم "الشهيد" التي ينعتها فيما بعد بالكفرـ بما لم يسبقه إليه أحد وهو إجراء حوار مع إبليس لمحاولة هدايته !! حيث يقول: ( لقد وصل بي الغباء إلى محاولة هداية إبليس، فاتبعت طريقة تغري إبليس بالقدوم إلي....) وبعد عدة جلسات مع أبي مُرّة كما يدعي مؤلف الكتاب أو يتوهم ذلك، كانت النتيجة المحتومة التي يرويها مؤلف الكتاب نفسه: ( قد لا يصدق أحدكم أن ذلك قد تم، لذا أخبركم أن هذه المغامرة قد أدت إلى دخولي مستشفى الأمراض النفسية.... وهي مغامرة غير محمودة العواقب، ودفعت لها الثمن غاليا ولا أزال أدفع.)

ولمعرفتي الشخصية وصداقتي الحميمة لمؤلف الكتاب وتقواه وورعه وعلمه الغزير ـ وهو يحمل شهادة أكاديمية محترمة ـ وكان له أبحاث واعية في إثبات وجود الله تعالى، ونقاشات هادفة مع مشاهير العلماء في الصحف، وغيرها من الأبحاث الهادفة، وقام بمحاولته تلك أثناء الغزو الصليبي الأول للعراق، وتحت تأثير الأمل الزائد، المقرون بالأوهام والخيالات، قام بمحاولته الغير مسئولة والغير محمودة النتائج، مما أوقعه فيما نوه إليه من مشاكل عانى منها كثيراً ولا يزال يعاني، مما لم يحسب له حساب حين أقدم على مغامرته الطرزانية.

فأنصح كل مُسلم يؤمن بالله ورسوله أن يتقيد بطريقة الرسول صلى الله عليه وسلم وَحْدَها في العمل، التي يعلمنا أنها المحجة البيضاء التي تركها لنا، ولن نضل أبداً إن تمسكنا بها وعضضنا عليها بالنواجذ، وربط الأسباب بمسبباتها، وعدم اللجوء للوسائل الخفية غير البشرية، مثل الاتصال بالجن واستلهام البشائر منهم والتي لم ترد بطريقة شرعية، وخلاف ذلك فأدعو الله تعالى أن يُجنب كل مكابر نتيجة جهله وعناده.

﴿ هذا بيانٌ لِلناس وَهُدىً وَرَحْمَةً وَمَوْعِظَةٌ للمُتقين * ولا تهِنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعْلَوْنَ إن كنتم مُؤمنين * إن يَمْسَسْكم قَرْحٌ فقد مَسَّ القومَ قَرْحٌ مِِثلُهُ وتلكَ الأيام نُُداوِلُها بينَ الناس ولِيَعْلَمَ الله الذينَ آمنوا وَيَتخِذً مِنْكُم شُهَداءَ وَالله لا يُحبُّ الظالمين*وليمحص الله الذين آمنوا وليمحَقَ الكافرين * أم حَسِبْتُم أن تدخلوا الجنة ولمّا يَعْلمِ الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين. ﴾


وللبحث بقية ان شاء الله >>>>>>>>>>>>>>>>>>

حاتم الشرباتي
07-27-2006, 10:05 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
( قل أوحيًَّ إليّ أنه استمع نفرٌ من الجِّنِ فقالوا أنا سمعنا قرآناً عجباً* يهدي إلى الرّشد فأمنا به ولن نشرك بربنا أحداَ* وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا* وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا* وأنا ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا* وأنه كان رجالٌ من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا* وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا* وأنا لمسنا السماء فوجدناها مُلِئت حرسا شديدا وشهبا* وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا* وأنا لا ندري أشرٌّ أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا* وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا* وأنا ظننا أن لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا* وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا* وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن أسلم فاؤلئك تحروا رشدا* وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا* )

حاتم ناصر الشرباتي
07-28-2006, 06:23 AM
جواب سؤال

السؤال:
ما هو الرابط بين موضوع الجان مع فكرة الإرهصات ؟ وهل فكرة استحضار الجان واستخدامهم هي من الأفكار التي يجب أن نتناولها بالنقد ؟ سؤالين مطروحين، ونخن بانتظار متابعة طرح الفكرة الرئيسية " الإرهاصات والبشائر والمعوقات"ا

الجواب:
لو كنت مكان الأخ جابر لاستغربت اقحام موضوع الجان في بحث يتناول الارهاصات والبشائر والمعوقات، ومن عاش أجواء حرب الخليج أو الحرب الصليبية الأولى على العراق لأدرك تعلق موضوع الجان بموضوع البحث، فقد درج الناس عندنا في فلسطين باللجوء للأحلام واستقدام الجان في حل قضايا المسلمين، فبالأحلام وايحاءات الجان رأواصورة صدام حسين مطبوعة على صفحة القمر، وبها رأوا الله يُرسل خسفاً من السماء يبيد أول الجيش الغازي وآخرة، وبالأحلام رأوا المهدي المنتظر في شخص السفياني والمرواني وفي شخص صدام حسين، كما رأوه سابقاً وبالأحلام في شخص الخميني.... نعم لقد عقدوا الآمال على الأحلام واطمئنوا لترهات من وتقوا بهم من الجان فكانت تلك هي ارهاصاتهم ومبشراتهم. والحقيقة أنها كانت أهم معوقات القدرة على التفكير الجاد عندهم ، فأعاقت التفكير وخدرت النفوس ومنتها بالنصر المبين على يد طاغية كافر عدوٌ لله ورسوله.
أخي جابر
بعد انتهاء الحرب وسقوط بغداد ، قامت سيدة تحاول انهاض زوجها النائم ليقوم لصلاة الفجر وكان ممن اتخذ الأحلام واستحضار الجان سلماً وارهاصاً لبلوغ النصر ، فأجابها وقد أخذت الهزيمة عقله وأثرت على ايمانه : أين هو الله الذي أصلي له ؟ ......... مثل هذا الرجل لم يأخذ الأسباب بمسبباتها والا لتوقع الهزيمة الأكيدة وما حلم بالنصر ولا لجأ لأكاذيب وترهات الجان، لكل هذا وغيره رأيت ربط مسأله الأحلام واستضار الجان كنوع من المعوقات البالغة الخطورة والتي تشكل أحجار عثرة في طريق العاملين المخلصين.

طالب عوض الله
07-29-2006, 06:03 AM
سؤال:
كلام جميل لكنه عام جداً، فهلا خصصت وحددت، وذكرت لنا أفكاراً محددة كي نقوم "بإعادة النظر فيها"؟
وهل الأفكار التي ترى أنها بحاجة لإعادة نظر هي من أحكام الطريقة أو الفكرة أو أنها من الأساليب والوسائل أم أنها من جميعها؟
وما هي نوعية الافكار التي هي بحاجة لإعادة نظر، هل هي مما تتعلق بالكتلة أو بالأفراد ؟
فإذا كانت مما تتعلق بالكتلة، فهل عدم تطبيق تلك الافكار من قبل بعض افراد الكتلة تعيق إيجاد الإرهاصات ؟
وإذا كانت مما تتعلق بالأفراد فهل عدم تطبيقها من قبل البعض وتطبيقها من البعض الآخر ضمن الكتلة يؤدي إلى التأثير السلبي على سير الكتلة ؟
هل يمكنك دعم كلامك بأمثلة من الواقع الحالي للكتلة ؟ لقد ذكرت مثال السواك لتقريب الفكرة التي تريد أن تبينها، فهل يمكن أن تذكر لنا أمثلة مشابهة لمثال السواك ولكن من الواقع الحالي ؟

طالب عوض الله
08-13-2006, 06:59 PM
في السيرة النبوية الشريفة كان كل عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة منصب على العمل لإيجاد الإرهاصات الداعمة للعمل، من عمله لتثقيف المسلمين، إلى العمل لإيجاد الوعي العام والعمليةالصهرية، )

ممكن أخي الكريم تعطيني نبذة عن الثقافة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثقف بها المسلمين,وأيضاً من الذي ثقف رسول الله , فحسب علمي أنه كان قبل البعثة أمياً ( أي ليس مثقفا) ألا ترى معي أن كلمة تثقيف لا تصلح ؟؟ أم تراني أخطأت في الفهم .. أرجو التوضيح.
http://www.alhiwar.net/vb/images/misc/quotes/quot-bot-left.gif

حاتم ناصر الشرباتي
08-13-2006, 07:05 PM
في السيرة النبوية الشريفة كان كل عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة المكرمة منصب على العمل لإيجاد الإرهاصات الداعمة للعمل، من عمله لتثقيف المسلمين، إلى العمل لإيجاد الوعي العام والعمليةالصهرية، )



ممكن أخي الكريم تعطيني نبذة عن الثقافة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثقف بها المسلمين,وأيضاً من الذي ثقف رسول الله , فحسب علمي أنه كان قبل البعثة أمياً ( أي ليس مثقفا) ألا ترى معي أن كلمة تثقيف لا تصلح ؟؟ أم تراني أخطأت في الفهم .. أرجو التوضيح.
http://www.alhiwar.net/vb/images/misc/quotes/quot-bot-left.gif


الجواب:
يُعلمنا القرآن الكريم أنّ قصة خَلق البشرية قد بدأت بآدم عليه السَّلام، وَسَبَقَ ذلك مُحاوَرَةً بين الله تعالى وبين ملائكته، مُخْبِراً إياهم بأنّهُ سيستخلفُ في الأرضِ خَليفَة وهو الإنسان متمثلاً بادئ الأمر بآدم، وأنّه سيمكن لهم في الأرض بإعطائهم السُّلطان عليها.

تعجب الملائكة ووجلت قلوبهم، لقد رأى الملائكة في أنفسهم أنهم أحق بخلافة الأرض من ذلك المخلوق المُنْتَظَر، إذ هم يسبحون بحمد الله ويقدسونه ولا يعصونه ما أمرهم، فلماذا يستخلف فيها من إذا تمكن فيها عصاه وأفسد فيها وبطش وسفك الدماء؟ فأجابهم العالِم العليم أنّه يعلم ما لا يعلمون.

وهنا يعرض القرآن الكريم تكريم آدم الإنسان، فهو علاوة على استخلافة في الأرض، قد أكرمه الله بالعقل والإدراك والتفكير، وفضَّله على الملائكة بِالعِلم، فقد علمه الله تعالى أسماء الموجودات جميعاً، ولمّا سأل الملائكة أجابوا: (﴿سُبْحانَكَ لا عِلْم َ لَنا إلا ما عَلَمْتَنا﴾)[ 1] فالله تعالى وحده هو عالِم كل شئ، ذو الحكمة والعِلم، وليس لأحد كان أن يعلَم إلا ما علمه الله.

