تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : أمريكا وإيران والخيارات الاستراتيجية في العراق



مقاوم
04-11-2006, 05:46 AM
أمريكا وإيران والخيارات الاستراتيجية في العراق

بقلم خالد حسن (http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.authors&authorsID=92)

قضيتان بارزتان ستسيطران على النظام الدولي في الفصل الثاني من العام 2006.

الأولى، القوة السياسية لإدارة بوش واستقرارها. فمن شهور، أصيبت الإدارة الأمريكية بنزيف من المشاكل الداخلية، مما جعل بوش يقترب أكثر من هوة الفشل الرئاسي. فأثناء الثلث الأول من السنة الجارية، انزلقت نسبة التأييد العامة إلى حوالي 35 بالمائة، ويتوقع لشعبيته أن تنحدر أكثر، الأمر الذي يعني أن بوش فقد قاعدة دعمه الرئيسية.

إن قوة الرئاسة الأمريكية قضية حاسمة بالنسبة لقوى العالم الثانوية. إذ طالما ظلت الولايات المتحدة مركز جاذبية النظام الدولي، فإن عددا من الدول ستعتبرها عاملا أساسيا في تفكيرها الإستراتيجي الخاص. وبالنسبة للبعض، مثل الدول الأوروبية الغربية، فإن إضعاف رئاسة بوش يشكل أزمة حقيقية، ذلك لأنها تعتمد على ضمانات الأمن الأمريكية لحمايتها من انبعاث روسيا. وبالنسبة لآخرين، مثل فينزويلا، فإنه يمثل فرصة، ذلك أن إدارة أمريكية مشغولة بالمشاكل الداخلية، ومع قلة الأدوات السياسية تحت تصرفها، من شأن هذا وذاك أن يعزز خيارات كركاس لصناعة الحدث.

وأكثر الزعماء، سيظل في الثلث القادم من السنة الجارية، في حالة ترقب وانتظار، بشأن تداعيات وضعية شعبية بوش وتأثيرها على الأداء الرئاسي في أمريكا وتغيراته. ولذلك، فإن إدارة بوش مدفوعة لأن ترفع تحدي الانحدار والفشل الرئاسي، وجعل الأمور تتحرك ولا تستسلم للإعاقة، وهذا ما يضغط به عدد من موظفي الإدارة مخافة "أن تتشجع بعض البلدان في تحديد اختياراتها السياسية والإستراتيجية بشكل فردي".

ويبقى السؤال المؤرق: إلى متى سينتظرون؟ والمتوقع أن يستمر الوضع على ما هو عليه حتى انتخابات الكونجرس في نوفمبر القادم، حيث سيتضح ما إذا كان الناخبون الأمريكيون سيلعنون رئيسهم. ومع اقتراب الانتخابات أكثر، فإن فرصة بوش السانحة للاستدراك والتعافي ستضيق وتنعدم.

وبينما ستكون أكثر البلدان قادرة على انتظار نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية، لاختيار مساراتها، فإن البعض الآخر يفتقر إلى الخيارات الأخرى، وسيكون عليه التعامل مع الولايات المتحدة في هذه الأثناء كما لو أن شيئا لم يتغير، وهنا تبرز الحالة للعراق، القضية الثانية التي ستسيطر على الثلث الثاني من هذه السنة.

في النهاية، كل اللاعبين في العراق -الأكراد، الشيعة والسنة- بحاجة إلى تقويم دقيق للحسابات الأمريكية للتفاوض بشكل فعال، وتلك الحسابات مرتبطة إلى حد ما بالمقام السياسي لبوش. وبعبارة أخرى، تؤثر مشاكل بوش على الحالة العراقية ربما أكثر من أي عامل آخر. فالعراقيون ما عندهم هامش لانتظار الإشارات الواضحة فيما يتعلق بفشل الرئاسة البوشية، ببساطة لأنهم أُغرقوا في متاهات الصراع السياسي والقتل بالهوية.

تلك الحقيقة البسيطة، ستجعل من بغداد -سياسيا وعسكريا- ساحة مشغولة أثناء الشهور الثلاثة التالية. وثمة قوة إقليمية تملك أوراقا حيوية في العراق، ليس عندها خيار الترقب والانتظار، ونعني بها إيران. ولعل الحضور الإيراني الطاغي، والذي مكنه منه الغزو الأمريكي بشكل أو بآخر، تضخم بشكل أصبح يهدد النسيج المجتمعي العراقي وكذا التوازن الإقليمي في المنطقة، أشغل العراقيين، خاصة من يهمه منهم استقلال العراق عن كل الوصايات والإملاءات، عن توظيف الضعف الرئاسي الأمريكي لصالح تعزيز الخيارات والإرادات الحرة والمستقلة.
وفي غياب دور عربي فعال وقوي ومتماسك، فإن ملامح مستقبل العراق ستتحدَد، إلى حد ما، بقدرة الولايات المتحدة وإيران على قبول بعضهم البعض، فطهران تريد ضمان حدودها الغربية وتأمين انخراط العراق في حلف إيران، بينما تريد واشنطن تجديد ميزان القوى التقليدي في المنطقة، لإبقاء طهران تحت المراقبة، وهذا وضع "عنيد" بامتياز، غير أن الأمريكان والإيرانيين يشتركون في اهتمام واحد: كلاهما مهتم باحتواء العرب.

عن مجلة العصر