تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : قواعد الدعوة إلى الله



كلسينا
03-28-2006, 06:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

قواعد الدعوة :
((ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّ** بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّ** هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ . وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ . وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُ** إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ . إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ ))

على هذه الأسس يرسي القرآن الكريم قواعد الدعوة و مبادئها ، و يرسم المنهج للرسول الكريم ، و للدعاة من بعده بدينه القويم فلننظر في دستور الدعوة الذي شرعه الله في هذا القرآن .
إن الدعوة دعوة إلى سبيل الله . لا لشخص الداعي و لا لقومه . فليس للداعي من دعوته إلا أن يؤدي واجبه لله ، لا فضل له يتحدث به ، لا على الدعوة و لا على من يهتدون به ، و أجره بعد ذلك على الله .
و الدعوة بالحكمة ، و النظر في أحوال المخاطبين و ظروفهم ، و القدر الذي يبينه لهم في كل مرة حتى لا يثقل عليهم و لا يشق بالتكاليف قبل استعداد النفوس لها ، و الطريقة التي يخاطبهم بها ، و التنويع في هذه الطريقة حسب مقتضياتها . فلا تستبد به الحماسة و الإندفاع و الغيرة فيتجاوز الحكمة في هذا كله و في سواه .
و بالموعظة الحسنة التي تدخل إلى القلوب برفق ، و تتعمق المشاعر بلطف ، لا بالزجر و التأنيب في غير موجب ، و لا بفضح الأخطاء التي قد تقع عن جهل أو حسن نية . فإن الرفق في الموعظة كثيراً ما يهدي القلوب الشاردة ، و يؤلف القلوب النافرة ، و يأتي بخير من الزجر و التأنيب و التوبيخ .
و بالجدل بالتي هي أحسن . بلا تحامل على المخالف و لا ترذيل له و تقبيح . حتى يطمئن إلى الداعي و يشعر أن ليس هدفه هو الغلبة في الجدل ، و لكن الإقناع و الوصول إلى الحق . فالنفس البشرية لها كبرياؤها و عنادها ، و هي لا تنزل عن الرأي الذي تدافع عنه إلا بالرفق ، حتى لا تشعر بالهزيمة . و سرعان ما تختلط على النفس قيمة الرأي و قيمتها هي عند الناس ، فتعتبر التنازل عن الرأي تنازلاً عن هيبتها و احترامها و كيانها . و الجدل بالحسنى هو الذي يطامن من هذه الكبرياء الحساسة ، و يشعر المجادل أن ذاته مصونة ، و قيمته كريمة ، و أن الداعي لا يقصد إلا كشف الحقيقة في ذاتها ، و الإهتداء إليها . في سبيل الله ، لا في سبيل ذاته و نصرة رأيه و هزيمة الرأي الآخر !
ولكي يطامن الداعية من حماسته واندفاعه يشير النص القرآني إلى أن الله هو الأعلم بمن ضل عن سبيله وهوالأعلم بالمهتدين . فلا ضرورة للجاجة في الجدل إنما هو بيان والأمر بعد ذلك لله .
