طرابلسي
03-14-2006, 07:09 PM
التاريخ:17/01/1427 الموافق 16/02/2006 |القراء:673 | نسخة للطباعة
موقع اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء / شغلت المقاطعة مساحة واسعة جداً من خارطة العالم الإسلامي؛ تعبيراً عن الشعور الغاضب الذي عمّ الأمة تجاه دولة الدانمارك التي أساءت برسومها الساخرة إلى نبي الأمة (صلى الله عليه وسلم) ، وقياماً بإحدى الخطوات الواجبة على الأمة نصرةً لنبيها (صلى الله عليه وسلم) بعد تلك الإساءة !
والراصد لقضية المقاطعة الإسلامية لمنتجات الدانمارك يقف على نتيجتين "قويتين":
إحداهما- قوة التفاعل الإيجابي مع قرار المقاطعة والالتزام الجاد به من قِبَل الشعوب المسلمة في كل بلاد الإسلام.
والأخرى- قوة أثر تلك المقاطعة –مع أنها لاتزال في بداياتها- على حسابات دولة الدانمارك: السياسية والاقتصادية... وأخرى غيرها!
* وبما أن قرار المقاطعة الاقتصادية الذي اتخذته الشعوب المسلمة ذو إطار شرعي (حيث يمثل الدور الواجب على الأمة في نصرة النبي (صلى الله عليه وسلم) )؛ وجب أن يأخذ حظه الكافي من التأصيل الشرعي للمسألة، لئلا تستأثر العاطفة وحدها -مهما كانت صادقة- على القضية، فتتجاوز بها بعض الحدود والضوابط الشرعية.. إفراطاً أو تفريطاً !
ومن هنا فقد كانت هذه الأسطر محاولة - على عجل- لتقريب شيء من فقه المقاطعة الاقتصادية، يتناول عرض الأدلة ووجه الدلالة، وفي طياته إيضاح لبعض المشكلات، ودفع لبعض الشبهات، أرجو أن يتضح به المسلك الشرعي للمسألة، ووراء ذلك من البحث للمستزيد مزيد .
وقد جاء بحث مسائل الموضوع تحت العناوين التالية:
1. مشروعية المقاطعة.
2. هل المقاطعة واجبة أو مستحبة؟
3. لماذا المقاطعة؟
4. إلى متى المقاطعة؟
1- مشروعية المقاطعة:
ثبت في عدد من الأدلة الشرعية مشروعية المقاطعة التجارية للعدو، وأنها وسيلة مشروعة تُسلك لإرغام العدو والتضييق عليه، أو الانتقام منه وأخذ الثأر، وتلك الأدلة منها ما هو عام الدلالة تندرج تحته المقاطعة، ومنها ما هو خاص بها، ومن ذلكم:
( أ ) كل آيات الجهاد في كتاب الله المتضمنة لجهادي المال والنفس، نحو قوله تعالى:]انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله[، ]ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم`تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم[ .
والمقاطعة التجارية داخلة في جهاد العدو بالمال؛ لأن الجهاد بالمال كما يكون ببذله لإضعاف العدو، يكون بإمساكه عنه لإرهاقه كذلك!
وليُلحظ تقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في كل الآيات، إلا موضع سورة التوبة:]إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة[، وهذا التقديم للجهاد بالمال على النفس له دلالة ولابد، ولعل منها: اقتدار كل المكلفين على الجهاد بالمال(بذلاً وإمساكاً) بلا استثناء، بخلاف الجهاد بالنفس الذي قد يعجز عنه بعض المكلفين أو يُحال بينهم وبينه. ومنها: كون الجهاد بالمال دعامة للجهاد بالنفس وليس العكس، وكونه أسبق منه إعداداً وتنفيذاً في ميادين الجهاد، فناسب ذلك سبقه عليه في الذكر الحكيم، والعلم عند أحكم الحاكمين!
( ب ) قوله تعالى – في أوجه العمل الصالح الذي يُكتب لصاحبه لوناً من ألوان الجهاد-:]ماكان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولايرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لايصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاًُ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به عمل صالح].
والمقاطعة الاقتصادية للعدو نيل عظيم منه ولا شك، لمـّا تبور تجارته بديار المسلمين ويحل بها الكساد.
( ج ) قوله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود والنسائي: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم"، وقد تقدم أن الجهاد بالمال كما يكون بإنفاقه في الغزو وتجهيز الغزاة، فإنه يكون بإمساكه عن الوصول للعدو لئلا يتقوى به على قتال المسلمين وعدائهم.
