تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : الجعفري يسوق نفسه أمريكيا



من هناك
03-22-2006, 06:34 PM
في مطلع العام الماضي وحين اعربت هيلاري كلينتون خلال زيارتها للعراق عن قلقها من وصول الجعفري لرئاسة الوزراء لعلاقته الوثيقة مع ايران إنبرى الجعفري مدافعا عن نفسه وبأدب جم قائلا في تصريح لراديو سوا الامريكي "عندما غادرت العراق فاني رحلت من أجله ولكن هذا لم يؤثر على عراقيتي ولم يقطع صلتي بالعراقيين" واضاف " العراق يملآ وجودي والوطنية جزء من مبدئي وقيمي ووفائي لشعبي لا حدود له ورعايتي لكل العراقيين تمثل كل طموحي". بالتأكيد لم يحتج الجعفري على تدخل كلينتون بالشأن الداخلي ولم يعتبر تعليقها استفزازا او اساءة اليه. الفراغ السياسي والذي يعاني منه العراق والذي من اسبابه –حسب تصريحات خليل زادة زلماي السفير الامريكي في بغداد- تكالب ساسيي الاحتلال العراقيين على المناصب والمصالح الفردية وقلة وعيهم وعدم احترام بعضهم بعضا مع الرفض العراقي الواسع لتولي الجعفري رئاسة الوزراء نظرا لفشله الذريع في كل شئ اقتصادا وسياسية وأمنا, ووضعه البلاد والعباد على شفا حرب اهلية مدمرة دفع الجعفري لمحاولة تسويق نفسه امريكيا كرجل المرحلة والتي يمكن الاعتماد عليه وذلك من خلال مقال كتبه في صحيفة الواشنطن بوست.
كتب الجعفري في مقاله: "ستكون المهمة الأولى لحكومتي هي إنهاء الإرهاب الذي انتشر في بلدي وشوه سمعة الإسلام. ومع نجاحنا في تحقيق تقدم وتطوير لقوى الأمن، إلا أن الحرب ضد الإرهاب لا يمكن الانتصار فيها بالأساليب العسكرية فقط، فمن اللازم أن يعمل كل العراقيين معا لبناء عراق ديمقراطي وحر". المهمة الاولى وربما الاخيرة لحكومة الجعفري هي محاربة الارهاب وهنا بالتأكيد لا يفرق الجعفري بين مقاومة مشروعة وارهاب مذموم ودون ان يشير الى الاحتلال او رغبته في ان يرى العراق بلدا حرا ذا سيادة. وهنا يرتضي الجعفري بأن يكون صدى لطروحات بوش والذي فشل الاخير في تسويقها عالميا وامريكيا.
يتباهي الجعفري في مقاله بنجاحه في ضمه للتيار الصدري في ما يسمى بالعملية السياسية كواحد من اهم إنجازته وما تبع ذلك فيقول:"وخلال فترة حكمي باعتباري رئيس وزراء منتخباً، لم تهاجم مجموعة الصدر أيا من وحدات قوات الائتلاف". فالجعفري قادر على حماية قوات الاحتلال وتحويل عمليات جيش المهدي او بعض المنضمين إليه الى وجهة اخرى, تذوق مرارتها وما يزال الشعب العراقي. واذ يعترف الجعفري بانتكاسات خلال العام الماضي والتي كان أكثرها إيلاما اكتشاف تعذيب السجناء في سجن تابع لوزارة الداخلية في نوفمبر حسب قوله مضيفا: "وما ان علمت بهذه الأفعال الشنيعة شكلت لجنة تحقيق تضم مسؤولين سنة فقط وانتظر نتائج عملها". الجعفري ينتظر نتائج لجنة التحقيق والتي نعرف عبر وسائل الاعلام الامريكية طبيعة تشكيلها, وعلى الرغم من مرور اكثر من اربعة اشهر فما زال الرجل ينتظر نتيجة التحقيق والتي لن تظهر على الارجح. الامر المثير للبؤس المؤلم في ان الجعفري يحقق فقط بما اماط الامريكيون عنه اللثام من انتهاكات دون ان يتوقف عند فرق الموت والاعداد الغفيرة للجثث والتي يتم اكتشافها كل يوم في العراق الجريح ولا على انتهاكات الاربعاء الاسود او تصفية اعداد متزايدة من الفلسطينين المقيمين في العراق.
وفي سياق التسويق العجيب لنفسه امريكيا وغربيا يكتب الجعفري: "وأخيرا فإنني سأعمل على ضمان واقع عراق ديمقراطي ليبرالي آمن، ليكون منارة للشرق الأوسط. وهذه ليست مجرد أمنية وإنما موضوع ايمان. وبما أنني قد عشت في لندن خلال أغلبية سنوات منفاي، فإنني أقيّم أهمية الحرية وضرورتها لضمان الديمقراطية والتنمية البشرية". لم يستطيع المجاهد والاسلامي الجعفري على تقييم اهمية الحرية وضرورتها الا من خلال اقامته في لندن. فأي انهزام فكري وانسلاخ عن تاريخ امته وحضارتها!!
ويختم الجعفري بما بدأ به, بالحديث المفضل لرموز الادارة الامريكية من المحافظين الجدد فيقول: "ويمتد أملي لإلحاق الهزيمة بالإرهابيين بسلاح قوامه تصميم العراقيين ودعم القوات المتعددة الجنسيات لنجعل العراق اول بلد عربي ديمقراطي. انني أثق بالعمل من أجل شرق اوسط آمن ومستقر وخال من الأسلحة النووية، ليصبح العراق فيه ليس تلك الدولة المنبوذة التي كانت في ظل النظام السابق. ان الطريق الممتد امامنا سيكون عسيرا، ولكن العراقيين جسدوا بالفعل عزمهم وتصميمهم، فيما يتعين على العالم أن لا يترنح في مواقفه في مثل هذه المرحلة الحاسمة من التاريخ". وهنا يكرر الجعفري عبارات بوش عن صعوبة المهمة ونبل الهدف والخاتمة السعيدة المأمولة والتحذير من انسحاب قوات الاحتلال من العراق الجريح, بل انه يزيد بالحديث عن الاسلحة النووية والتي كانت الذريعة الكاذبة لغزو العراق واحتلاله, متفوقا على الادارة الامريكية بتكرار اكاذيبها والتي توقفت الادارة نفسها عن ترديدها. أي ان الجعفري رئيس الوزراء العراقي اكثر أمركة من بوش ورامسفيلد وزلماي!!!