عندها طلب من آدم أن ينبئهم الأسماء، فلما طلب منه ذلك أخبرهم آدم بجميع الأسماء، وذلك ما يُظْهِرُ فضل آدم عليهم بزيادة علمه عنهم، وهنا يذكرهم الله أنّه يعلَم ما لا يعلمون، وأنّ له حكمة أرادها في خلق الإنسان واستخلافه في الأرض، فالله تعالى عليم بكل الخفايا والأسرار وبواطن الأمور، عليم بما يُظهرون بالقول والفعل، وبما قد يكتمونه في أنفسهم.

إنَّ تعليم آدم الأسماء لا يقتصر على المسميات نفسها، بل هو تَعليمٌ وَتَثْقيفٌ عام بكل المخلوقات والموجودات وكيفيّة الإستفادة منها، وَتَعْليمٌ بِصِفات الأشْياء وَخًواصِها وطرق الإستفادة منها حيث هي مسخرة له، فهو عِلْمٌ عام شامِلٌ يحوى الأسماء وصفاتها.[2 ] في ذلك يقول العلامة تقي الدين النبهاني: وأمّا قوله تعالى [وعلم آدم الأسماء كلها][3 ] فإنّ المراد منه مسميات الأشياء لا اللغات، أي علمه حقائق الأشياء وخواصها، أي أعطاه المعلومات التي يستعملها للحكم على الأشياء)[4 ]

وهنا لا بد لنا من معرفة أنّ الإنسان يختلف عن غيره من المخلوقات بالعقل أي القدرة على التفكير، والتفكير حكم على ماهية شئ أو حكم على واقع، وحتى يتم هذا التفكير بصورة تعطي الحكم الصادق الصحيح لَزم أن يستكمل هذا التفكير الشـروط اللازمة له، فعمليـة التفكير تجري بنقل الواقع المحسوس إلى الدِّماغ بواسطة إحدى الحواس مع ضرورة وجود معلومات سابقة عند الإنسان المُفَكر تفسر ذلك الواقع، فإذا إنعدمت إحدى تلك الأساسيات لا يتم الحكم على الواقع أو على الشئ بالصورة الصحيحة، وعناصر التفكير أربعة:

1. دماغ صالح.
2. واقع محسوس.
3. حواس.
4. معلومات سابقة.

وبما أنّ الله تعالى قد وَهَبَ آدم الدّماغ الصالح والحواس، وَأوْجَدَهُ في واقع معيّن، لذا لزم أن يُزَوِدَهُ الله تعالى بالمعلومات "الأسماء وصفاتها وخواصها" حتى تتم عمليّة التفكير للحكم على الأشياء والوقائع. لذا فقد علّم الله آدم كلها.

إنَّ قصَّة خَلق آدم وما رافقها من وقائع وأحداث، قد وردت مفصلة في القرآن الكريم في عدة مواضع، شارحة ومفصلة، معلمة إيانا، مبينة لنا وقائعها الحقيقية، طالبة منا الإعتقاد الجاذم بها، فإلى النُّصوص القرآنيّة التي تقص علينا ذلك، قال تعالى:
1. من سورة البقره .
(﴿وَإذْ قالَ رَبُكَ للمَلائِكَةِ إنيّ جاعِلٌ في الأرْضِ خَليفَةً قالوا أتَجْعَلَ فيها مًنْ يُفْسِدُ وَيَسْفِكَ الدِماءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قالَ إنّي أعْلَمُ ما لا تَعْلَمونَ  وَعَلَمَ آدَمَ الأسْماءَ كُلُها ثُمَّ عَرَضَهُم عَلى المَلائِكَةِ فَقالَ أنبِؤني بِأسْماء هؤلاءِ إنْ كُنْتُم صادقين  قالوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إلا ما عَلَمْتَنا إنَّكَ أنْتَ العَليمُ الحَكيم  قالَ يا آدَمُ أنْبِئْهُم بِأسْمائِهِم فَلَمّا أنْبَأهُم بِأسْمائِهِم قالَ ألَم أقُلْ لَكُمْ أنّي أعْلَمُ غَيْبَ السَمَواتِ والأرْضِ وَاعْلَمُ ما تُبْدونَ وما كُنْتُمْ تَكْتُمون  وَإذْ قُلْنا لِلمَلائِكَةِ أسْجُدوا لآدَمَ فَسَجَدوا إلآ إبْليسَ أبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الكافرين ﴾)[5 ]
وأعلم أخي الحبيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إنّما العلم بالتعلم ) أي التلقي عن الغير ، وفي ما تقدم نعلم أن الله تعالى قد علم آدم بتزويده المعلومات السابقة اللازمة للعملية التفكيرية أي اللازمة للحكم على الواقع. ورسول الله صلى الله عليه وسلم قد تلقى العلم والثقافة وأمور الدين بوحي السماء المتنزل عليه - القرآن الكريم - وكونه كان أمياً يعني أنه كان غير ملم بالقراءة والكتابة ولا يعني فقدانه الثقافة والعلم والمفاهيم.

فالثقافة هي : الحَذَق : المعارف التي تُؤخذ عن طريق الإخبار والتلقي والاستنتاج . وثقافة الرسول تثقف بها بالاسلام الذي اوحي عليه من الله تعالى فأوجدت عنده المفاهيم الاسلامية أي التقافة الاسلامية ، التي أمر بتثقيف المسلمين بها:
فلنتأمل الآيات التالية :
﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5﴾)(6)
﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا (4) إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)﴾ (7)
﴿يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5)وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6)وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)﴾ (8)

دعوة لأخذ العلم والثقافة وتركيزها كمفاهيم ، والقيام بتثقيف الناس وتعليمهم تلك الثقافة لتتركز لديهم كمفاهيم, وقولنا مفاهيم ينفي كونها مجرد معلومات، فالمفاهيم هي مجموعة القناعات المطابقة للواقع - المحسوس والمغيب - جرى التصديق الجاذم بهات عن طريق عقلي وأخذت من الشخص موضع التقيد والتنفيذ... وحين نقول عن طريق عقلي فنقصد الكيفية التي تم فيها ربط الواقع بالمعلومات والمعلومات بالواقع بقياسها بقاعدة معينة أو قواعد معينة.
وقد كان عمل الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة منحصر بدعوة الناس لترك مفاهيم الجاهليه ولقبول مفاهيم الاسلام، وبالتالي تثقيف المسلمين بالثقافة الاسلامية في الحلقات المركزة في دار الأرقم بن أبي الأرقم ليوجد منهم شخصيات اسلامية متثقفة بالاسلام وتدعوا له وتسمى تلك بالثقافة المركزة أي التي يُركز فيها على اعداد الشخصيات المثقفة التي ستحمل الاسلام وتحاول تثقيف غيرها، والمحور الثاني من الثقافة هو الثقافة الجماعية والهادفة لنوع آخر لا علاقة له بالاعداد الشخصي بل يكون منصباً على ايجاد أجواء تأدي إلى وعي عام على الثقافة يادي إلى رأي عام ، وهو ما حدث في المدينة المنورة بعد رحلة مصعب بن عمير التثقيفية التي أحدثت رأياً عاماً يطلب الاسلام ونجم ذلك عن وعي عام أتى عن طريق التثقيف الجماعي الذي يكون بالخطب والدروس والندوات والاجتماعات ، وفي زمننا بوسائل الاعلام المختلفة.

ونخلص للقول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان في قمة الثقافة والا لما استطاع تثقيف الصحابة بالاسلام لأنّ فاقد الشئ لا يُعطيه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ

[****] النبهاني – الشيخ تقي الدين، التفكير، صفحه ( 5 ).
- سابق – سيد سابق، العقائد الإسلامية، صفحه ( 111 ).
- القرطبي – محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن ( تفسير القرطبي )، صفحه ( 294 ).
[1] البقرة: ( 32 ).
[2] تفسير ابن كثير، المجلد الأول، صفحه ( 74 ). بتصرف.
[3] البقره: ( 31 ).
[4] النبهاني – الشيخ تقي الدين، الشخصية الإسلامية، الجزء الثالث، صفحه ( 117 ).
[5] البقرة: ( 30 – 34 ).
[6] العلق : 1- 5
[7] المزمل : 1-5
[8] المدثر : 1-7

﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنَنَّ لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فاؤلئك هم الفاسقون.﴾

وللبحث بقية بحول الله تعالى. >>>>>>>>>>>>>>>>>>>>

حاتم ناصر الشرباتي
08-15-2006, 07:23 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات ( 3 )