ولئلا يُقال: إن هذا تكلف في فهم الدليل وإقحام ما لا يحتمله من المعاني فيه، فهاهنا دليلان من وقائع السيرة، أحدهما فعل والآخر إقرار منه (صلى الله عليه وسلم) ، وكلاهما دال على المشروعية :
( د ) كل الغزوات والسرايا التي كانت قبل غزوة بدر الكبرى، بل حتى غزوة بدر ذاتها كان المقصد منها اعتراض قوافل قريش التجارية وأخذ أموالها وحصارها اقتصادياً، فسرية حمزة إلى (سِيف البحر)، وسرية سعد بن أبي وقاص إلى (الخرّار)، وغزوة الأبواء (ودّان) وسرية عبيدة بن الحارث إلى (رابغ)، وغزوة (بُواط)، وسرية عبدالله بن جحش إلى (نخلة)، وغزوة (العُشَيرة) التي أفلت فيها أبوسفيان بالقافلة في ذهابه إلى الشام، وهي القافلة ذاتها التي خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) يريدها حين عادت نادباً إليها أصحابه قائلاً: "هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله يُنفّلكموها"، لكنها أفلتت فكانت غزوة بدر الكبرى !
فكل تلك الغزوات والسرايا كان هدفها الأول هو الحصار الاقتصادي واعتراض القوافل وقطع تجارة قريش، إضعافاً للعدو وكسراً لشوكته... وهل المقاطعة الاقتصادية إلا من هذا الباب ؟
( هـ) قصة ثمامة بن أثال (رضي الله عنه) لمّا أسلم، فقطع تجارة الحنطة عن قريش التي كانت تأتيهم من قِبَله من اليمامة، وأقسم لهم: "ولا والله لايأتيكم من اليمامة حبّةُ حنطة حتى يأذن فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) "، وخبره هذا في الصحيحين. فكان ثمامة (رضي الله عنه) بذلك أول مقاطِع تجاري للعدو في الإسلام –بمعناه الاصطلاحي-، فإنه استشعر دوره ضد قريش لكفرها وحربها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، واستخدم سلاحه الذي يملك وقاطع تجارتهم، فكان في ذلك إرهاق قريش وتجويعها، حتى أرسلوا إليه (صلى الله عليه وسلم) يسألونه بالرحم أن يكتب إلى ثمامة ليُخلي لهم حمل الطعام، فكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك ورفع الحصار.
وفي الحديث من الفقه: عدم اشتراط إذن الإمام للمقاطعة، خلافاً لمن قال به! فإن ثمامة قاطعهم ولم يستأذن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بل أقره (صلى الله عليه وسلم) على ذلك ولم ينكر عليه إقدامه على ذلك بلا إذن منه، ولا عدّ ذلك افتئاتاً وجرأة على مقامه (صلى الله عليه وسلم) ، بل لو استدل مستدل بهذا الخبر على اشتراط إذن الإمام لرفع المقاطعة بعد إقدام المسلمين عليها لكان أقرب... وهو بعيد!
وبعد: فما سبق من الأدلة دلّ على مشروعية المقاطعة كما تقدم، والدلالة على "المشروعية" أعم من الدلالة على أحد أفرادها: الوجوب، والندب، والإباحة، وإذا كانت المقاطعة –عند الحاجة إليها والمناداة بها- مطلباً شرعياً فقد خرجت من حيّز الإباحة، وانحصر حكمها بين الوجوب والاستحباب (الندب)، وهذا هو المبحث التالي:
2- هل المقاطعة الاقتصادية اليوم واجبة أم مستحبة ؟
الأصل في التعامل مع غير المسلم الإباحة (بالضوابط الشرعية)، وحكم المقاطعة (الدائر بين الوجوب والاستحباب) لا يتعارض مع ذلك الأصل؛ لأن حكم المقاطعة طارئ، يطرأ بطروء أسبابه ودواعيه، ويزول بزوالها ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) مع عداوة اليهود له بالمدينة وحصاره إياهم وحربهم وإجلائهم فقد كان يبيع ويشتري معهم، لكنه لمّا احتاج إلى المقاطعة في ظرف من الظروف حاصرهم في حصونهم، بل وحرق نخل مزارعهم كما فعل مع بني النضير، وفي ذلك نزل قوله تعالى: [ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين].
موقع اللجنة العالمية لنصرة خاتم الأنبياء / شغلت المقاطعة مساحة واسعة جداً من خارطة العالم الإسلامي؛ تعبيراً عن الشعور الغاضب الذي عمّ الأمة تجاه دولة الدانمارك التي أساءت برسومها الساخرة إلى نبي الأمة (صلى الله عليه وسلم) ، وقياماً بإحدى الخطوات الواجبة على الأمة نصرةً لنبيها (صلى الله عليه وسلم) بعد تلك الإساءة !
والراصد لقضية المقاطعة الإسلامية لمنتجات الدانمارك يقف على نتيجتين "قويتين":
إحداهما- قوة التفاعل الإيجابي مع قرار المقاطعة والالتزام الجاد به من قِبَل الشعوب المسلمة في كل بلاد الإسلام.
والأخرى- قوة أثر تلك المقاطعة –مع أنها لاتزال في بداياتها- على حسابات دولة الدانمارك: السياسية والاقتصادية... وأخرى غيرها!