د. ياسر سعد
كندا
[email protected]

من هناك
03-31-2006, 09:19 PM
تراجع مفتي مصر عن فتوى بتحريم التماثيل في البيوت إثر حملة انتقادات عاصفة تعرض لها. تراجع المفتي يكشف الاحوال الماسأوية والتي آلت إليها المؤسسات الدينية الرسمية في غالبية بلاد المسلمين والضغوط الهائلة التي تتعرض لها, لتحولها الى مؤسسات هلامية همها الاساسي ووظيفتها الرئيسية, تطويع الدين ليتلاءم مع رغبات مؤسسة الحكم ومشاريعها ومواقفها. الدكتور علي جمعه مفتي مصر أفتى -او بالاحرى عبر عن فتوى قديمة ومعروفة- بتحريم تزيين المنازل بالتماثيل مستندا إلى الحديث الشريف الذي أورده البخاري ومسلم «أن الملائكة لا تدخل بيتا به كلاب أو صور»، وجدد جمعه تمسكه بموقفه في ندوة عقدت مؤخرا بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حول «الشريعة والإرهاب», مشيرا إلى أن هناك فتاوى لمفتين سابقين تحرم التماثيل ومنهم الشيخ هريدي والدكتور نصر فريد واصل وكذلك الشيخ جاد الحق علي. وأكد جمعة في الندوة تحريم التماثيل استناداً إلى أن الرأي الغالب لدى الأئمة هو تحريمها، مشيراً إلى أن هناك رأياً ضعيفاً بعدم التحريم.

وزير الثقافة المصري فاروق حسني وهو فنان تشكيلي رد على المفتي مفندا فتواه بقوله أن التمثال صورة مجسمة وإذا تم تحريمها فمعنى ذلك تحريم الصور، وينسحب ذلك على كل أشكال ومفردات الفن وعلى الصور التي تنشرها الصحف والمجلات للشخصيات وغيرها. ونوه حسني إلى أن التمثال قيمة فنية وهو في الأساس يجسد نوعا من المحاكاة لما خلقه الله سبحانه وتعالى، كما أن تماثيل الشخصيات التاريخية مثل سعد زغلول ومصطفى كامل وغيرهم, صنعت لتمجيد بطولاتهم في ذاكرة الشعوب. وأشار وزير الثقافة إلى أن حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي استند إليه المفتي في فتواه كان المقصود به تحريم تماثيل الجاهلية التي كانت تستخدم للعبادة ولا ينسحب على تماثيل العصر الحالي الذي تصنع بغرض الفن وتمجيد شخصيات أثرت في تاريخ شعوبها. وطالب فاروق حسني بأن تتسم الفتوى بذكاء العصر مشيرا إلى أن المفتي رجل متفتح وهو يكن له كل الاحترام.