1. في التكتل وحملة الدّعوة والمعوقات



قال تعالى من سورة الفتح:﴿مُحَمَّدٌ رَسولُ اللهِ وَالذينَ مَعَهُ أشِدّاءُ عَلى الكُفارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تراهُمْ رُكعاً سُجَّداً يَبْتغونَ فضلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سيماهُمْ في وُجوهِهِم مِنْ أثرِ السُّجود. ﴾وقال تعالى من سورة لقمان:﴿ وإذ قال لقمان لابنهِ وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إنّ الشرك لظلم عظيم * .﴾ ﴿ يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور* ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحاً إنّ الله لا يحب كل مختال فخور* واقصد في مشيك واغضض من صوتك إنّ أنكر الأصوات لصوت الحمير﴾
من مفهوم الآيات الكريمات والتي فصلت وبينت وحددت شكل وهيئة التكتل الهادف وفصلت وحددت بصورة حصرية شكل ونوعية القائمين عليه المشمولين بصلاحيتهم لعملية التغيير المستحقين نصر الله دون سواهم من البشر، بل حتى دون سواهم من جماعة المسلمين:
01. أوصاف حملة الدعوة كما ورد في خطبة أبي حمزة الشاري: (يا أهل مكة، تعيروني بأصحابي تزعمون أنهم شباب، وهل كان أصحاب رسول ألله صلى الله عليه وسلم إلا شباباً ؟ نعم الشباب عمية عن الشر أعينهم، بطيئة عن الباطل أرجلهم، قد نظر الله إليهم في آناء الليل منثنية أصلابهم بمثاني القرآن، إذا مرّ أحدهم بآية فيها ذكر الجنة بكى شوقاً إليها، وإذا مرّ بآية فيها ذكر النار شهق شهقة كأن زفير جهنم في أذنيه.). وفي خطبة أخرى له يقول: (ألا وان لله بقايا من عباده لم يتحروا في ظلمها، ولم يشايعوا أهلها على شبهها، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، ركبوا منهج السبيل، وقاموا على العلَم الأعظم هم خصماء الشيطان الرجيم، بهم يصلح الله البلاد، ويدفع عن العباد، طوبى لهم وللمستصبحين بنورهم، وأسأل الله أن يجعلنا منهم.) 02. وردت أحاديث عدة في الصحاح يذم الرسول صلى الله علية وسلم المتنطعين والمتفيقهين والمختالين والمنافقين....... ويبشرهم بالهلاك وسوء الحال، وكذا فقد ذمّ الله تعالى من يُخالف سلوكه ما يحمل ويدعو له من فكر في قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون، كَبُرَ مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون﴾ لذا فإن وجود أمثال تلك النوعيات بين حملة الدعوة يكون من المعوقات والموانع، ووجب أن يُحال بين تلك النوعيات وبين الانتظام في التكتل، لأنهم سَيَكونونَ عالة عَليه ما داموا على فسادِهِمْ وانحِرافِهم، معوقين للنصر والوصول إلى الهدف، ووجب أن ينقى التكتل منهم كما ينقي الكير الحديد.
03. لذا وجب أن تكتمل الشخصية الاسلامية ، بحيث يتم التزاوج الكامل بين العقلية والنفسية بلا أي شوائب، لأن فاقد الشء لا يعطيه.
04. من البديهي أن أي تكتل سيكون وبالاً على الأمة إذا وصل إلى قيادتها وبينه وخاصة في قياداته من يشك في إخلاصه وتقواه وورعه، لذا فأرى الحذر الشديد في اختيار الأفراد والمسؤلين على السواء، ومراجعة وضع كل من ينبه لمخالفاته وسلوكياته، وقد عزل الرسول والخلفاء من بعده الولاة لمجرد الشكوى منهم. ويسمي الحزب قيادة الأمه بمن في نفوسهم مرض من أمثال من ذكرت في كتاب " التكتل الحزبي " بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب، لا الأمة.
05. يجب التفريق بين الشخصية الإسلامية وبين حامل الدعوة، إذ الثاني حامل لواء تغيير، فلا يسري عليه ما يسري على الأول، بمعنى أن الثغرات في السلوك غير مستهجن وجودها في الأول لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: " كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون " ولقوله تعالى: "﴿ قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً﴾ " أما في الثاني فيُستهجَنُ وُجودها لمفهوم آية لقمان الواردة، ولأن فاقد الشئ لا يُعطيه، فلا يكون بين حملة الدعوة كاذب ولا منافق ولا خائن أمانة ولا من لا يراعي تقوى الله في سلوكه الشخصي، ولا مرتكب أي نوع من أنواع المخالفات الشرعية مهما كان نوعه، والناس لا يستهجنون المخالفات الشرعية أو السلوك المنحرف في أي شريحة من شرائح المسلمين: لا يستهجنوها في المشايخ ولا في أفراد التكتلات الأخرى حتى في تلك المنتسبة اسماً للإسلام، بل يستهجنون ذلك في شباب الحزب، وذلك طبيعي لأن غالبية المسلمين يُدرِكونَ أن حزبنا هو الوحيد الصالح للتغيير، وأن أفكارنا هي أرقى أفكار وُجدت، فيستهجنون في من يحمل تلك الأفكار كيف ينحرف!! مثالُ ذلكَ: عِندَما اقترف أحد الشباب معصية عَرّفهُ أحدهم لزميله: ألا تعرفه ؟ إنه صاحب فرضية الدعوة.
06.في قول لأحد الفقهاء " إذا رأيتموني أنازع جاراً أو قريباً فاشهدوا لي بالجنون واكووا رأسي بالنار " وهذا القول يعني مدى فهم ذلك الفقيه لمعنى الجوار في الإسلام، ولمعنى صلة الرحم في الإسلام، ويعكس لنا مدى تقدير ذلك الفقيه لمركزه كفقيه ينظر إليه الناس بتلك ألصفه ألمميزه، فكيف يأخذ الناس علمهم من فقيه دَعِيٌ منحرف أو صاحب مشاكل؟. وبناء عليه فلا مكان في التكتل لدائم الخلاف مع أهله وجيرانه وزبائنه، ولا مكان في التكتل لصاحب المشاكل مع المتعاملين معه، ثبتت عليه المخالفة أم لم تثبت، لأن كثرة مشاكله تعني انحرافه بتواتر المعنى، وتعني بالتالي أن أمثال هذا يشكل مسبة في جبين التكتل.
07. ليس المقصود بالحالات التي سقتها شخصاً بعينه أو أشخاص مشخصين، بل حالات وجدت أو أمكن وجودها بين البشر، بعد دراسة مستفيضة لنفسيات البشر، وباستعراض بعض الحالات التي مرت في تاريخ التكتلات، كما أنبه أن لا يتبادر إلى الذهن أن المخالفات والسلوك المعوج موجودة في حملة الدعوة كما يدعي من بقلبه حقد وغل ، فشبابنا والحمد لله تعالى هم الصفوة المختارة من الأمة، والشّامة التي لا تغيب عن البصر، مصابيح النور في أفواههم تزهو، وألسنتهم بحجج الكتاب تنطق، تلاميذ مجدد الفكر الإسلامي في القرن العشرين سماحة الشيخ تقي الدين النبهاني، وصاحبه وخلفه سماحة الشيخ عبد القديم زلوم، وإخوان صوت الحق تحت قبة البرلمان، رافض الثقة بالحكام ورافض سن أنظمة وأحكام الكفر، سماحة الشيخ أحمد الداعور، حاملوا لواء التغيير بقيادة أميرهم وقائدهم فضيلة الشيخ عطا أبو الرشته، الذين ركبوا منهج السبيل، خصماء الشيطان الرجيم وطواغيته في الأرض، بهم سيصلح الله البلاد إن شاء الله، ويدفع عن العباد، وبهم من شابه الصحابة وأصحاب عيسى بن مريم الذين نشروا بالمناشير وحملوا على الخشب. صبروا على البلاء والعذاب وقطع الأرزاق والأعناق، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا، أنهم أمل الأمة ورجائها وقادتها للخير والنصر أن شاء الله. إلا أنّ وجود المنحرفين بينهم ـ وآمل أن لا يوجد ـ يسئ للحزب وجودهم داخل تكتله، لا بل يُستهجن وجودهم داخل التكتل لأنهم ليسوا من نوعية حاملي هذا الفكر. هذا مع العلم أن الحكم الشرعي قد أوجب علينا عدم التفتيش عن سلوك الناس وأسرارهم والبحث عن مخالفاتهم وانحرافاتهم، فالمقصود هنا من اشتهر بين الناس بسلوك منحرف ومخالفات شرعية، أو من يُنبه لانحرافه السلوكي.


يتبع إن شاء الله..........

حاتم ناصر الشرباتي
08-27-2006, 07:48 PM
الارهاصات والبشائر والمعوقات
تابع
8. أنه من البديهي أن عمل حامل الدعوة الأول والأهم هو أعمال الدعوة، لذا وجب أن يبرز الشباب في المجتمع بصفتهم الحزبية، من الامتثال والتقيد التام بالأحكام الشرعية وكل ما يفرضه بالضرورة انضمامه لهذا التكتل، فيكون حكمه على الوقائع الجارية في مجتمعة منسجماً مع ما يحمل من فكر، ومن البديهي أن أعماله جميعاً ستكون منطبقة ومتوافقة مع فكره، ويجب أن يبرز ذلك فيه، وأن يبرز الشاب في مجتمعة بصفته حامل دعوة وليس بأي صفة أخرى. ومما هو معلوم بالضرورة حتمية أخذ كل شاب الدور القيادي الرائد في تبني مصالح الوسط الموجود به من عائلته إلى الحي القاطن به وصولاً للبلد والولاية التي هو بها، وأن يُراعى في ذلك أن يكون هذا الدور منسجما مع فكره، وأن يعطى الانطباع لدى الناس أن تحرك هذا الشاب هو بصفته الحزبية وليس بصفته الشخصية، وينطبق ذلك على أعمال " رجال الإصلاح " من شبابنا الذين يتبنون حل المشاكل العشائرية بين الناس، فهم أولى شبابنا في تحري الحق والحق وَحدَه في حلّ المشاكل، وعدم مخالفة طريقة الإسلام بتاتاً في ذلك مهما كانت الظروف، ولا ينسوا بتاتاً ما ورد ورُكِز عَليه في كتاب " التكتل الحزبي - صفحة 48 -" من أننا يجب أن نعمل على تغيير الواقع بما نحمل من أفكار لا أن نكون من جنسِ الواقع، فنقوم بتغيير قوانين وأعراف وعادات المجتمع الفاسدة بفكرنا لا العكس، وأن يَبرُزَ بين الناس أن توجههم هذا هو بصفتهم الحزبية وليس الشخصية. ومن البديهي أن حامل الدعوة متحدٍ سافر يتحدى أفكار المجتمع المغلوطة، وعاداته الفاسدة، وشرائعه وعقائده الكافرة، لا يُداجي في ذلك ولا يُهادن،[1] (http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=115824#_ftn1) وليس من طريقته التدرج في تطبيق الأحكام أو التكيف مع المجتمع وواقعه المخالف لفكره، وخلاف ذلك يكون غير أهل للانتظام في تكتل حزبي انقلابي، وحبذا لو جلس في بيته فأراح واستراح.والمراد من ذلك كثرة الإنتقادات التي توجه لبعض رجال الاصلاح من انتهاج أساليب خاطئة وممجوجة في أثناء قيامهم بحل مشاكل الناس، من ضغط على الضعيف لصالح القوي، مع القناعة بأن الضعيف هو صاحب الحق، وأحيانا سكوت عن منكر وكذب ونفاق بحجة إسكات فتنة. سالكين طريق " نبل الغاية يبرر نوع الوسيلة " مخالفين قاعدة " الوسيلة إلى الحرام حرام ".
09.بالرغم من كل ما سبق من ضرورة تنقية التكتلات السياسية القائمة على أساس الإسلام، والسائرة نحو هدف إجتثاث الفساد من المجتمع وقيام مجتمع اسلامي خلاق ومبدع على أنقاضه، تنقيتهم من كل الأفراد الذين يشكل وجودهم فيه ضررا على التكتل ونقائه، إلا أني أرى أن واجب التكتل هو المعالجة والتقويم قبل الكسر، وكما أن الكي آخر العلاج، فالبتر هو آخر الطرق التي ينبغي أن يسبقها محاولة التقويم والمثابرة عليها، فتكتل يسعى لإصلاح أوضاع مجتمع لا نسفه، أحرى به أن يقوِمَ اعوجاج أفراده لا كسرهم وتعقيدهم وإعانة الشيطان عليهم، وتحويلهم إلى خصوم وأعداء. وكما أن الله تعالى قد جعل التوبة ماسحة للذنوب، فوجب على التكتل السياسي أن يقبل من أكثر أفراده اعوجاجا توجههم نحو الصلاح وانصلاح الأحوال، لا بل من واجبه دفعهم لذلك ومساعدتهم فيه. فغير مقبول من التكتل أن من كان مظنة اعوجاج أو انحراف أو سوء سلوك أن يُعْمَلَ على بتره وتعقيده وإبقاء المجهر مسلط عليه والسيف مشهر في وجهه والنطع جاهز لاستقبال رأسه، إن أبدى الرغبة في إصلاح حاله وتقويم اعوجاجه. وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذري.
وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذري. .ماذا يعني هذا بالضبط ؟؟؟؟؟؟.
وبربط نهاية الموضوع وهي موضع البحث، بما سبق، يجد السائل أنه :من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، وبما أنه مظنة سوء فقط ولم يثبت السوء أو الفساد عليه فقد بقي محسوب على التكتل شئنا أم أبينا، وله عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!!
لذا وهنا بيت القصيد: فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام بصفته لم يخرُجْ ولم يُخْرَجْ، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب، إن خَ رَجَ أوْ أُخْرِجَ.
أما العضو الناقص العضوية: وهو من كان مظنة سوء عند اخوانه، ولم يثبت عليه السوء بعد، فمعاملته بريب وشك وحذر وإدانة لمجرد الشك وقبل ثبوت التهمة أو في حالة العجز عن اثبالتها. هذه هي حالة نقص العضوية بظلم وبلا حق. مما ينطبق عليها أنها حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذريأمل أن أكون قد أوضحت ما أشكل فهمه.

