تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : على القديم او الجديد؟



chidichidi
04-23-2006, 10:16 AM
على الرغم من مرور حوالي الشهر على بدء العمل بالتوقيت الصيفي، فإن بعضنا لا يزال يتساءل كلما حددت له موعداً ما في ساعة معينة: على القديم أو الجديد؟
ويبدو أن هناك العديد من المواطنين لم يقدّموا ساعاتهم لعدم استيعابهم فكرة العبث بالتوقيت، فضلاً عن صعوبة اعتيادهم على هذا النظام المستجد الذي أطاح - في نظرهم - ببرنامج عمل ليوم وليلة ولا سيما في مواقيت الصلاة والاستيقاظ ومواعيد تناول الطعام والقيلولة والزيارات ثم المبيت.
ومعظم هؤلاء «المحافظين» هم من كبار السن الذين لم تستهوهم هذه العملية الانقلابية الزمانية في ما يمسّ عاداتهم وتحركاتهم اليومية، فآثروا الابقاء على مواقيت ألفوها واستأنسوا بها.
ويتفهم علماء الحياة (Biologie) هذا الاستهجان والامتناع عن الانصياع للتوقيت الجديد لدى بعض الكهول والشيوخ والعجائز. ويبررون ذلك بأن الجهاز العصبي للانسان يمتلك ما يسمّونه «الزمن البيولوجي» الذي حدد لكل حواس الانسان فضلاً عن غرائز الجوع والدخول الى الحمام والنوم مواعيد تتسم بقدر لا بأس به من الدقة، بحيث لا يستطيع المرء الاخلال به أو تجاوزها، وإلا شعر بالاضطراب والتوتر.
وفعلاً منذ آخر سبت في شهر آذار ارتبكت العائلة والمواعيد والأحوال النفسية، على الرغم من مرور يوم أحد كامل يمكن ان يسهم في تأمين بعض المواءمة مع التوقيت الجديد، ولكن في صباح اليوم التالي - الاثنين - جرى انتزاع الاولاد من أسرّتهم قبل ساعة - عملياً - ولم يفاجأ المدرّسون بأن العديد منهم راحوا في سبات عميق أثناء الحصة. ولم يكن الموظفون بأحسن حالاً وهم يفيقون منهوكي القوى كأنهم يساقون الى اعمالهم بالسلاسل.. وكل هذا العنت إكراماً للتوقيت الجديد الذي ابتدعوه من أجل الإفادة من طاقة الانسان صباحاً قبل أن تخور قواه وقت الظهيرة فلا يعود قادراً على الانتاج بزخمه المعتاد.
ولن نتعنت هنا أو نشتطّ في الحديث عن «فلسفة» التوقيت وتنظيم حياة الانسان على «الساعة» ان لم نقل على الدقيقة، فهذا النهج غربي المصدر بامتياز، حيث الانسان عندهم لا يعدو كونه آلة للانتاج يتوسلون للإفادة القصوى منه شتى السبل والطرائق، ومنها تقديم الساعة صيفاً لتحقيق الغرض المنشود، لكن هذا التوقيت صار ربيعياً ويمتد حتى أواسط الخريف مع آخر سبت في تشرين الأول، أي طوال سبعة أشهر كاملة، ونذكر كيف أربك التوقيت الصيفي في العام الماضي الصائمين في مواعيد سحورهم وإفطارهم لعدة أيام.
ونود أن نستدرك لنؤكد أن اشارتنا الناقدة للتوقيت الجديد لا تعني البتة رفضنا لكل ما يفيد المجتمع والناس، أو أننا نميل الى التشبث بكل ما اعتدنا عليه، على علاّته. ولكننا لم نستطع منع أنفسنا من المقارنة بين هذا التوقيت الجديد الذي يصدم مألوفنا اليومي وبين التوقيت «الإسلامي» الذي يحقق أهداف التوقيت الصيفي دون أن يربك نظام الحياة اليومية وعادات الناس لعدة أيام أو اسابيع حتى يألفوه.
وأعتقد ان هناك من يتساءل عن هذا التوقيت «الإسلامي» مردفاً في سرّه، وربما علانية: وهل هناك توقيت إسلامي وآخر علماني؟ وفي الحقيقة فإن القضية هنا ليست «دينية» بحتة، وانما هي متماهية ومنسجمة عندنا مع مواقيت الصلاة التي تتسق، أو بالأحرى يتم تحديدها وفاقاً لمواعيد الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهي كلها في حركة مستمرة وتغير دائم يومياً بمقدار دقيقة أو أكثر، بحيث لا يحس المرء بأيّ نقلة فجائية في التوقيت يمكن أن تهز «الزمن البيولوجي» لعاداته اليومية وحاجاته المعتادة في الطعام والصلاة والقيلولة واليقظة والنوم.
وعلى الرغم من اعتماد الساعة في تنظيم حياتنا اليومية، إلا أن معظمنا لا يزال يفضل اقتراح مواعيده وترتيب زيارته حسب مواقيت الصلاة، فيكون اللقاء بعد صلاة العصر، وزيارة الأهل والأقارب بعد اداء صلاة المغرب، وكذا الأمر مثلاً في تقبّل التعازي حيث يحدد موعدها بين صلاة العصر وأذان المغرب، مما يضفي على الوقت والساعة بعداً وجدانياً وليس تقزيماً آلياً مبرمجاً مثل «الروبوت»، دون أن يكون في ذلك دعوة الى الاسترخاء والشطط وعدم الحفاظ على الوقت والموعد والتنظيم.
وليس من أمة تفضلنا في الحث على الافادة من الوقت - مهما ضؤل - واغتنامه في الطاعات ومنفعة الناس حتى ولو كان بيد أحدكم فسيلة (شتلة) فليزرعها وإن قامت الساعة. ولكن حديثنا هنا كان يترصد ارتدادات التوقيت الصيفي في أيامه الأولى على الانسان حتى يعتاد عليه طوال عدة أشهر ليصبح هو أيضاً توقيتاً قديماً مع اطلالة الشتاء، ويصبح التوقيت الاعتيادي جديداً، مع هزة بدنية أخرى في حينه، كأننا في حمام سوق ليس فيه «وسطاني» يقينا التبدلات الفجائية للحرارة.}

عبد القادر الأسمر

al-aman.com

من هناك
04-23-2006, 05:05 PM
شكراُ اخي شيدي

لقد اشتقت لكتابات اهل طرابلس. هل انتقل الأسمر إلى الأمام؟