تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : مقتطفات من ظلال سورة العاديات( مقتبس من الظلال )



كلسينا
03-15-2006, 06:19 PM
(100)سورة العاديات
بسم الله الرحمن الرحيم
((وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا، فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا، فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا، فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا، فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا)) .. يقسم الله سبحانه بخيل المعركة ، ويصف حركاتها واحدة واحدة منذ أن تبدأ عدوها ضابحة بأصواتها المعروفة حين تجري ، قارعة للصخر بحوافرها حتى توري الشرر منها ، مغيرة في الصباح الباكر لمفاجأة العدو ، مثيرة للنقع والغبار . غبار المعركة على غير انتظار . وهي تتوسط صفوف الأعداء على غرة فتوقع بينهم الفوضى والاضطراب .
إنها خطوات المعركة على ما يألفه المخاطبون بالقرآن الكريم أول مرة ... والقسم بالخيل في هذا الإيطار فيه إيحاء قوي بحب هذه الحركة والنشاط لها ، بعد الشعور بقيمتها في ميزان الله والتفاته سبحانه إليها ؟
وذلك فوق تناسق المشهد مع المشاهد المقسم عليها والمعقب بها . أما الذي يقسم الله (سبحانه ) عليه ، فهو حقيقة في نفس الإنسان ، حين يخوى قلبه من دوافع الإيمان . حقيقة ينبهه القرآن إليها ، ليجند إرادته لكفاحها ، مذ كان الله يعلم عمق وشائجها في نفسه ، وثقل وقعها في كيانه : ((إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ . وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ . وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)) .. إن الإنسان ليجحد نعمة ربه ، وينكر جزيل فضله . ويتمثل كنوده وجحوده في مظاهر شتى تبدو منه أفعالاً وأقوالاً ، فتقوم عليه مقام الشاهد الذي يقرر هذه الحقيقة . وكأنه يشهد على نفسه بها . أو لعله يشهد على نفسه يوم القيامة بالكنود والجحود : ((وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ)) .. يوم ينطق بالحق على نفسه حيث لا جدال ولا محال . ((وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ)) ..فهو شديد الحب لنفسه ، ومن ثم يحب الخير . ولكن كما يتمثله مالا وسلطة ومتاعاً بأعراض الحياة الدنيا ...
هذه فطرته . وهذا طبعه . ما لم يخالط الإيمان قلبه . فغير من تصوراته وقيمه وموازينه واهتماماته . ويحيل كنود وجحوده اعترافاً بفضل الله وشكراناً . كما يبدل أثرته وشحه إيثاراً ورحمة . ويريه القيم الحقيقية التي تستحق الحرص والتنافس والكد والكدح . وهي قيم أعلى من المال والسلطة والمتاع الحيواني بأعراض الحياة الدنيا ..إن الإنسان (بغير إيمان ) حقير صغير . حقير المطامع ، صغير الاهتمامات . ومهما كبرت أطماعه . واشتد طموحه ، وتعالت أهدافه ، فإنه يظل مرتكساً في حمأة الأرض ، مقيداً بحدود العمر ، سجيناً في سجن الذات .. لا يطلقه ولا يرفعه إلا الاتصال بعالم أكبر من الأرض ، وأبعد من الحياة الدنيا ، وأعظم من الذات .. عالم يصدر عن الله الأزلي ، ويعود إلى الله الأبدي ، وتتصل فيه الدنيا بالآخرة إلى غير انتهاء ..
ومن ثم تجيء اللفتة الأخيرة في السورة لعلاج الكنود والجحود والأثرة والشح ، لتحطيم قيد النفس وإطلاقها منه . مع عرض مشهد البعث والحشر في صورة تنسي حب الخير ، وتوقظ من غفلة البطر : ((أَفَلَا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي الْقُبُورِ ، وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ؟ )) .. وهو مشهد عنيف مثير . بعثرة لما في القبور . وبعثرة بهذا اللفظ العنيف المثير . وتحصيل لأسرار الصدور التي ضنت بها وخبأتها بعيداً عن العيون . تحصيل بهذا اللفظ العنيف القاسي .. فالجو كله عنف وشدة وتعفير . أفلا يعلم إذا كان هذا ؟ ولا يذكر ماذا يعلم ؟ لأن علمه بهذا وحده يكفي لهز المشاعر . ثم ليدع النفس تبحث عن الجواب ، وترود كل مراد ، وتتصور كل ما يمكن أن يصاحب هذه الحركات العنيفة من آثار وعواقب . ويختم هذه الحركات الثائرة باستقرار ينتهي إليه كل شيء ، وكل أمر ، وكل مصير : ((إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ)) .. فالمرجع إلى ربهم (يومئذ) وبأحوالهم وأسرارهم .. والله خبير بهم في كل وقت وفي كل حال . ولكن لهذه الخبرة (يومئذ) آثار هي التي تثير انتباههم لها في هذا المقام ... إنها خبرة وراءها عاقبة . خبرة وراءها حساب وجزاء . وهذا المعنى الضمني هو الذي يلوح به في هذا المقام .