هذا هو منهج الدعوة و دستورها ما دام الأمر في دائرة الدعوة باللسان و الجدل بالحجة . فأما إذا وقع الإعتداء على أهل الدعوة فإن الموقف يتغير ، فالإعتداء عمل مادي يدفع بمثله إعزازاً لكرامة الحق ، و دفعاً لغلبة الباطل ، على ألا يتجاوز الرد على الإعتداء حدوده إلى التمثيل و التفظيع ، فالإسلام دين العدل و الإعتدال ، و دين السلم و المسالمة ، إنما يدفع عن نفسه و أهله البغي و لا يبغى ((وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ)) . و ليس ذلك بعيداً عن دستور الدعوة فهو جزء منه . فالدفع عن الدعوة في حدود القصد و العدل يحفظ لها كرامتها و عزتها ، فلا تهون في نفوس الناس . و الدعوة المهينة لا يعتنقها أحد ، و لا يثق أنها دعوة الله . فالله لا يترك
دعوته مهينة لا تدفع عن نفسها ، و المؤمنون بالله لا يقبلون الضيم و هم دعاة لله و العزة لله جميعاً . ثم إنهم أمناء على إقامة الحق في هذه الأرض و تحقيق العدل بين الناس ، و قيادة البشرية إلى الطريق القويم ، فكيف ينهضون بهذا كله و هم يعاقبون فلا يعاقبون ، و يعتدى عليهم فلا يردون ؟! .
و مع تقرير قاعدة القصاص بالمثل ، فإن القرآن الكريم يدعو إلى العفو و الصبر ، حين يكون المسلمون قادرين على دفع الشر و وقف العدوان ، في الحالات التي قد يكون العفو فيها و الصبر أعمق أثراً . و أكثر فائدة للدعوة . فأشخاصهم لا وزن لها إذا كانت مصلحة الدعوة تؤثر العفو و الصبر . فأما إذا كان العفو و الصبر يهينان دعوة الله و يرخصانها ، فالقاعدة الأولى هي الأولى .
و لأن الصبر يحتاج إلى مقاومة للإنفعال ، و ضبط للعواطف ، و كبت للفطرة ، فإن القرآن يصله بالله و يزين عقباه : ((وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ . وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُ** إِلاَّ بِاللّهِ)) .. فهو الذي يعين على الصبر و ضبط النفس ، و الإتجاه إليه هو الذي يطامن من الرغبة الفطرية في رد الإعتداء بمثله و القصاص له بقدره .
و يوصي القرآن الرسول (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) و هي وصية لكل داعية من بعده ، ألا يأخذه الحزن إذا رأى الناس لا يهتدون ، فإنما عليه واجبه يؤديه ، و الهدى و الضلال بيد الله ، وفق سنته في فطرة النفوس و استعدادتها و اتجاهتها و مجاهدتها للهدى أو للضلال . و ألا يضيق صدره بمكرهم فإنما هو داعية لله ، فالله حافظه من المكر و الكيد ، لا يدعه للماكرين الكائدين و هو مخلص في دعوته لا يبتغي من ورائها شيئاً لنفسه ..
و لقد يقع به الأذى لإمتحان صبره ، و يبطئ عليه النصر لابتلاء ثقته بربه ، و لكن العاقبة مظنونة و معروفة((إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ )) و من كان الله معه فلا عليه ممن يكيدون و ممن يمكرون .
هذا هو دستور الدعوة إلى الله كما رسمه الله . و النصر مرهون باتباعه كما وعد الله . و من أصدق من الله ؟ .
مقتبس بس أحزروا من أين ؟؟؟