[1] (http://www.saowt.com/forum/showthread.php?p=115824#_ftnref1) - التكتل الحزبي، صفحة : ( 48 )

حاتم ناصر الشرباتي
09-14-2006, 02:37 PM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات (5 )
3. في التكتل وحملة الدّعوة والمعوقات



10.إن من المخالفات ما لا ينطبق عليها البند السابق ولا تندرج في نطاقه، فالشباب الذين تمردوا على التكتل أو عملوا على هدمه أو الإساءة إليه أو عملوا أو تبنوا أو حملوا خلاف متبنياته،وخاصة من نكث منهم، لا مكان لهم في التكتل، وبالتالي الاحترام الواجب، وكذا مرتكب المخالفات الشرعية التي تخرج الشاب عن صفة الشخصية الإسلامية من شباب التكتل أو تبعده عنها أو تخالف صفته كحامل لواء التغيير وأصحاب السلوك المعوج الذين لا أمل في صلاحهم ومرتكبو الفواحش، كل هؤلاء هم وصمة عار في جبين الدعوة، ويجب أن ينقى التكتل منهم، فليس من المجدي ترهل الجسم بجسم غريب وسام.
11.إن من الخطورة البالغة قيام المسئول بألكيل بمكيالين، بالتفريق في التعامل بين الشباب، بحيث يتم التهاون في التعامل مع مخالفات نوعيات وتبرير مخالفاتهم، مع التشديد في معاملة مخالفات شباب آخرين، وهذه الحالة توجدُ في الحزب مراكز قوى وأتباع ومحاسيب، وتحرف العمل الحزبي عن مساره. وقد عانينا من هذه المسألة سابقا أشد المعاناة قبل عاصفة النكث، وربما كانت تلك المسألة بالذات من عوامل شدة تأثير النكث.... كما يفضل انتهاج آليــــــة سليمة ودقيقة في التعامل مع المخالفات وطريقة التحقيق فيها بحيث يراعى فيها الكياسة والفطنة والرغبة في الوصول إلى الحقيقة بغض النظر عن وجهة نظر المتحقق في الشخص المحقق معه والتجرد التام من قناعته الشخصية، وحتى التجرد من المعلومات السابقة.
12.قال تعالى:﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم ﴾
ومن مفهوم الآية الشريفة نرى أنه يُحظر على المسئول معاملة الشباب بفوقية وتعالي أو بفظاظة مهما كانت الحالات، وذلك أكثر ما يباعد بين الشباب وبين المسئولين ويخلخل الثقة والود بينهم ، ويبعد التعاون المنتج ويشكل حائلا أمام المصارحة المطلوبة المنتجة للتعاون. وقد يحول المسئول إلى شخص مرعب مرهوب الجانب، في حين أن المفروض أنه أخ وراعٍ ومقوم، مما يعيق العمل ويحرفه عن اتجاهه الصحيح. وأرى في مثل تلك الحالة أحد مقاصد ما ورد في كتاب التكتل الحزبي صفحة 53 : بالخطر الطبقي الذي يتسرب إلى رجال الحزب لا الأمة . كما أِشير إلى أن ثقة الأمة بالحزب وتقديرها له، ومدى الكسب الذي كسبناه على مدى سنين بما في ذلك كسب ثقة الناس واحترامهم وتأييدهم لنا ولفكرنا قد تحقق على يد أناس أشداء على الكفار رحماء بينهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود، وهذا القول موجه لكل مسؤول قبل المسؤولية مهما كانت، كالمسؤولية في التكتل الساسي، وإمارة السفر، والادارة التجارية، ومسؤول الدوائر الحكومية .
13. لدى استعراض الأحكام الشرعية نجد أن الشرع قد خطّ معادلة دقيقة في كيفية التعامل بين الأفراد ومسئوليهم عموما في المجتمع والتكتل، وفي الحياة العامة، وبيّن أن فساد المسئول أو انحرافه أو أخطائه في معالجة الأمور تشكل خطورة في سير الدعوة، لذا فيجب تمكين أفراد التكتل من محاسبة المسئول وتنبيهه إلى ما قد يصدر عنه من أخطاء في معالجاته أو طريقة تعامله مع شبابه، مع انتهاج أسلوب الأدب البالغ في التخاطب، بحيث تكون المحاسبة بقصد تقويم الاعوجاج وتصحيح الأخطاء، ويحظر أن يكون ذلك بالأسلوب الفظ وبغاية كسب المواقف والاحراج، أي يجب أن يكون ذلك من واجب النصيحة والحرص على الدعوة وسيرها، والاخلاص يوجب الطاعة الكاملة غير المنقوصة، ولا يجوز لأي من أفراد التكتل نزع يدٍ من طاعة أخذ برأيه ونصحه أم لا. رأى أن المسئول قد أحسن إليه أم أساء، أكرم أخوته أم جلد ظهره بالسياط، فرش له النمارق أم أعد له النطع، فله عليه واجب الرعاية والأخوة وتمكينه من المحاسبة، ولهم عليه واجب الطاعة الكاملة، فإن الله سائلهم يوم القيامة عما استرعاهم وعما ائتمنهم عليه.

يتبع ان شاء الله

حاتم ناصر الشرباتي
09-19-2006, 07:12 AM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات -6 -

بشارة الإسراء


لقد مرّت الدعوة الإسلامية في مسيرتها الشاقة بأحداث سجام ومصاعب جمة، وأحجار عثرة وضعها الكفار للحيلولة بين الدعوة وبين الانتشار، وللحقيقة أنها ليست أحجار عثرة فحسب، بل كانت صخور صلدة اتخذت أشكالاً ووجوه عدة ، وبرعوا في التفنن فيها، وفي سد الثغرات التي من الممكن أن يستعين بها المسلون للنفاذ من هذا الحصار القوي الشكيمة والنفاذ لتحقيق ما يرمون اليه ويخططون له، وللحقيقة فأينما يكون معوقات يكون هناك مبشرات يطمئن اليها حامل الدعوة وتعطيه دفعة من الأمل والقوة التي تعينه على تحمل الصعاب، والتخطيط لتحطيم المعوقات.

لقد كان أول مراحل الدعوة لا بل أساسها وقوامها ومحركها ، فكانت البعثة المحمدية المباركة التي أشرق نورها من أول بيت وضع للناس، بيت الله العتيق بمكة أم القرى، ومن حكمة ظهور نور الدعوة من بيت الله العتيق أنه كان موضع التقديس والعبادة عند العرب، ومركز عبادتهم، وبداخله كانت أصنامهم المعبودة، وقد كانت قريش هي صاحبة السيادة الدينية والقيادة الساسية والريادة القبلية على العرب عامة في المجتمع الجاهلي، فكانت صاحبة مركز القيادة والكيان السياسي المهاب، لذا فقد كانت بحكم هذا الواقع وبحكم مركزها كبلد المقدسات وأهل الحرم، في مركز اقتصادي قوي، فكانت رحلاتها التجارية المكوكية من اليمن إلى الشام وبالعكس في أمن بالغ ، ومحرزة منم أن يتعرض لها متعرض من العرب بغزو أو نهب ، فكان العرب كافة على اختلاف مواقعهم ومراكزهم يهابونها نظراً لمنعة كيانها السياسي، ومركزها الديني، وهم جميعاً يحجون إلى بيتها.

﴿لإيلاف قريش، ايلا فهم رحلة الشتاء والصيف، فليعبدوا رب هذا البيت، الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف.﴾

نعم ، لقد كانت الحكمة الإلاهية أن يبزغ نور الدعوة الإسلامية من البيت العتيق، المقدس من العرب كافة، نعم، من هذا البيت المقدس ، مقدس وقد رفع قواعده إبراهيم جد الأنبياء وولده اسماعيل عليهما السلام:


﴿وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ البقرة 127

فكان أن انطلقت الدعوة الاسلامية من مركز القوة ، مركز قوة الشرك والجاهلية ، فتتحدى العرب كافة قاصيهم ودانيهم، بتحديها وتسفيهها مركز قوتهم السياسية والدينية والقبلية.

وجائت مرحلة أخرى ذات منعطف خطير المتمثل في حادجث الهجرة الشريفة إلى المدينة المنورة " يثرب" وقيام المجتمع الإسلامي ككيان سياسي وعسكري واقتصادي منفصل عن مجتمع مكة، ورافضاً للسلطة السياسية والدينية لها، لا بل كيان فريد متميز ومخالف لما كان عليه حال الكيانات في الجاهلية، وكان أن بني ثاني مساجد الاسلام في الجزيرة العربية، وهو المسجد النبوي الشريف، منهياً قاعدة المسجد الواحد، والمكان الواحد، ومثبتاً في الوقت نفسه قدسية البيت العتيق.

للبحث بقية إن شاء الله......

حاتم ناصر الشرباتي
09-19-2006, 07:21 AM
وردني من الأخ الشاعر " سيف الحق " ما يلي:
بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه
الحمد لله الذي جعلنا مسلمين وهدانا لهذا الدين
الحمد لله الذي سخر من عباده نفرا يدعون للحق المبين

أما بعد

فمنذ أن وضع أخونا الفاضل ابو ناصر الشرباتي هذا الموضوع قبل ما يزيد عن الأسبوع وأنا أتحين الفرصة للتفرغ لدراسته ، ولا أقول قراءته ، فمثل هذه المادة لا تقرأ وإنما تدرس دراسة ، وتراجع حتى تتتركز في الذهن وتتحول الكلمات والجمل إلى معان راسخة في النفس ، تحول دون الانتكاس أو الانحراف ، وتبعث في النفس الأمل وتجدده وتقضي على اليأس الذي يمكن أن يصيب حامل الدعوة لطول الطريق وترفع الإحباط الذي قد يتسرب في النفوس من المعاناة الدائمة التي يتعرض لها حامل الدعوة في سبيله الشاق العسير.
مفاهيم ميسور فهمها عميق معناها ، تحمل القارئ حملا ليزداد ثقة في صحة المنهج الذي يسير به مسترشدا خطى الأنبياء والمرسلين في صفاء النية ، ونقاء السريرة ، والإخلاص في العمل .