المفكر محمود أمين العالم استغرب فتوى المفتي وقال: لن أرد على مثل هذه الفتوى التي تندرج في ثقافة الجاهلية، أنا مندهش كيف يصدر هذا عن رجل تعلم في فرنسا وأعرف أنه مستنير ومتفتح ومحب للحياة، إن التماثيل لها قيمة فنية كبيرة، وهي ركن أساسي في كل الحضارات التي شكلت وعي الإنسانية.

الفنان والناقد التشكيلي عز الدين نجيب صاحب كتاب «فجر التصوير المصري الحديث» ادلى هو الآخر بدلوه واصفا فتوى المفتي بأنها رجعية وتجاوزها فكر العالم بما في ذلك المسلمين في الدول الأصولية المتشددة مثل إيران التي تحتفي الآن بالفنون الجميلة بما فيها التصوير والنحت ناهيك عن السينما. وأضاف عز الدين أن هذه الفتوى وأمثالها تذكرنا بعصور الظلام في القرون الوسطى، ولا حاجة للمجتمع من قريب أو بعيد إليها.

اما الكاتب سامي خشبة نائب رئيس مجلة «الثقافة الجديدة» وان اعترف بأنه ليس فقيها، غير انه قال: كيف تصدر مثل هذه الفتوى، إن نظرة بسيطة للتاريخ الإسلامي تؤكد أن ازدهار الدولة وبخاصة في أواخر الدولة الطولونية حتى الفاطمية أرتبط بازدهار الفن، فهناك الكثير من الرسوم للطيور والحيوانات في الكثير من متاحف العالم مثل اسطنبول في تركيا–في زمن سلاطين بني عثمان المعروفين بأنهم «سنيون متشددون»- وفي إيطاليا ومتحف الفن الإسلامي بمصر.
مع الضغوط الكبيرة والتي مورست عليه (ومنها ما قد يُخفى علينا) و"الارهاب" الفكري والذي حوصر به اضطر المفتي د. جمعة وفي برنامج تلفزيوني الى التراجع عن موقفه وفتواه، قائلا ما خلاصته أن هناك آراء تحرم التماثيل وأخرى تبيحها ونحن نأخذ بفكرة الإباحة مبررا ذلك بأنه الحل الأمثل للخروج من الخلاف وضرورة التعايش مع مقتضيات الظروف التي يفرضها الواقع.

فتوى التماثيل والتراجع عنها تظهر وبوضوح ضعف المناعة وعدم قدرة المؤسسة الدينية الرسمية على المواجهات في امور بسيطة فما بالك بالمواقف الصعبة والحاسمة والتي تطلب مواقفا صارمة وواضحة. كما ان القضية تكشف الجرأة الكبيرة على الدين وعلى تفنيد الفتاوى وردها واطلاقها من شخصيات ليس لها في هذا المضمار ناقة ولا جمل. بطبيعة الحال ليس لإحد ان يرغم او يكره كائن من كان على الالتزام بفتوى او بأمر شرعي خصوصا اذا كان الامر يتعلق بالامور الشخصية داخل البيوت الخاصة, فتطبيق الاحكام الخاصة امر يتعلق بالعلاقة بين العبد وخالقه, ولكن ان تصل الجرأة ببعض العلمانيين على الافتاء او فرض فهمهم المغلوط للدين واحكامه على المفتي فالامر مثير لمشاعر السخط والاستياء. امثال هذه المواقف تدفع ببعض الشباب المحبط من الاحوال السياسية والاقتصادية والاجتماعية البائسة الى مزيد من الابتعاد عن العلماء خصوصا من كان لهم صلة بالجهات الرسمية واخذ زمام المبادرة واصدار الفتاوى والتزام مواقف قد تؤدي بهم الى تطرف حقيقي.

من المؤلم ان الدور المامؤل لعلماء الامة ورموزها يتضاءل يوما بعد آخر. وفي وقت تتكالب على امتنا الازمات والمصائب والرزايا, نجد ان علماء الامة ودعاتها هم الغائب الاكبر عن الساحة حضورا وتأثيرا بل لا تكاد تسمع لهم حتى همسا. والامر ليس محصورا بالعلماء الرسميين والحكوميين بل ويشمل كثيرا من الجماعات الاسلامية "المعتدلة" وممن يوصفون برموز الصحوة الاسلامية. في مسألة الانتهاكات بحق القرآن في غوانتناموا لم نلحظ تحركا او تنديدا ولو لفظيا من غالبية الاطراف الاسلامية حكومات وجماعات وعلماء -الا ما رحم ربي- الا بعد تصريح كونداليزا رايس بان الامر اذا ثبت فهو غير مقبول. وفي قضية الكارتون الدانماركي تحمس الدعاة والعلماء وتبلورت المبادرات وانعقدت المؤتمرات اشهرا بعد نشر تلك الرسوم إثر تحرك حكومات اسلامية واتخاذها مواقف مندده بتلك التجاوزات والاساءات.

