تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقتطفات من ظلال سورة الزلزلة ( مقتبس من الظلال )



كلسينا
03-23-2006, 05:53 PM
(99) سورة الزلزلة
بسم الله الرحمن الرحيم
((إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا)) ..
إنه يوم القيامة حيث ترتجف الأرض الثابتة ارتجافاً ، وتزلزل زلزالاً ، وتنفض ما في جوفها نفضاً ، وتخرج ما يثقلها من أجساد ومعادن وغيرها مما حملته طويلاً . وكأنها تتخفف من هذه الأثقال ، التي حملتها طويلاً . وهو مشهد يهز تحت أقدام المستمعين لهذه السورة كل شيء ثابت . والأرض من تحتهم تهتز وتمور . مشهد يخلع القلوب من كل ما تتشبث به من هذه الأرض ، وتحسبه ثابتاً باقياً ؛ ويزيد هذا الأثر وضوحاً بتصوير ((الإنسان )) حيال المشهد المعروض ، ورسم انفعالاته وهو يشهده : ((وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا؟ )) . وهو سؤال المشدوه المبهوت المفجوء ، الذي يرى ما لم يعهد ، ويواجه ما لم يدرك ، ويحاول أن يمسك بأي شيء يسنده ويثبته ، وكل ما حوله يمور موراً شديداً .
فهذا أمر جديد لا عهد للإنسان به . أمر لا يعرف له سراً ، ولا يذكر له نظيراً . أمر هائل يقع للمرة الأولى . ((يَوْمَئِذٍ)) ..يوم يقع هذا الزلزال ، ويُشدَه أمامه الإنسان ((تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)) .. يومئذ تحدث هذه الأرض أخبارها ، وتصف حالها وما جرى لها .. ((بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا)) ..وأمرها أن تزلزل زلزالها ، وأن تخرج أثقالها . فأطاعت أمر ربها ((وأذنت لربها وحقت )) .. تحدث أخبارها . فهذا الحال حديث واضح عما وراءه من أمر الله ووحيه إليها .
وهنا والإنسان مشدوه مأخوذ ، يواجه بمشهد الحشر والحساب والوزن والجزاء : ((يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ )) وفي لمحة نرى مشهد القيام من القبور . نرى مشهدهم شتيتاً منبعثاً من أرجاء الأرض (كأنهم جراد منتشر ) وهو مشهد لا عهد للإنسان به كذلك من قبل . مشهد الخلائق في أجيالها جميعاً تنبعث من هنا ومن هناك : ((يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً )) .. وحيثما امتد البصر رأى شبحاً ينبعث ثم ينطلق مسرعاً . لا يلوي على شيء ، ولا ينظر وراءه ولا حواليه : ((مهطعين إلى الداع )) ممدودة رقابهم ، شاخصة أبصارهم . ((لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه )) .
إنه مشهد لا تعبر عن صفته لغة البشر . هائل مروّع . مفزع . مرعب . مذهل ...
((لِّيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ)) .. وهذه أشد وأدهى .. إنهم ذاهبون إلى حيث تعرض عليهم أعمالهم ، ليواجهوها ، ويواجهوا جزاءها ومواجهة الإنسان لعمله قد تكون أحياناً أقسى من كل جزاء . وإن من عمله ما يهرب من مواجهته بينه وبين نفسه ، ويشيح بوجهه عنه لبشاعته حين يتمثل له في نوبة من نوبات الندم ولذع الضمير . فكيف به وهو يواجه بعمله على رؤوس الأشهاد ، في حضرة الجليل العظيم الجبار المتكبر ؟ .
إنها عقوبة هائلة رهيبة .. مجرد أن يُروا أعمالهم ، وأن يواجهوا بما كان منهم .
ووراء رؤيتها الحساب الدقيق الذي لا يدع ذرة من خير أو من شر لا يزنها ولا يجازي عليها . ((فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ . وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)) .. الذرة لا ترى أبداً حتى بأعظم المجاهر في المعامل . إنما هي (رؤيا) في ضمير العلماء . لم يسبق لواحد منهم أن رآها بعينه ولا بمجهره . وكل ما رآه هو آثارها .
فهذه أو ما يشبهها من ثقل ، من خير أو شر ، تحضر ويراها صاحبها ويجد جزاءها .
عندئذ لا يحقر الإنسان شيئاً من عمله . خيراً كان أو شراً . ولا يقول : هذه صغيرة لا حساب لها ولا وزن . إنما يرتعش وجدانه أمام كل عمل من أعماله ارتعاشة ذلك الميزان الدقيق الذي ترجح به الذرة أو تشيل .
إن هذا الميزان لم يوجد له نظير بعد في الأرض .. إلا في قلب المؤمن ..
القلب الذي يرتعش لمثقال ذرة من خير أو شر ... وفي الأرض قلوب لا تتحرك للجبل من الذنوب والمعاصي والجرائر .. ولا تتأثر وهي تستحق رواسي الجبال ..
إنها قلوب عتلة في الأرض ، مسحوقة تحت أثقالها تلك في يوم الحساب .

منال
12-30-2007, 12:09 PM
نسال الله الثبات

كلسينا
12-30-2007, 12:32 PM
للهم آمين لنا ولك ولأبناء الأمة أجمعين .ونسأل الله الهداية للعالمين