منال
12-30-2007, 12:11 PM
هل يدمج مع مقتطفات من سورة الزلزلة ام يبقى وحده؟

بارك الله فيك

هنا الحقيقه
12-30-2007, 12:20 PM
يا اخت منال تكسبين اجرا عظيما ان شاء الله
لرفعك هذه المواضيع الجميلة الرائعة

منال
12-30-2007, 12:29 PM
اللهم امين واياكم

صراحة العم كلسينا موضوعاته وكلامه درر وانا غبت فترة وعدت فلم اجده يكتب قلت خير ان شاء الله اين ذهب؟ قال انشغل ولم يجد هنا مشاركات فاعتزل

نسال الله ان يعيده ويبارك لنا فى جهوده ويتحفنا بما يقول من معان مختصرة مفيدة

كلسينا
12-30-2007, 01:38 PM
بارك الله فيكي أخت منال واشكرك على هذه الشهادة التي أعتز بها ،كما نشكر الأخ هنا الحقيقة على هذا التقييم ، واسأل الله أن ينفعنا بالعلم وينفع منا ويجعلنا كالأرض التي تستفيد من الماء وتممررها لغيرها لاتغبها وتحبسها . وغيابي أختي الكريمة ليس أعتزال ولكن كما قلنا سابقاً أنا لا اأكتب لأزيد عدد المشاركات فنحن هنا بمنتدى حواري ولسنا بمحطة إرسال أو إعلان . وبما أن ما نكتبه لا يستهوي الموجودين ولا يسترعي أنتباههم ومناقشاتهم . فعلام الكتابة ولمن ؟
أكرر شكري لك لنبشك في حقائب الماضي بحثاً عما كتبنا ودفن مع الأيام ، ولإحيائك غرسة في نفسي كانت تميل للذبول .
أما بالنسبة لسور الجزء الثلاثين بغالبيتها تحمل إيقاع واحد تقريباً ، إيقاع قوي عنيف يهز النفس وكأنه صرخة قوية مدوية في آذان النائمين وكأنها لاتوقظهم وحسب وإنما تدفعهم بقوة وبعنف ليقفوا وينظروا أين هم بصورة متعددة الأبعاد تدفعهم للآخرة ومشاهدها وتشدهم للأرض ليقيسو أعمالهم ويقيموها ويعيدو حساباتهم أين ستؤدي بهم الطريق التي يسيرون فيها . ومن هنا نجد أن سور هذا الجزء كلها مرتبطة بمحور واحد ومتتابعة وكأنها سلسلة ، أو كأنها صورة واحدة من عدة زوايا مختلفة .

منال
12-30-2007, 01:40 PM
طيب نحن سنقرا لكم عمو كلسينا ونشارك هل تتفضل مشكورا بمعاودة الكتابة؟