في الماسأة العراقية الدامية والمتواصلة وفي ظلال فتنة الحرب الطائفية والاعداد الغفيرة من الضحايا المتساقطين وبشكل يومي والانتهاكات بحق المقدسات وحرمات المسلمين والجرائم المرتكبة في حق فلسطيني العراق, نجد ان مواقف غالبية العلماء متطابقة مع مواقف الحكومات متلخصة بغض البصر والإعراض والسلبية المطلقة. الامر يتكرر في قضية استهداف السودان وتمزيقه من بوابة دارفور. وفي مسائل الاستبداد والفساد الاداري والعبث بمقدرات الامة وهدر ثرواتها فيما البطالة تنهش مستقبل شبابها والفقر والفاقة ينخران في كثير من مجتمعات المسلمين مخلفين مآس اخلاقية واجتماعية خطيرة, يلتزم علماؤنا او الكثير منهم بحكمة ذهبية السكوت فيما يتم إغفال السلوكيات والمواقف الشجاعة والصادحة بالحق والتي يتم من خلالها الرقي بالامة الى خيريتها والتي تتجسد في "تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر". سلبية قطاع من اهل العلم وغيابهم عن ساحاتهم هو الذي يدفع بالعلمانيين وانصاف المتعلمين الى التجرؤ على حدود الدين واحكامه.

ياسر سعد- كندا
[email protected]