لم أكتب هذا مجاملة للكاتب بل إدراكا للمكتوب الذي أسأل الله أن يلهمني العمل بصواب ما جاء فيه .
وهذه دعوة لمن لم يقرأ المقال أن يتابعه ويدرسه بقلب واع وعقل متفتح ، ليدرك من ذاته إن كان هو بشير أم معيق ، فإن وجد نفسه بشيرا فليتمم الطريق ، ويجدد النية والإخلاص لله في عمله ، ومن وجد في نفسه غير ذلك فليعمل على مراجعتها . وباب التوبة مفتوح
قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ

أخي الكريم ابو ناصر
لا أريد التدخل في مسار الموضوع ، أو استباق ما قد حضرته وأعددته لنا في متابعة المقال ، ولكني أتمنى أن تخصص بابا مفصلا في مخاطبة الأمة .
وبارك الله بك وجزاك الله خيرا



بارك الله في الأخ : سيف الحق على مداخلته اللطيفة، وحقاً أننا أحوج ما نكون إدراك واقع الارهاصات والبشائر، وأن نفرق بينهم، لأن التفريق يقيود لإتقان العمل، والخلط بينهما يأدي بالتأكيد إلى تشوش الفهم واختلاط الأفكار بالشوائب مما يأدي إلى تغير المسار والانحراف عن الفكر ، وتخبط السير.وبناء كانت ضرورة ربطهم ببحث الموانع والمعوقات ولا بد.

وقصة التفكير في كتابة البحث كانت كما جاء في ردي على أخي وصديقي الأستاذ سيف الدين عابد.

إقتباس
من أجمل ما صادفته وأبهجني وزاد حبوري بتواجدي ومشاركتي في هذا المنتدى الطيب ـ، ان أحوز على شرف عظيم هو أن يعقب على موضوع لي الأستاذ والأخ الكبير " سيف الدين عابد " لو كنت أعلم مسبقاً بأني سأحوذ هذا الشرف العظيم لسارعت في الكتابه،وأذكرك أن هذا المقال كنت قد كتبته إثر جلسة قيمة معك جعلتني أتفاعل مع موضوعك القيم الذي طرحته علينا في الجلسة، فأكتب موضوعي موافقاً لك في معظمه ومخالفاً في النذر اليسير منه ، أتذكر ؟
شاكراً اخي الحبيب على هذا التعقيب الجميل، وشاكراً لإدارة هذا الموقع التي كان لها شرف اجتماعنا سوية في موضوع.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركانه


لم يخطر ببالي أن أعطي هذا الموضوع الأهمية البالغة حتى كانت جلسة خاصة بدأ فيها الأخ سيف الدين بالتكلم عن واقع الارهاصات والبشائر، وفي نقاش الموضوع كان هناك اختلاف يسير في بحث الأمر بيننا، مما حداني لإعادة النظر في واقع الأمرين، فعمدت أفكر وأفكر وأفكر حتى هداني الله للوصول لما كتبته بعد اقران البحث بواقع ما جرى في حرب الخليج الثانية ( حرب اصحاب الفيل على أرض السواد ) من مفارقات غريبة ومستهجنة ، ومن تصرفات كادت توصل أصحابها إلى الخروج من الملة، وذلك لعدم ادراك واقع كل منهمكا وللخلط الشنيع بينهم مما أوصلهم لإنزال أحاديث البشائر على وقائع ما يجري ، مما أوصلعهم لدرجة العيش بأحلام اليقظه وأحلام المنام، حتى تبين لهم الواقع المرير ، الذي لو أحسنوا التفكير لتوقعوا حدوث ما حدث. كل هذا ألجئني لكتابة ما كتبت ، ولم أقم بنشره إلا في هذا المنتدى الطيب، لكي يبهجني ويزيد حبوري أن يعقب عليه أخي وحبيبي سيف الدين.
أما قولك : ( ....وأنا أتحين الفرصة للتفرغ لدراسته ، ولا أقول قراءته ، فمثل هذه المادة لا تقرأ وإنما تدرس دراسة ، وتراجع حتى تتتركز في الذهن وتتحول الكلمات والجمل إلى معان راسخة في النفس ، تحول دون الانتكاس أو الانحراف ، وتبعث في النفس الأمل وتجدده وتقضي على اليأس الذي يمكن أن يصيب حامل الدعوة لطول الطريق وترفع الإحباط الذي قد يتسرب في النفوس من المعاناة الدائمة التي يتعرض لها حامل الدعوة في سبيله الشاق العسير.......) فهو قول حق لأن من قرأه من ألإخوان عندنا قرائة سطحية دون التأمل الكافي ، خرج من قرائته بنتيجة مغايرة ومخالفة لروح منطوق ومفهوم النص. شكراً لك وبارك الله فيك، وأحمد الله تعالى أن هناك تفاعل مع الموضوع. وبالنسبة لما سيلي من حلقات متممة للموضوع فلم أصل لقرار في ذلك وشكراً لتوجيهك الجميل حيث تقول:



إقتباس
لا أريد التدخل في مسار الموضوع ، أو استباق ما قد حضرته وأعددته لنا في متابعة المقال ، ولكني أتمنى أن تخصص بابا مفصلا في مخاطبة الأمة .
وبارك الله بك وجزاك الله خيرا


فقد أعطيتني فكرة تغيير مسار فيما سيأتي، وبالله تعالى المستعان.

حاتم ناصر الشرباتي
09-20-2006, 02:02 PM
أخي الحبيب إذا لم تكن شخصية حامل الدعوة هي شخصيه إسلامية فماذا تكون شخصيته ؟

فهلا أوضحت لي أخي الحبيب كيف أن السلوك الخاطئ لا يسري على حامل الدعوة و هو مقصور على شخصية أي مسلم مع العلم كلاهما بشر يخطئ و يصيب

قلتم آية "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً"

لا تنطبق على حملة الدعوة، فهل هناك ما يؤيد هذا الفهم و استثناء حامل الدعوة من عموم الآية ؟

و هل حملة الدعوة بوصفهم بشر لا يسرفون على أنفسهم ؟

فما هو دليل التخصيص أو قرينة التخصيص هل هي الآية في سورة لقمان ؟

أما كون حامل الدعوة لا يكذب و لا يخون ................. فهذه من البديهيات و هذا أمر و كونه قد يخطئ و يرتكب الحرام أمر آخر و قد سبق لبعض الصحابة و من الذين شهدوا بدر أن وقعوا في الحرام .

واسمح لي أخي الحبيب أن أتساءل كيف نوفق بين فهمكم لمفهوم شخصية حامل الدعوة من هذا ؟


أما عن استهجان الناس فالناس تستهجن أي عمل إذا كان بارز فيه المعصية و لا يقتصر الاستهجان فقط على حملة الدعوة بل يطال الكثير من الناس الذين يرتكبون الموبقات و هذا أمر محسوس أخي فهلا وضحت لي أكثر في هذا الشأن .

هذا ما أحببت أن أقوله متسائلاً أخي مع خالص الحب و التقدير لكم .
أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذري.
شيخنا الفاضل أبو ناصر أكرمك الله برضوانه ..

هلا بينت لنا ملامح ما أسميته (العضو الناقص العضوية) وهل يرادفها قولنا (فاقد للجزئية الحزبية) ؟؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــ
كان هذا سؤال موجه من الأخ راجي العقابي وهو استفسار عما ورد في نهاية الحلقة الخامسة حيث ورد ما يلي:
(............0وأشير هنا أنه حتى كل من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، له عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!! فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام، وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب. أما العضو الناقص العضوية فهي حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذري. .............)

وبربط نهاية الموضوع وهي موضع البحث، بما سبق، تجد يا أخي راجي أنه :من كان مظنة سوء من أفراد التكتل بقي في صفوف التكتل ولم توقع عليه عقوبة ما لأي سبب من الأسباب فانه محسوب على التكتل ما دام فيه، وبما أنه مظنة سوء فقط ولم يثبت السوء أو الفساد عليه فقد بقي محسوب على التكتل شئنا أم أبينا، وله عليه واجب الاحترام والرعاية الكاملة ما دام في التكتل، فلا تلصق على ظهره يافطة المتهم طيلة حياته، ولا يجوز بأي حال من الأحوال النظر إليه كمشبوه ومعاملته من هذا المنطلق، ليبقى بين صفوف التكتل قلقا طريدا منبوذا خائفا مرعوبا يشكو إلى الله ظلم مَن مِنَ المفروض أنهم أهله وإخوانه ورعاته وأمرائه !!!!!!

لذا وهنا بيت القصيد: فإما فرد من الأفراد له كامل الحقوق والاحترام بصفته لم يخرُجْ ولم يُخْرَجْ،
وإما ليس من التكتل وخارج صفوفه ليس له عليه الواجب المكتسب، إن خَ رَجَ أوْ أُخْرِجَ.
أما العضو الناقص العضوية: وهو من كان مظنة سوء عند اخوانه، ولم يثبت عليه السوء بعد، فمعاملته بريب وشك وحذر وإدانة لمجرد الشك وقبل ثبوت التهمة أو في حالة العجز عن اثبالتها. هذه هي حالة نقص العضوية بظلم وبلا حق. مما ينطبق عليها أنها
حالة نشاز معيبة في ذاتها وغير مسموح بها في التكتلات السياسية المستهدفة التغيير الجذري
أمل أن أكون قد أوضحت ما أشكل ف
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــسؤال الأخ أبو النور

أخي الحبيب إذا لم تكن شخصية حامل الدعوة هي شخصيه إسلامية فماذا تكون شخصيته ؟

فهلا أوضحت لي أخي الحبيب كيف أن السلوك الخاطئ لا يسري على حامل الدعوة و هو مقصور على شخصية أي مسلم مع العلم كلاهما بشر يخطئ و يصيب

قلتم آية "قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله، إن الله يغفر الذنوب جميعاً"

لا تنطبق على حملة الدعوة، فهل هناك ما يؤيد هذا الفهم و استثناء حامل الدعوة من عموم الآية ؟

و هل حملة الدعوة بوصفهم بشر لا يسرفون على أنفسهم ؟

فما هو دليل التخصيص أو قرينة التخصيص هل هي الآية في سورة لقمان ؟

أما كون حامل الدعوة لا يكذب و لا يخون ................. فهذه من البديهيات و هذا أمر و كونه قد يخطئ و يرتكب الحرام أمر آخر و قد سبق لبعض الصحابة و من الذين شهدوا بدر أن وقعوا في الحرام .

واسمح لي أخي الحبيب أن أتساءل كيف نوفق بين فهمكم لمفهوم شخصية حامل الدعوة من هذا ؟


أما عن استهجان الناس فالناس تستهجن أي عمل إذا كان بارز فيه المعصية و لا يقتصر الاستهجان فقط على حملة الدعوة بل يطال الكثير من الناس الذين يرتكبون الموبقات و هذا أمر محسوس أخي فهلا وضحت لي أكثر في هذا الشأن .

