تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : نازحون.. لكن وسط أوطانهم! .. "العراق الجديد": 1500 عائلة ضحايا التهجير الطائفي



سعد بن معاذ
04-25-2006, 02:37 PM
نازحون.. لكن وسط أوطانهم! .. "العراق الجديد": 1500 عائلة ضحايا التهجير الطائفي
قدس برس


وكالة قدس برس، 23/04/2006م

تعيش مئات العائلات العراقية النازحة من أتون الصراع الطائفي الذي اندلع مؤخرا بين السنة والشيعة في العراق، ظروفا قاسية جدا، وسط مخيمات، تعيد للذاكرة العربية، مشاهد النزوح التي لا يزال يعيشها الفلسطينيون في زمن النكبات المتتالية.

أطفال ونساء وشيوخ، تركوا بيوتهم وممتلكاتهم، خوفا من الخطف، والقتل، ثم الرمي بهم، دون أي مراعاة لكرامة الإنسان، حيا وميتا، وسط "مزابل للقمامة".

ويتساءل أحد أعضاء لجان الإغاثة التي شكلت من أجل إيواء المهجرين، قائلا: "من كان يصدق أن مدينة الفلوجة، استقبلت خلال الأسبوعين الماضيين، نحو 600 عائلة عراقية، نزحت من مناطق مختلفة من العاصمة بغداد، بعد أن اضطرتها "ميليشيات طائفية" إلى ترك مساكنها ومغادرتها!".

ويضيف في حديث لوكالة "قدس برس": "سيرنا عددا من القوافل إلى تلك العائلات النازحة، إنها فرصة لرد الجميل إلى هؤلاء الكرام، الذين آوونا أثناء العمليات لعسكرية على الفلوجة".

لقد باتت المدن العراقية، كما يقول أحد سكان الفلوجة، بعد الاحتلال الأمريكي، مدنا ترد جميل بعضها إلى بعض، ويضيف: "نازحون سابقون يردون الجميل إلى نازحين جدد، نازحون سابقون اضطرتهم العمليات العسكرية إلى مغادرة مدنهم، ونازحون جدد اضطرتهم الميليشيات الطائفية إلى مغادرة مدنهم، فنحن يصدق فينا القول (تعددت الأسباب والنزوح واحد)".

نزوح عكسي وكرم متبادل..!

يقول الشيخ فاضل الجميلي، أحد وجهاء المدينة: "إن الفلوجة باتت اليوم تعيش كخلية نحل من أجل استيعاب العائلات النازحة من بغداد، بعد التهديدات الطائفية".

ويضيف: "لقد حاولنا جهدنا في أن نوفر لهم المأوى المناسب والأكل، إنها فرصة لأهل الفلوجة الكرام، ليردوا الجميل إلى أهالي بغداد، ففي المعركتين الأولى والثانية كانت عائلاتنا تجد في أهالي بغداد، الطيبة والكرم، والمأوى المناسب، وفعلا كانوا كذلك، واليوم دار الزمان دورته، وجاءت الفرصة لنا لنرد الجميل لهؤلاء النازحين".

يقول مصدر في الهلال الأحمر العراقي: "إن عدد الأسر التي وصلت إلى يوم 10 من نيسان (أبريل) الجاري، الفلوجة فقط، تجاوزت 600 عائلة، والعدد في ازدياد".

ويؤكد ياسر العاني، عضو الهلال الأحمر: "هناك عائلات قررت التوجه إلى أبعد من الفلوجة، وقد توجهت نحو 200 عائلة إلى مناطق حديثة، وعانه، وهيت، وراوه، وكبيسة، حيث يوجد أقاربهم هناك، فيما توجه عدد أخر إلى القرى القريبة من مدينة الرمادي، والنزوح لازال مستمرا".

ويشكو عاني من قلة الخيام، بسبب استمرار تدفق العائلات، على الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها أهالي الفلوجة، والمنظمات الإنسانية بداخلها.

وبحسب بيانات الهلال، فإن أعدادا الأسر العراقية، ذات الأغلبية السنية، والتي هاجرت من بغداد والبصرة، بعد تلقيها تهديدات بالقتل، وصلت إلى نحو (1500) عائلة، تشتت أغلبها حول الأنبار: "600 عائلة في الفلوجة، و400 عائلة في محيط الفلوجة، وخاصة الكرمة، و300 عائلة في عامرية الفلوجة، و200 عائلة في الصقلاوية، وعدد آخر اتجه صوب المناطق الواقعة في أعالي الفرات".

يقول الشيخ أحمد الدليمي، إمام أحد المساجد، إن الفلوجة تحاول أن تقدم ما باستطاعتها لهؤلاء النازحين، مشيرا إلى أن العشرات من الأسر استقبلت النازحين في بيوتها، وتقاسمت معها رغيف الخبز، "إنها حالة نادرة تؤكد أن العراق مازال بخير"، بحسب تعبير الشيخ.

وعلى الرغم من أن القوات الأمريكية، لا تسمح لغير أهالي الفلوجة من الدخول أليها، إلا أنها أمام هذا الوضع، قررت إعطاء باجات (بطاقات) خاصة للعوائل النازحة، تمكنها من الدخول والخروج إليها مثل بقية الأهالي.

وتحاول قوات من شرطة الفلوجة، توفير الأمن والحراسة على مخيمات النازحين، في حين تسعى إدارة المجلس البلدي للمدينة، فتح أبواب شقق المدينة السياحية في الحبانية، جنوب الفلوجة، لاستيعاب الأسر المتدفقة.

انتقادات لوزيرة المهجّرين:

وعلى الرغم من الانتقادات الشديدة التي توجه للحكومة الحالية، لعدم تمكنها من بسط الأمن ووضع حد للمليشيات المسلحة والجيوب المنتشرة داخل وزارتي الداخلية والدفاع، فقد حاولت مؤخرا تخصيص مبالغ مالية، لإيواء الأسر النازحة في عموم العراق.

لكن مصادر "سنية"، لا تزال تتهم الحكومة بالتقصير الكبير، كما تتهمها بالتصرف في أكثر من 80 مليون دولار، قالت إنها كانت مخصصة للأسر النازحة، إلا أن وزيرة المهجرين، سهيلة عبد جعفر، وهي من حزب الدعوة، لم تعدل في تقسيمها، وخصصت الريع الأكبر منها لصالح "مناطق الشيعة"، حسب قولهم.

ويقول شهاب أحمد العلي، من سكان منطقة الزبير في البصرة (جنوب العراق)، وهو أحد النازحين هو وأسرته، ويقيمون حاليا في مخيم الفلوجة: "اضطررنا للمغادرة قبل خمسة أشهر، وكانت وجهتنا بغداد".

ويضيف: "استأجرنا بيتا في منطقة شارع فلسطين، وذلك بعد أن أصبحنا هدفا للمليشيات، وبعد أحداث سامراء، وجدنا في صبيحة أحد الأيام ورقة مكتوب عليها: (يا أعداء أهل البيت عليكم مغادرة بغداد، وإلا فإن القتل وحرق المنزل سيكون مصيركم)، فلم يكن لنا من بد سوى المغادرة مرة أخرى".

وبعد مضي ثلاث أعوام من الاحتلال، يتساءل عراقيون اليوم: "هل هذه هي الديمقراطية التي وعدونا بها، وهل هذا هو العراق الجديد الذي تحدثوا لنا عنه كثيرا!؟، لكن لسان حالهم يجيب: خذوا ديمقراطيتكم وانتخاباتكم، وأرجعوا لنا أمننا ولو كان بنكهة الاستبداد".