جهاد
03-29-2006, 02:06 PM
أخي الكريم كلسينا : احزروا بالزاي و ليس احذروا . :)
أما أظن أنه من صيد الفوائد , و الله أعلم.

كلسينا
03-29-2006, 05:10 PM
بارك الله فيك أخي الكريم على المرور والمشاركة والتصحيح ، شوف فاروق شو بيطلع لك معنا لأن تسعيرته أرخص من أخونا محمد بكتير . لقد تم التصحيح .
ولكن الجواب على السؤال ( خطأ ).

كلسينا
04-02-2006, 07:56 PM
شو وين القراء وأصحاب المعلومات ؟
أخوتي بلا السؤال ، أعطونا رأيكم بهالكلام !!!!!!

كلسينا
04-02-2006, 07:59 PM
شو وين القراء وأصحاب المعلومات ؟
أخوتي بلا السؤال ، أعطونا رأيكم بهالكلام !!!!!!

جهاد
04-02-2006, 08:53 PM
هم بارك الله فيك , الله يعيننا .
ممكن يكون من كتابتك , و مقتبس بعض الأمور من عائض القرني ؟؟
صعبة نعرف من وين اقتبسته.

فـاروق
04-02-2006, 10:58 PM
دون ان اقرا اقول مقتبس من الظلال :)

mhkfero
04-03-2006, 11:38 AM
Masha2 allah 3anak . Bass ma eltelna leysh men alzilal bdoun ma te2ra .

فـاروق
04-03-2006, 11:43 AM
هل الاجابة صحيحة؟

mhkfero
04-03-2006, 12:24 PM
Walaw 7ada bi2elak moushref ? Shou 3alfadi ? Tab3an sa7i7a w bterba7 ma3na kazdoura besiyaret fakher .

فـاروق
04-03-2006, 12:37 PM
ماشي...وانا مش رح انسى..لما انزل بدي كزدر بسيارة فخر...

(يللي بيسمع بيفكر انو معو شي رولز رويس :) )

كلسينا
04-07-2006, 07:05 PM
فتن يتعرض لها الداعية
هذه المحاولات التي عصم الله منها رسوله ، هي محاولات أصحاب السلطان مع أصحاب الدعوات دائماً . محاولة إغرائهم لينحرفوا-و لو قليلاً-عن استقامة الدعوة و صلابتها . و يرضوا بالحلول الوسط التي يغرونهم بها في مقابل مغانم كثيرة . و من حملة الدعوات من يفتن بهذا عن دعوته لأنه يرى الأمر هيناً ، فأصحاب السلطان لا يطلبون إليه أن يترك دعوته كلية ، إنما هم يطلبون تعديلات طفيفة ليلتقي الطرفان في منتصف الطريق . و قد يدخل الشيطان على حامل الدعوة من هذه الثغرة ، فيتصور أن خير الدعوة في كسب أصحاب السلطان إليها و لو بالتنازل عن جانب منها !
و لكن الإنحراف الطفيف في أول الطريق ينتهي إلى الإنحراف الكامل في نهاية الطريق . و صاحب الدعوة الذي يقبل التسليم في جزء منها و لو يسير ، و في إغفال طرف منها و لو ضئيل ، لا يملك أن يقف عند ما سلم به أول مرة . لأن استعداده للتسليم يتزايد كلما رجع خطوة إلى الوراء !
و المسألة مسألة إيمان بالدعوة كلها . فالذي ينزل عن جزء منها مهما صغر ، و الذي يسكت عن طرف منها مهما ضؤل ، لا يمكن أن يكون مؤمناً بدعوته حق الإيمان . فكل جانب من جوانب الدعوة في نظر المؤمن هو حق كالآخر . و ليس فيها فاضل و مفضول . و ليس فيها ضروري و نافلة . و ليس فيها ما يمكن الإستغناء عنه ، و هي كل متكامل يفقد خصائصه كلها حين يفقد أحد أجزائه . كالمركب يفقد خواصه كلها إذا فقد أحد عناصره !
و أصحاب السلطان يستدرجون أصحاب الدعوات . فإذا سلموا في جزء فقدوا هيبتهم و حصانتهم ، و عرف المتسلطون أن استمرار المساومة ، و ارتفاع السعر ينتهيان إلى تسليم الصفقة كلها !
و التسليم في جانب و لو ضئيل من جوانب الدعوة لكسب أصحاب السلطان إلى صفها ؛ هو هزيمة روحية بالإعتماد على أصحاب السلطان في نصرة الدعوة . و الله وحده هو الذي يعتمد عليه المؤمنون بدعوتهم . و متى دبت الهزيمة في أعماق السريرة ، فلن تنقلب الهزيمة نصراً !
لذلك امتن الله على رسوله (عليه وعلى آله الصلاة والسلام) أن ثبته على ما أوحى الله ، و عصمه من فتنة المشركين له ، و وقاه الركون إليهم-و لو قليلاً-و رحمه من عاقبة هذا الركون ، و هي عذاب الدنيا و الآخرة مضاعفاً ، و فقدان المعين و النصير .
((وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ)) .
و هو دعاء يعلمه اله لنبيه ليدعوه به . و لتتعلم أمته كيف تدعو الله و فيم تتجه إليه . دعاء بصدق المدخل و صدق المخرج ، كناية عن صدق الرحلة كلها . ((وَاجْعَل لِّي مِن لَّدُنكَ سُلْطَانًا نَّصِيرًا )) ..
قوة وهيبة أستعلي بهما على سلطان الأرض و قوة المشركين و كلمة ((من لدنك )) تصور القرب و الإتصال بالله و الإستمداد من عونه مباشرة و اللجوء إلى حماه .
وصاحب الدعوة لا يمكن أن يستمد السلطان إلا من الله . ولا يمكن أن يُهاب إلا بسلطان الله . لا يمكن أن يستظل بحاكم أو ذي جاه فينصره ويمنعه ما لم يكن اتجهاهه قبل ذلك إلى الله . والدعوة قد تغزو قلوب ذوي السلطان والجاه ، فيصبحون لها جنداً وخدماً فيفلحون ، ولكنها هي لا تفلح إن كانت من جند السلطان وخدمه ، فهي من أمر الله ، وهي أعلى من ذوي السلطان والجاه .



((ََقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهق الباطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) .
بهذا السلطان المستمد من الله ، أُعلن مجيء الحق بقوته وصدقه وثباته ، وزهوق الباطل واندحاره وجلاءه . فمن طبيعة الصدق أن يحيا ويثبت ، ومن طبيعة الباطل أن يتوارى ويزهق ..
((إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا)) .حقيقة لدنية يقررها بصيغة التوكيد . وإن بدا للنظرة الأولى أن للباطل صولة ودولة . فالباطل ينتفخ، لأنه باطل لا يطمئن إلى حقيقة ؛ ومن ثم يحاول أن يموه على العين ، وأن يبدو عظيماً كبيراً ضخماً راسخاً ، ولكنه هش سريع العطب .
لأنه لا يحمل عناصر البقاء في ذاته ، إنما يستمد حياته الموقوته من عوامل خارجية وأسناد غير طبيعية ؛ فإذا تخلخلت تلك العوامل ، ووهت هذه الأسناد تهاوى وأنهار . فأما الحق فمن ذاته يستمد عناصر وجوده . وقد تقف ضده الأهواء وتقف ضده الظروف ويقف ضده السلطان .. ولكن ثباته واطمئنانه يجعل له العقبى ويكفل له البقاء ، لأنه من عند الله الذي جعل ((الْحَقُّ)) من أسمائه وهو الحي الباقي الذي لا يزول .
((وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ)) ..
وفي القرآن شفاء من الهوى والدنس والطمع والحسد ونزغات الشيطان .. وهي من آفات القلب تصيبه بالمرض والضعف والتعب ، وتدفع به إلى التحطم والبلى والإنهيار . ومن ثم هو رحمة للمؤمنين . وفي القرآن شفاء من الأتجاهات المختلة في الشعور والتفكير .
وفي القرآن شفاء من العلل الاجتماعية التي تخلخل بناء الجماعة ، وتذهب بسلامتها وأمنها وطمأنينتها . فتعيش الجماعة في ظل نظامه الإجتماعي وعدالته الشاملة في سلامة وأمن وطمأنينة . ومن ثم هو رحمة للمؤمنين .
((وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَارًا)) ..
فهم لا ينتفعون بما فيه من شفاء ورحمة . فهم خاسرون . وفي الآخرة معذبون بكفرهم به ولجاجهم في الطغيان ، فهم خاسرون .
هذا الدرس من سورة الإسراء ولم نتمكن من ضغطه أكثر من ذلك ، رحم الله الشيخ سيد .