من هناك
04-08-2006, 06:29 PM
ما الذي يمتلكه النظام السوري في سجلاته التاريخية وواقعه المعاصر لمواجهة أي معارضة وطنية ديمقراطية وسلمية ؟ وهل يستطيع نظام غلبت على مفاصله الترهل والتآكل وعلى اجوائه التعفن السياسي ان يتعايش مع نسمات من الحرية الحقيقة ناهيك عن الصمود امام رياحها؟ ما هي احوال البلاد الاقتصادية والعلمية والسياسية وما هي مكانتها الاقليمية والدولية والتي اوصلنا النظام إليها بعد تفرده المطلق في حكم البلاد والعباد لإكثر من اربعة عقود عجاف؟ وكيف اصبحت مكانة المواطن السوري المقهور في وطنه وخارجه وهو المحاصر في لقمته والملاحق حتى في غربته القسرية منها كانت او الطوعية وان كانت الدوافع متطابقة, فساد الحكم وتدميره مقومات البلاد ومكانتها وإمكانياتها. هل مشكلة النظام السوري تكمن في ان بعض الاطراف الدولية النافذة تريد تسيس قضية جريمة إغتيال رفيق الحريري, كما يزعم إعلام النظام وابواقه؟ لقد نشأ النظام السوري واشتد عوده واسلوبه ومنهجه التصفيات والاغتيالات والتجاوزات البالغة على حقوق الانسان وكرامته, والتي يعرفها الجميع ويضيق بذكرها كتاب ناهيك عن مقال مثل جرائم اغتيال كمال جنبلاط ورياض طه وسليم اللوزي وبنان الطنطاوي والمفتي حسن خالد ومجزرة تدمر ومأساة حماة وتل الزعتر وغيرهم كثير.
قد تكون حماقة النظام ورعونته في لبنان مؤخرا هي التي قادته الى مسلسلات الامتهان والتي يتقلب بها ويتعرض لها سياسيا على الساحة الدولية. غير ان تأخر فتح ملفات النظام الدموية وتجاوزاته الخطيرة وانتهاكاته البائسة دوليا تبرهن على الادوار الكبيرة والتي كان النظام يؤديها في المنطقة والتي نعاني جميعا منها ومن تبعاتها الان من خلال ضعف ان لم نقل انهيار جهاز المناعة السياسي والعسكري للنظام العربي الرسمي. الادوار التي أداها النظام في تاريخ المنطقة كثيرة وعديدة منها على سبيل المثال محاصرة المقاومة الفلسطينية وتمزيقها والتحالف مع ايران لإدامة حربها المدمرة مع العراق والعبث بمكانة الجيش السوري وتحجيمه واهانته و تلويث المجتمع السوري وبث اخلاقيات الرشوة والوساطات وعلى خلفيات طائفية فيه, ونشر ثقافة النفاق والتزلف واللغة الاعلامية الخشبية والفاقعة من جهة اختلاق الاكاذيب وترديدها بصفاقة عجيبة. ما قدمه النظام السوري لمن كان وما يزال يدعي مقاومتهم والصمود امامهم هي التي أهلت نظاما معزولا ومكروها من الناحية الشعبية ومجدبا فقيرا من ناحية الانجازات, ليستمر في الحكم عقودا طويلة وليورث ذلك الحكم من بعد ذلك في مسرحية كوميدية سوداء.
حين وصل بشار الاسد الى سدة الحكم رفع شعار محاربة الفساد الاداري وتبني الاصلاح السياسي. محاربة الفساد في قاموس النظام السوري هي اداة لتصفية الخصوم السياسيين وسيف مسلط على رقاب رجالات النظام حال اختلافهم معه او تجرؤهم على انتقاد الاوضاع المزرية او محاولة الخروج عليها كما حصل مع نائب الرئيس السابق خدام. وبالتالي فإن فلسفة محاربة الفساد في عرف النظام السوري هي واحدة من ابشع صور الفساد السياسي واقبحها. اما الاصلاح والذي يتم ضمن النظام السوري فهو يستهدف في جوهره اطالة عمر دكتاتوريته البائسة مع غطاء ديكوري قاحل على وجهها القبيح, ولقطع الطريق امام اي محاولات اصلاحية جادة ومخلصة. بشار الاسد وفي خلال لقاءته مع وسائل الاعلام الامريكية والتي تعددت في الآونة الاخير, يتسول الرضا والقبول الامريكي محاولا وبإستماتة ان يسوق نفسه كصمام امان من بدائل متطرفة تستهدف المصالح الامريكية في المنطقة. النظام السوري يقف مترنحا امام المطالب الامريكية والغربية وبخضوع وصغار كبيرين, الم يرسل بشار رسالته الاعلامية مع مراسم التايم الامريكية انه ليس مثل صدام وانه جاهز للتعاون؟ وما زال يرسل الاشارات والتلميحات في نفس السياق من وقت لآخر.
حين يُسأل بشار الاسد في مقابلاته الاعلامية عن الاصلاح الموعود فإن اجاباته والتي يطغى عليها عادة الفلسفة الجوفاء والجدل العقيم, تنحي باللائمة على الصعوبات التي يواجهها الاصلاح وضعف الامكانيات في البلاد وان اولويات المواطن السوري تكمن في الاحوال الاقتصادية وفي تحصيل قوته وسبل معاشه. النظام السوري بمثل هذه الطروحات يدين نفسه وبشكل حاسم وبطريقة يعجز عنها منافسوه وخصومه. فالنظام يعترف بأن حكمه الطويل والمتفرد للبلاد قد ادى الى تدهور الاحوال فيها بحيث اصبح الاصلاح بوجود هذه النظام اشبه بالمستحيل. كما ان سرطان الفساد الاقتصادي والاداري في البلاد والذي صنع اثرياء يتربعون على مليارات الدولارات من عائلة الاسد وحاشيته, بعثرت اولويات المواطن المسحوق حتى جعلت لقمة العيش همه الاول والاخير.
ما ان يستشعر النظام السوري -ولو وهما او من خلال قراءة خاطئة- بان الضغوط على نظامه قد هدأت او خبت قليلا حتى يبدأ وبتجح بالتعامل القاسي مع مواطنيه والناشطين السياسيين والتلويح لهم بالعصا الغليظة وتوقيفهم والزج بهم في سجونه ومراكز الاعتقال وشن الحملات الاعلامية عليهم لإغتيالهم معنويا واتهامهم بالاستقواء بالخارج. ليؤكد هذا النظام ويبرهن على انه عصي على الاصلاح وهو ابعد ما يكون عن هموم الوطن او طموحات مواطنيه. وبالتالي فإن المعارضة السورية بكل اشكالها واطيافها لم يبقى لها من خيار سوى المطالبة بالتغيير السلمي للنظام ومحاكمة رجاله ورموزه على تجاوزاتهم الخطيرة وانتهاكاتهم الجسيمة بحق البلاد والعباد وتعاملهم مع الوطن كمزرعة خاصة لنزواتهم ورغباتهم المريضة يعيثون فيه فسادا وإفسادا.
ياسر سعد
كندا
[email protected]