تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : خلُّوها "فيحاء"



من هناك
03-31-2006, 10:17 PM
ذكية هي العبارة التي تصدرت إعلانات الحملة التوجيهية التي أطلقتها بلدية طرابلس للحفاظ على نظافة المدينة بعنوان "خلوها فيحاء"، وقد خاطبت بذلك الذاكرة الجماعية لأهالي طرابلس تحثهم على ان تستعيد العاصمة الثانية صيتها الذائع - سابقاً - "طرابلس الفيحاء"·

نقول "سابقاً" لان المخضرمين لا يزالون يتذكرون طيب رائحتها الفواحة من بساتين الليمون والبرتقال والأبو صفير المنتشرة على ضفتي نهر أبو علي ومدخلها الجنوبي وعلى المسافة الممتدة من طرابلس حتى الميناء، وبخاصة في مثل هذه الايام مع إطلالة فصل الربيع حيث كانت الاجواء تعبق برائحة زهر الليمون قبيل الوصول إلى مشارف طرابلس، فتدرك انك دخلت مدينة العطر·وإذا كانت حملة بلدية طرابلس لا ترمي كما نظن إلى محاولة استعادة هذه الأجواء بعد أن اقتلعت آلاف الأشجار وخصوصاً في منطقة الضم والفرز لتستبدل بها البنايات والخرسانات المسلحة، فاننا لا نظن أنه من المستحيل اعادة زرع العديد من أشجار البرتقال والأبوصفير في العديد من المناطق والساحات والبراحات والحدائق بغية الحفاظ على الحد الأدنى من سمة طرابلس وشهرتها في هذه الرائحة المميزة·

نحن نعلم أن الهدف الاساسي من حملة التوعية هذه، هو ان نحافظ، على الأقل، على نظافة مدينتنا وجمالها إذا لم يكن في مقدورنا استرجاع شهرتها بالعبير الفواح من بساتينها والذي اشار إليه الرحالة والزائرون الذين كانوا يقصدون طرابلس أو يمرون بها خلال القرون الماضية، بل وحتى منتصف القرن الماضي أيضاً·

أجل ان باستطاعة كل فرد منا ان يكون في عداد هذه الحملة التوجيهية، بدءاً من نفسه - وهذا أضعف الايمان - ليسهم في تحقيق الأهداف الحيوية لهذه الحملة، كلٌّ في موقعه، مع التنويه بمبادرات جمعيات المجتمع الأهلي، ومؤسسات المجتمع المدني في المشاركة بصدق بانجاح حملة النظافة هذه·

وتتكرس أهمية النظافة بصورة خاصة لهذه المدينة كونها تضم أضخم المرافق السياحية والأثرية ومدنية قديمة تاريخية واسواق الحرف التقليدية مما يؤكد ضرورة تكريس انطباع النظافة في عيني كل زائر وسائح يقصد المدينة "الفيحاء"·

ولا بأس من التنويه بملصق آخر ضخم لهذه الحملة لطفل يقول "كرمالنا" يحث فعاليات المدينة وكل ابنائها أن يحافظوا على بيئة نظيفة وسليمة وصحية وجميلة "إكراماً لنا"·

ونحن، إذ تابعنا الجهود المشكورة لرئيس بلدية طرابلس المهندس رشيد جمالي والجمعيات المنضوية في اطار هذه الحملة المستمرة، فاننا نحث عبر "لــــواء الفيحاء والشمال" - التي استقت اسمها من "الفيحاء" - أن تتعاضد سائر المؤسسات التربوية بصورة خاصة لتكريس أسبوع أو بضعة أيام لتوجيه طلابها إلى أهمية المشاركة في هذه الحملة، وإلى تفرغ الجمعيات الكشفية والشبابية والطلابية والرياضية والنسائية للتنسيق فيما بينها حتى تصل "الرسالة" إلى كل منزل وأسرة ومواطن·

وحري كذلك بالاتحادات العمالية وجمعيات تجار طرابلس وأرباب العمل ونقابات المهن الحرة أن تؤدي دورها في هذا المجال· فالنظافة ليست ترفاً أو طقساً فولكلورياً وإنما هي هوية وصبغة وعادة، وليست بعض الدول المتقدمة التي يفتتح المسؤولون فيها حملات النظافة بتشمير السواعد للكنس وازالة النفايات بكل أريحية بأفضل من رجالاتنا الذين نتوسم فيهم أن يكونوا السباقين، وإن كانوا من علية القوم ، ليقتدي بهم سائر المواطنين بحماسة·

"خلوها فيحاء" و"كرمالنا" و"إكراماً لاطفالنا" شعارات لا ينبغي أن تظل حبيسة اللوحات الاعلانية والجدارية، وإنما فعل إيمان يتعزز داخل كل منزل أو متجر أو مؤسسة أو مدرسة حتى ننجح كلنا في إنجاز هذا المطلب الحيوي الذي لا نعتقد اننا سنختلف على أهميته وجدواه وضرورته·

ولتكن هذه الحملة إحدى القضايا التي توحدنا وتجمعنا لتحقيق حلمنا بطرابلس نظيفة وصحية وجميلة·

" عبد القادر الاسمر