هذا ما أحببت أن أقوله متسائلاً أخي مع خالص الحب و التقدير لكم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ جواب
فبارك الله في الأخ السائل، حيث كشف سؤاله ابهاماً وعدم توضيح كاف في النص المعترض عليه، فأوضح ما قد يكون أشكل فهمه.

بسم الله الرحمن الرحيم
قال تعالى من سورة لقمان :

﴿يا بني أقم الصلاة وأمُرْ بالمَعْروفِ وانْهَ عضنِ المُنْكَرِ واصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور ﴾
في الآيات السابقات كان محور الايات يدور في محيط إعداد الشخصية الإسلامية الملتزمة من مثل ( ووصينا الإنسان بوالديه ) و ( وإذ قال لقمان لإبنه وهو يعظه: يا بني لا تشرك بالله ) و ( ولا تصعر خدك للناس ) و ( واقصد في مشيك ) ألاية 17 التي دارت مدار تكوين حامل الدعوة بعد اعداده كشخصية اسلامية، لذا فقد الحقها بنهاية الآية ( واصبر على ما أصابك ) لم يشار اليها إلا في هذه الآية من السورة مما يعني أن التقيد بالأمر الآتي في هذه الية سيعرض الشخص لمقاومة وأذى الناس وتعذيبهم، فأمر بالصبر كما أمر بالصلاة وكما أعد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن المعلوم بالضرورة أنه أينما ورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يصرف ذلك لحمل الدعوة.
وواقع حامل الدعوة أنه يأتي للمجتمع بجديد يخالف قواعد المجتمع من أفكار وعقائد وأحكام وتقاليد وأعراف، مما يستوجب أن يقاوم حامل الدعوة، وأن تقابل بالعصي السياط، وان تفتح له السجون والمعتقلات، فامجتمع ألف ما توارثه عمن قبله منها وليس من السهل قبوله بتحدي ما تعارفوا عليه وجعلوه قانون ودستور حياة.
هذا هو الفرق بين المسلم في حالة الشخصية الاسلامية وبينه في حالة حامل الدعوة بالنسبة لموقف القبول أو الرفض من المجتمع، أما بالنسبة للفرق بينهما من ناحية الأحكام التي تسري عليهما ومن ناحية نظرة الناس له، فنظرة الناس لحامل الدعوة تختلف عن نظرتهم لأي كان من البشر، فحامل الدعوة حامل لواء تغيير ، والعامل للتغيير لن يحوز على رضى الناس عامتهم وخاصتهم إلا إذا تناول التغيير شخصيته بحيث تحولت لنزعة الكمال ( النزعة والرغبة والتصرفات وليس الكمال الكامل ) ولن يتسامح المجتمع مع حامل دعوة إذا لم تأثر فيه الأفكار التي يحملها ، وطبيعي أن حامل الدعوة سيغير الواقع الفاسد بقوة تأثير وتفاعل الأفكار في المجتمع ، تلك الأفكار المعدة للإحداث العملية الانقلابية الشاملة، ومن البديهي أن تلك الأفكار إن لم تتفاعل ايجاباً مع حاملها بتغيير سلوكه بحسبها فلن تفلح حقيقة في احداث التفاعل والتأثير في المجتمع.
وذلك ما ترشدنا اليه سورة لقمان التي أرشدتنا عن عملية صنع حامل الدعوة على عين بصيرة، فلقمان أعد ابنه ليصبح شخصية اسلامية مميزة، مقياس أعمالها الأوامر والنواهي الشرعية، ثم انتقل لتحويله لحامل دعوة، فنبهه لثقل مسؤلية أن يحمل الدعوة،والتبعات الإضافية المترتبة على ذلك، ( واصبر على ما أصابك إنّ ذلك من عزم الأمور ) . فهناك فرق بين الإثنين في واقع النظرة العامة لهم.
إلا أنه يجب أن نعي أن تلك النظرات لا يترتب عليها اختلاف وجهة النظر من ناحية شرعية، بمعنى أن أية :

﴿قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً﴾ تنطبق على حامل الدعوة بنفس المقايسس الشرعية في حالات غيره من المسلمين. وحديث ( كل بني آدنم خطاء وخير الخطائين التوابون ) يشمل وبنفس الدرجة حامل الدعوة كما يشمل غيره من الناس بدون أي فرق يذكر. فلا يوجد من ناحية شرعية أي تخصيص ولا أي قرينة للتخصيص.
أما التفريق الحاصل بين الشخصية الإسلامية وبين حامل الدعوة ، فالتفريق حاصل من ناحية نظرة الناس ، وحاصل من ناحية إدارية ، ينتهجها التكتل لحماية تكتله من أن يتطرق له أي عيب أو أي فساد، وطبيعي أن التكتل السياسي المستهدف للتغيير يعمل بالأولى ويركز على العمل به، وهذا آت من فهمنا لمفهوم الأولى في قوله تعالى
﴿عبس وتولى أن جائه الأعمى وما يدريك لعله يزكى﴾
ومن قوله تعالى: ﴿غفر الله لك لم أذنت لهم ﴾. فيعمد التكتل لفرض تبعات حزبية ليس مطالب بها بقية المسلمين، والتكتل يحاسب على عدم الالتزام بالأوامر الإدارية التي يأمر بها أفراده والغير مطلوبة من عامة الناس شرعاً.
وباختصار شديد فإن التفريق المقصود في النص بين حامل الدعوة وبين الشخصية الاسلامية – حتى النموذجية منها – هو تفريق اداري مرتبط بقاعدة الأولى ، ومرتبط بالتنزه عن بعض المباحات، ومرتبط بنظرة الإحترام والتبجيل له من عامة الناس، ومرتبط باستهجان العامة لعدم تأثير الفكر الانقلابي في صاحبه التأثير الفعال.

والحمد لله رب العالمين.

يتبع ان شاء الله

حاتم ناصر الشرباتي
09-25-2006, 11:16 AM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات -8 -

في التفريق بين واقع الإرهاصات والبشائر


وورد من أحد الأخوة التعقيب التالي:


في الحقيقة لقد طرقتَ موضوعًا بُحّت أصواتنا مع الناس فيه، وقد أجدتَ والله فيه.
وأتمنى عليك أن تركز العدسة أكثر قليلاً على الفرق بين الإرهاصات و البشائر، فهو جد مهم.


وللتوضيح المطلوب من قبل الأخ:صاحب القلب النابض، أقول بعد حمد الله تعالى:
بداية إنّ موضوع الارهاصات والبشائر لم يكن من المواضيع المطروحة للبحث والنقاش سابقاً، بل كان الأمر متروك على علاته بلا أي محاولة للتفريق بينهما، إلا أن كان يوم في لقاء خير ضم مجموعة من الاخوان، وكان الأمر موضع نقاشنا سوية، فاختلفنا على مسألة التفريق بينهما من عدمه، مما حدى بأحد الحاضرين - وكلهم أخوة أعزاء - للتضجر مما وصل اليه البحث واصفاً ذلك بأنه جدل، ومفهوم كلمة جدل هو أنه بحث لا يمكن أن يأدّي لنتائج ، ولقناعتي الأكيدة أنّ القول بأنه بحث جدلي أي بحث عقيم لا يؤدي إلى نتائج، قول غير صحيح ومرفوض مستهجن، وأني أرى فيه خِلافَ ذلك، فأرى فيه نقاشاً هادفاً لا بد منه لضمان حُسن العمل، وللحيلولة دون تأخر النصر والانتكاس، فقد تعمقت بالتفكير بالأمر بجدية الباحث الحريص، حيث توصلت لنتيجة قوامها التأكيد على إنَّ من لوازم الاعتقاد وصحة التحليل السياسي وسلامة القرار: إقران الأمَل بقاعدة ربط الأسباب بمسبباتها، والأمل إذا زاد عن حده أو كان في غير موضعه انقلب إلى ضده، فلزم أن نعود إلى دراسة وإعادة نظر في واقع الإرهاصات والبشائر، وعليه أرى من الضرورة التفريق بين الإرهاصات والبشائر، من منطلق تعريفيهما وواقع كل منهما، إذ أن الإرهاصات تعني الدعائم، والبشائر هي الأدلة وما يستأنس به. ومفهوم ذلك أن الأولى تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل ودعمه ونجاحه، والثانية نفسية لا تؤثر تأثيراً مباشراً على العمل.


وما دام الأمر كذلك فإنّ هذا يعني أن على حملة الدّعوة العمل الجاد لإيجاد الإرهاصات التي لا يتحقق حُسن العمل إلا بالعمل على إيجادها، ولا يتحقق الهدف إلا بالعمل الجاد لإيجادها. في حين أن البشائر يُستأنس بها فقط وقد تتحقق، وممكن أن لا تتحقق، وغالبها ـ أي البشائر ـ أتى في ظلال أحاديث تتناول الإخبار عن علم الغيب، وأحاديث علم الغيب لم يحدد منطوقها لها زمناً محدداً. أو أتت من خلال استنتاجات سياسية قد تتغير معطياتها أو نتائجها.


وكمثال على الأمر للتوضيح وإزالة أي التباس في الأمر، فوعد الله تعالى بالتمكين واستبدال خوف المسلمين بالأمن هو بشارة من الله ، وبشارة الله واجبة التحقق، وإن مجرد الشك بها مرفوض واثمه كبير لأنها تدخل في باب العقائد، أي انها ةتتعلق بتصديق جازم وليس بأمر أو عمل، وهذا هو واقع البشائر أنها محصورة في الاعتقاد والتصديق، وأنها مرتبطة بجو ايماني نفسي، من نتائج هذا الجو الايماني أن تطمئن اليه الأنفس، وأن يرتاح إليه القلب، وأن يسيطر على المسلم الأمل المفضي للتحريك وأن تدفع تلك المشاعر الانسان للتفكر بما يمليه عليه الأمل في الله من أعمال.

أما الارهاصات، فتصينفها الشرعي لا يكون في باب العقيدة ، بل في باب الأفعال، وما يوجبه أمر الأفعال من قيود، فالارهاصات قد أخذت واقع دخولها في الأحكام الخمسة التي تقرر نوع ووزن العمل، فوعد الله تناول التمكين، وتناول تبديل الخوف أمناً، وتناول الاستخلاف في الأرض، وباختصار شديد فالآية استهدفت البشرى بقيام دولة الخلافة الراشدة، التي تحقق التمكين من حمل الدعوة الاسلامية للعالم أجمع، بعد أن تم الاستخلاف بقيام الدولة والحكم، مما يكون من نتنائج تحقق الأمرين سوية ولا بد : حصول الأمن والاستقرار والرفاهية للمسلمين والناس عامة.

الا أن الله قد اشترط لتحقق البشرى، العمل السياسي الموصل لذلك، والذي لايكون إلا بمبدأ الاسلام، ومبدأ الاسلام هم فكرة واضحة مبلورة لا بد من تحققها ، وطريقة واضحة محددة المعالم ومرسومة من المشرع، واجب التقيد بها وعدم الخروج عليها قيد أنملة، وذلك يحتم استعمال أسايب ووسائل في أطار الطريقة ومن ضمنها لضمان سرعة وحتمية الوصول للهدف، مما يستتلزم دعمها بدعائم مناسبة تضاف للوسائل والأسليب لتسندهم وتدعمهم وتزيد من سرعة تحققهم وتأمن التغلب على المعوقات التي وضعت لتعيق الوصول، ولتشتتيت الجهود.
وبالرغم من كل البشائر ـ سواء البشائر النقلية أو البشائر الحسابية ـ فإن لم تستوف الشروط المطلوبة في العاملين وعملهم وإعدادهم فلن يتحقق الهدف بالرغم من كل البشائر، والبشارات.ودليل ذلك مفهوم آية:


﴿وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يُشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ﴾

ومفهوم المخالفة للآية أن الوعد ليس لغير الذين أمنوا وعملوا الصالحات حقيقة، فأتى وصف الجماعة الموعودة شرطاً لازماً لتحقق الوعد، فلا يكون الاستخلاف والتمكين وتبديل الخوف بالأمن إلا لمن يستحقه، والاستحقاق مشروط صراحة في سياق الآية بأنهم " يعبدونني لا يُشركون بي شيئا " ومنطوبق النص القرآني موحٍ بمفهوم، وهو أن شرط التحقق رجال عابدون، والعبادة الحقة تستوجب سلامة الاعتقاد وتنزهه، مما يوجب حسن العمل، وحسن العمل مرتبط بمفهوم آية:

﴿ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون. ﴾

كما أنه يجب أن تقرن دراسة الإرهاصات والبشائر بدراسة " العقبات والموانع " ونتبحر في دراستها، ونواصل إعادة النظر في عملنا وفي تركيبية تكتلنا، وفي أفكارنا المطروحة وتنقيتهم من الشوائب لاتصالهم المباشر لا بل تحكمهم في الإرهاصات والبشائر، ونحول بين المعوقات والموانع وبين تأثيرهم السلبي على العمل، وأن يُقرن البحث بالمعوقات والموانع بالبحث في الإرهاصات والبشائر، والعمل على الحيلولة بين الأولى وبين أن تؤثر على عملنا، بنفس القدر الذي نبحثه في إيجاد الإرهاصات والإستأناس بالبشائر، مما يعني ضرورة الربط الشديد والتزاوج الغير قابل لإنفصام العُرى بين الحالات تلك مجتمعة ومنفرده: نأخذ البشائر لإطمنان النفس وراحتها ولتهذيب النفسية، ونلتمس من الا رهاصات ما يدعم عملنا ويسنده، ونبحث في العقبات والموانع لنحول بينها وبين الانتكاس والتقهقر والخذلان.

وتزاوج وترابط هذا شأنه، أتى به فكر عميق مستنير وسرعة فطنة وبديهة، كلٌ مستمدٌ من عقيدة راسخة، وعمل من جنس الفكر وبطريقته الواضحة المعالم: حُقَّ له أن يُسْعِدَ البشرية جمعاء، ويرضي ربّ العالمين، الواعد بالاستخلاف والتمكين.


وللبحث بقية، إن بقي في العمر بقية، وما شاء الله كان، وما لم يشا لم يكن.

حاتم ناصر الشرباتي
10-05-2006, 10:20 AM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات - 9 -

بشارة الإسراء – 2 -



﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وءآتَيْنا موسى الكِتابَ وَجّعَلْناهُ هُدْىً لِبَني إسْرائيلَ، ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح " تَقْدِيره يَا ذُرِّيَّة مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوح فِيهِ تَهْيِيج وَتَنْبِيه عَلَى الْمِنَّة أَيْ يَا سُلَالَة مَنْ نَجَّيْنَا فَحَمَلْنَا مَعَ نُوح فِي السَّفِينَة تَشَبَّهُوا بِأَبِيكُمْ " إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا.﴾

وكان أن جاء بين الحدثين العظيمين حدث آخر لا يقل عنهما عقائدياً ، فكان حلقة الوصل بين المسجدين الشريفين وبين أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين " المسجد الأقصى المبارك " والمبارك حوله، ذلك المسجد المرتبط بظهور دعوات توحيد سابقة ، حملها ودعا اليها رسل السماء من أبناء يغقوب بن أسحق بن ابراهيم عليهم السلام.

لقد جاء توقيت حادثة الإسراء والمعراج توقيتاً له دلالته وحكمته، مرتبطاً بما قبله، ومبشراً بما بعده من أحداث عظام وذات تأثير سياسي سيكون له وقع مُأثر على الموقف الدولي، ومغيراً للخارطة السياسة في العالم أجمع، وذلك أنّهُ في الوقت الذي فقد فيه الرسول صلى الله عليه وسلم سندين فاعلين في سنة واحدة، أمّا أول السّندين فكان فقد الزوجة الصالحة – خديجة بنت خويلد - التي يسكن اليها وتسكن، وأول من آمن برسالته وأسلم، من كانت عزاءه ومعينه عن جحود المجتمع وتكذيبه له ولرسالته. وصحبة العشير الحسنة تقوي النفسية وتزيد الطمأنينة، وتعطي الحماس اللازم للعمل، وهكذا كانت منذ لحظة أول نزول للوحي، فأعطته الدفعة الخيرة والعون الشسديد. أمّا ثانيهما فكان موت عمه أبو طالب بن عبد المطلب، ذلك السند الذي غطى له وأمن له الحماية المانعة للأذى وأعطته الحماية من جبروت وطغيان الاستبداد في المجتمع القرشي ، فحصنه من أذى الكفار والمشركين بمكة. فكان الرجل بالرغم من كفره ، له مكانة مرموقة وشرف رفيع في الكيان القرشي ، فهو من أعيان القوم ووجهائهم ومن أشراف القوم وقادتهم ، وأبن قائدهم وزعيمهم عام الفيل، فهو والحالة على ما رأينا أهل لأن يجامله القرشيون قادة وأفراد، فما دام أحد قادة المجتمع المشاهير، فله بقوانينهم وأعرافهم وتقاليدهم وعاداتهم أن يبسط حمايته الفاعلة على ابن أخيه ، يحميه ويبعد عنه الأذى.
وبموت هذين السندين العظيمين في سنة واحدة ، فَقَدْ فَقَدَ الرسول صلى الله عليه وسلم السند البيتي الداخلي الذي يسكن اليه ويعزيه خيراً على جحود المجتمع الخارجي، وينسيه همومه ولو إلى حين. كما فقد سند الحماية الخارجي المتمثل بعمه أبا طالب، ذلك السند الذي كفاه أذى وتعرض سفهاء الكيان له، فكما يقولون بالأمثال فقد وصل بهذا لمنزلة الوقوع بين السندان والمطرقة. والسند البشري معرض عادة للتغيير والتبديل، ومعرض أن تعصف به عواصف تبدل وتغير المزاج والأهواء، ومعرض لتقلب درجات الحب والكراهية، كما أنه متعرض للزوال والفقدان بموت السند أو فقدانه الوجاهة والنقابة والشرف، ومع تلك المصائب التي تزاحمت تتري على رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أثر على حمايته في المجتمع، فقد بقي له السند الحقيقي الأكبر، نعم السند الجحقيقي الأكبر الذي لا يفنى ولا يموت، ولا يخضع لتقلبات المزاج وعوامل الفناء، ذلك السند العظيم الذي بعثه رسولاً وباركه وأنعم عليه بالهداية والرسالة ، والذي لا يمكن أن يتخلى عنه بحال.

وللبحث بقية، إن بقي في العمر بقية، وما شاء الله كان، وما لم يشا لم يكن . >>>>>>>>

حاتم ناصر الشرباتي
10-14-2006, 12:27 PM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات - 10 -

بشارة الإسراء – 3 –

ومع ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله تعالى وقد أرسله رسولاً مبشراً ونذيراً للبش رية جمعاء، لن يخذله أبداً، بل هو ناصره ومظهر دينه ولو كره الكافرون، فوعد الله قائم ولا بُدّ، وعد الله المتضمن الاستخلاف في الأرض، والمتضمن التمكين، مما يحقق ولا بد تبديل خوف المسلمين أمناً.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.﴾

و ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمن بضرورة تحقق الوعد الحق ماشاء الله، ومؤمن أن الله تعالى ناصره ولن يخذله بتاتاً، لذا فقد توجه لربه مناجياً ، مناجاة المؤمن بتحقق الوعد ، مهما طال الزمن:

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

مع ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم بتحقق الوعد، وعد من ناجاه مناجاة من يرى نفسه ضعيف القوة أمام قوة الله، وقليل الحيلة إن لم يسنده الله، وهوانه على الناس إن لم يتحقق الاستخلاف والتمكين، حيث سيتبدل الخوف أمناً. فكان لزاماً ولا بد من ربط الأسباب بمسبباتها، وكان لزاماً ولا بد من له بعد أن فقد السّند البشريّ ، والحماية البشريّة ، ، وكان لزاماً ولا بد وقد بدأ يتعرض لأذي الكفار وعدوانهم، كان لزاماً ولا بد من أن يفتش عن سند أرضي بشري آخر يعطيه ودعوته الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين.


وفي طريق تحقق الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين: فقد عرض نفسه على القبائل ومراكز القوى التي تحقق النصرة والتمكين. تلك القبائل التي أصمت آذانها عن سماعه، وأدرات له ظهرها، وأغلقت الأبواب أمام أي حوار في ذلك، فتوجه إلى قبيلة ثقيف بالطائف، علها تكون مركز القوة والمنعة التي تبسط حمايتها ونصرتعا له ولدعوته، وثقيف وهي إحدى مراكز القوى المشركة الملحدة، لم تكن النصير الذي يبغي، ولم تكن المنطلق للدعوة الذي أراد، فقد أصمّت آذانها عن سماع دعوة الحق، فآذته بالقول، بل آذته بالفعل واضطهدته، مرسلة خلفه صبيانها وسفهائها بالحجارة يرشقونه، وبالطرد من الطائف يلا حقونه، وبالشتائم يأذونه
أمّا وقد أعيته الحيلة في نصرة البشر – بعد استكماله ربط الأسباب بمسبباتها – ففي السماء متحقق ولا بُدَّ النصرة الحقيقية – نصرة ربُّ البشر وخالقهم - ، وإنَّ له من الايمان القطعي بأنَّ من أرسله لن يخذله أبداً، وإن اتفق كافة البشر على خذلانه. فتوجه إلى ربه وخالقه ومصطفيه بالرِّسالة ومحمله الأمانة ضارعاً متذللاً مبتهلاً، باثاً له همومه وآلامه، شاكياً له ظلم البشر وتحجر قلوبهم وعقولهم على الشرك والكفر، مما أضفى على نفسياتهم العناد والعقوق، وشاكياً له عقوقهم وما قابلوه به من أذىً وسفاهاهات ، شاكياً له ما يعلم ونعلم، وما يعلم ولا نعلم، مناجياً إياه مناجاة المؤمن صاحب العزيمة الحديدية التي لا تفتر ولا تكل ولا تمل، ومعاهداً ربّه على مواصلة المسيرة بلا توقف، مسيرة الخير المرتكزة على كلمة التقوى’، التقوى العقائدية المحية للآمال والمطمأنة لنتائج الأعمال؛ بالرغم مما شاهد ورأى من عقوق البشر وتحجر قلوبهم، وشدّة أذاهم له ولصحبه.

فهو لم يحمل أبداً لواء دعوة مادية، تفتر همته لصد الناس عنها، كما أنه ما حمل لواء دعوة للزعامة والنفوذ، وقد عرضها عليه القوم سابقاً ورفضها بكل إباء، ولا أراد المال الوفير يملكه ولا النفوذ يصاحبه. فلم يكافح من أجل تحقيق مكاسب آنية لنفسه، بل إنّه يجاهد لنشر دعوة التوحيد ، صادعاً بما يُأمر، مؤمناً برسالة الخير الحامل لوائها، لذا فقد حمل المشعل الخالد، مشعل الهداية والنور، مشعل سعادة البشرية وتحقق سلامها وأمنها، المستحيلا التحقق إلا في دعوته وتحت لواء رايتها. فما دام الأمر كذلك، وما دام يحمل لواء دعوة لإسعاد البشرية جمعاء، فهو لا يريد لمن آذوه وخذلوه وعذبوه، وحالوا بينه وبين نشره لدعوته: لا ؤيريد لهم أن يُطبق عليعهم الأخشبين، كما سأله مَلَكَ الاسماء، ولو طلب لتم الأمر، فهو حامل مشعل هداية لتحقق سعادة البشرية وسلامهم وأمنهم، وليس طالب إنتقام وثأر وعذاب. لكل هذا توجه لربه مناجياً إياه بما هو هو به سميع عليم بصير:

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

كان هذا دعاء وابتهال ومناجاة ، وبث هموم وآلام وعجز، وإعلام من العاجز للعليم علام الغيوب، إعلام له بما هو أعلم، ايصال رسالة وصلت قبل ارسالها، والمقصود من الرسالة المناجا ة والاعتذار ، وبث واقع ما يعتريه من قلة الحيلة والوسيلة، مناجاة تحمل في سطورها وبين طياتها أقوى درجات الإيمان ومراحله. نعم: دعاء كلّه ايمان بالخالق السميع البصير العليم، عالم السِّر وأخفى، دعاء الضعيف الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً ، إلى من يملك بيده ناصية الأمور، دعاء من استنفذ الأسباب إلى من أوجد الأسباب والمسببات، دعاء المضطهد المعذب إلى المعز الناصر المنتقم الجبار ، دعاء من آمن بأنّ الناس مهما بلغت كياناتهم قوة وجبروتاً وطغياناً ، وملأ انفسهم بذرة الشر والانتقام والجبروت موصلة اياهم لحالة العزة بالأثم ، فإنّ فوقهم المالك الحقيقي للعزة والجبروت، ومن له وحده القوة الحقيقية، ومن هو قادر على التغيير متى وأين شاء.





وللبحث بقية
إن بقي في العمر بقية، وما شاء الله كان، وما لم يشا لم يكن.>>>>>>>>>>>>

حاتم ناصر الشرباتي
10-14-2006, 12:27 PM
عودة إلى الإرهاصات والبشائر والمعوقات - 10 -

بشارة الإسراء – 3 –

ومع ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم بأنّ الله تعالى وقد أرسله رسولاً مبشراً ونذيراً للبش رية جمعاء، لن يخذله أبداً، بل هو ناصره ومظهر دينه ولو كره الكافرون، فوعد الله قائم ولا بُدّ، وعد الله المتضمن الاستخلاف في الأرض، والمتضمن التمكين، مما يحقق ولا بد تبديل خوف المسلمين أمناً.

﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.﴾

و ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم مؤمن بضرورة تحقق الوعد الحق ماشاء الله، ومؤمن أن الله تعالى ناصره ولن يخذله بتاتاً، لذا فقد توجه لربه مناجياً ، مناجاة المؤمن بتحقق الوعد ، مهما طال الزمن:

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

مع ايمان الرسول صلى الله عليه وسلم بتحقق الوعد، وعد من ناجاه مناجاة من يرى نفسه ضعيف القوة أمام قوة الله، وقليل الحيلة إن لم يسنده الله، وهوانه على الناس إن لم يتحقق الاستخلاف والتمكين، حيث سيتبدل الخوف أمناً. فكان لزاماً ولا بد من ربط الأسباب بمسبباتها، وكان لزاماً ولا بد من له بعد أن فقد السّند البشريّ ، والحماية البشريّة ، ، وكان لزاماً ولا بد وقد بدأ يتعرض لأذي الكفار وعدوانهم، كان لزاماً ولا بد من أن يفتش عن سند أرضي بشري آخر يعطيه ودعوته الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين.


وفي طريق تحقق الحماية البشرية، أي النصرة والتمكين: فقد عرض نفسه على القبائل ومراكز القوى التي تحقق النصرة والتمكين. تلك القبائل التي أصمت آذانها عن سماعه، وأدرات له ظهرها، وأغلقت الأبواب أمام أي حوار في ذلك، فتوجه إلى قبيلة ثقيف بالطائف، علها تكون مركز القوة والمنعة التي تبسط حمايتها ونصرتعا له ولدعوته، وثقيف وهي إحدى مراكز القوى المشركة الملحدة، لم تكن النصير الذي يبغي، ولم تكن المنطلق للدعوة الذي أراد، فقد أصمّت آذانها عن سماع دعوة الحق، فآذته بالقول، بل آذته بالفعل واضطهدته، مرسلة خلفه صبيانها وسفهائها بالحجارة يرشقونه، وبالطرد من الطائف يلا حقونه، وبالشتائم يأذونه
أمّا وقد أعيته الحيلة في نصرة البشر – بعد استكماله ربط الأسباب بمسبباتها – ففي السماء متحقق ولا بُدَّ النصرة الحقيقية – نصرة ربُّ البشر وخالقهم - ، وإنَّ له من الايمان القطعي بأنَّ من أرسله لن يخذله أبداً، وإن اتفق كافة البشر على خذلانه. فتوجه إلى ربه وخالقه ومصطفيه بالرِّسالة ومحمله الأمانة ضارعاً متذللاً مبتهلاً، باثاً له همومه وآلامه، شاكياً له ظلم البشر وتحجر قلوبهم وعقولهم على الشرك والكفر، مما أضفى على نفسياتهم العناد والعقوق، وشاكياً له عقوقهم وما قابلوه به من أذىً وسفاهاهات ، شاكياً له ما يعلم ونعلم، وما يعلم ولا نعلم، مناجياً إياه مناجاة المؤمن صاحب العزيمة الحديدية التي لا تفتر ولا تكل ولا تمل، ومعاهداً ربّه على مواصلة المسيرة بلا توقف، مسيرة الخير المرتكزة على كلمة التقوى’، التقوى العقائدية المحية للآمال والمطمأنة لنتائج الأعمال؛ بالرغم مما شاهد ورأى من عقوق البشر وتحجر قلوبهم، وشدّة أذاهم له ولصحبه.

فهو لم يحمل أبداً لواء دعوة مادية، تفتر همته لصد الناس عنها، كما أنه ما حمل لواء دعوة للزعامة والنفوذ، وقد عرضها عليه القوم سابقاً ورفضها بكل إباء، ولا أراد المال الوفير يملكه ولا النفوذ يصاحبه. فلم يكافح من أجل تحقيق مكاسب آنية لنفسه، بل إنّه يجاهد لنشر دعوة التوحيد ، صادعاً بما يُأمر، مؤمناً برسالة الخير الحامل لوائها، لذا فقد حمل المشعل الخالد، مشعل الهداية والنور، مشعل سعادة البشرية وتحقق سلامها وأمنها، المستحيلا التحقق إلا في دعوته وتحت لواء رايتها. فما دام الأمر كذلك، وما دام يحمل لواء دعوة لإسعاد البشرية جمعاء، فهو لا يريد لمن آذوه وخذلوه وعذبوه، وحالوا بينه وبين نشره لدعوته: لا ؤيريد لهم أن يُطبق عليعهم الأخشبين، كما سأله مَلَكَ الاسماء، ولو طلب لتم الأمر، فهو حامل مشعل هداية لتحقق سعادة البشرية وسلامهم وأمنهم، وليس طالب إنتقام وثأر وعذاب. لكل هذا توجه لربه مناجياً إياه بما هو هو به سميع عليم بصير:

( اللهم إليكَ أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي وهواني على الناس. يا أرحم الرّاحمين: أنتَ رَبُّ المُسْتَضعين وأنتَ ربي. إلى من تكلني ؟ إلى بعيد يتجهمني ! أم إلى عدو ملكته أمري ؟ ربِ إن لم يكن بك علي غضبٌ فلا أبالي . ولكنّ عافيتك أوسع لي. أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، من أن تنزل عليَّ غضبك، أو تحل علي سخطك. لك العُتبى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلاّ بك.)

كان هذا دعاء وابتهال ومناجاة ، وبث هموم وآلام وعجز، وإعلام من العاجز للعليم علام الغيوب، إعلام له بما هو أعلم، ايصال رسالة وصلت قبل ارسالها، والمقصود من الرسالة المناجا ة والاعتذار ، وبث واقع ما يعتريه من قلة الحيلة والوسيلة، مناجاة تحمل في سطورها وبين طياتها أقوى درجات الإيمان ومراحله. نعم: دعاء كلّه ايمان بالخالق السميع البصير العليم، عالم السِّر وأخفى، دعاء الضعيف الذي لا يملك من أمر نفسه شيئاً ، إلى من يملك بيده ناصية الأمور، دعاء من استنفذ الأسباب إلى من أوجد الأسباب والمسببات، دعاء المضطهد المعذب إلى المعز الناصر المنتقم الجبار ، دعاء من آمن بأنّ الناس مهما بلغت كياناتهم قوة وجبروتاً وطغياناً ، وملأ انفسهم بذرة الشر والانتقام والجبروت موصلة اياهم لحالة العزة بالأثم ، فإنّ فوقهم المالك الحقيقي للعزة والجبروت، ومن له وحده القوة الحقيقية، ومن هو قادر على التغيير متى وأين شاء.





وللبحث بقية
إن بقي في العمر بقية، وما شاء الله كان، وما لم يشا لم يكن.>>>>>>>>>>>>