* وبما أن قرار المقاطعة الاقتصادية الذي اتخذته الشعوب المسلمة ذو إطار شرعي (حيث يمثل الدور الواجب على الأمة في نصرة النبي (صلى الله عليه وسلم) )؛ وجب أن يأخذ حظه الكافي من التأصيل الشرعي للمسألة، لئلا تستأثر العاطفة وحدها -مهما كانت صادقة- على القضية، فتتجاوز بها بعض الحدود والضوابط الشرعية.. إفراطاً أو تفريطاً !
ومن هنا فقد كانت هذه الأسطر محاولة - على عجل- لتقريب شيء من فقه المقاطعة الاقتصادية، يتناول عرض الأدلة ووجه الدلالة، وفي طياته إيضاح لبعض المشكلات، ودفع لبعض الشبهات، أرجو أن يتضح به المسلك الشرعي للمسألة، ووراء ذلك من البحث للمستزيد مزيد .
وقد جاء بحث مسائل الموضوع تحت العناوين التالية:
1. مشروعية المقاطعة.
2. هل المقاطعة واجبة أو مستحبة؟
3. لماذا المقاطعة؟
4. إلى متى المقاطعة؟
1- مشروعية المقاطعة:
ثبت في عدد من الأدلة الشرعية مشروعية المقاطعة التجارية للعدو، وأنها وسيلة مشروعة تُسلك لإرغام العدو والتضييق عليه، أو الانتقام منه وأخذ الثأر، وتلك الأدلة منها ما هو عام الدلالة تندرج تحته المقاطعة، ومنها ما هو خاص بها، ومن ذلكم:
( أ ) كل آيات الجهاد في كتاب الله المتضمنة لجهادي المال والنفس، نحو قوله تعالى:]انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله[، ]ياأيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم`تؤمنون بالله ورسوله وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم[ .
والمقاطعة التجارية داخلة في جهاد العدو بالمال؛ لأن الجهاد بالمال كما يكون ببذله لإضعاف العدو، يكون بإمساكه عنه لإرهاقه كذلك!
وليُلحظ تقدم الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في كل الآيات، إلا موضع سورة التوبة:]إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة[، وهذا التقديم للجهاد بالمال على النفس له دلالة ولابد، ولعل منها: اقتدار كل المكلفين على الجهاد بالمال(بذلاً وإمساكاً) بلا استثناء، بخلاف الجهاد بالنفس الذي قد يعجز عنه بعض المكلفين أو يُحال بينهم وبينه. ومنها: كون الجهاد بالمال دعامة للجهاد بالنفس وليس العكس، وكونه أسبق منه إعداداً وتنفيذاً في ميادين الجهاد، فناسب ذلك سبقه عليه في الذكر الحكيم، والعلم عند أحكم الحاكمين!
( ب ) قوله تعالى – في أوجه العمل الصالح الذي يُكتب لصاحبه لوناً من ألوان الجهاد-:]ماكان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله ولايرغبوا بأنفسهم عن نفسه ذلك بأنهم لايصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئاًُ يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كُتب لهم به عمل صالح].
والمقاطعة الاقتصادية للعدو نيل عظيم منه ولا شك، لمـّا تبور تجارته بديار المسلمين ويحل بها الكساد.
( ج ) قوله (صلى الله عليه وسلم) في الحديث الصحيح الذي أخرجه أبوداود والنسائي: "جاهدوا المشركين بأموالكم وأيديكم وألسنتكم"، وقد تقدم أن الجهاد بالمال كما يكون بإنفاقه في الغزو وتجهيز الغزاة، فإنه يكون بإمساكه عن الوصول للعدو لئلا يتقوى به على قتال المسلمين وعدائهم.
ولئلا يُقال: إن هذا تكلف في فهم الدليل وإقحام ما لا يحتمله من المعاني فيه، فهاهنا دليلان من وقائع السيرة، أحدهما فعل والآخر إقرار منه (صلى الله عليه وسلم) ، وكلاهما دال على المشروعية :
( د ) كل الغزوات والسرايا التي كانت قبل غزوة بدر الكبرى، بل حتى غزوة بدر ذاتها كان المقصد منها اعتراض قوافل قريش التجارية وأخذ أموالها وحصارها اقتصادياً، فسرية حمزة إلى (سِيف البحر)، وسرية سعد بن أبي وقاص إلى (الخرّار)، وغزوة الأبواء (ودّان) وسرية عبيدة بن الحارث إلى (رابغ)، وغزوة (بُواط)، وسرية عبدالله بن جحش إلى (نخلة)، وغزوة (العُشَيرة) التي أفلت فيها أبوسفيان بالقافلة في ذهابه إلى الشام، وهي القافلة ذاتها التي خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) يريدها حين عادت نادباً إليها أصحابه قائلاً: "هذه عير قريش فيها أموالهم، فاخرجوا إليها لعل الله يُنفّلكموها"، لكنها أفلتت فكانت غزوة بدر الكبرى !
فكل تلك الغزوات والسرايا كان هدفها الأول هو الحصار الاقتصادي واعتراض القوافل وقطع تجارة قريش، إضعافاً للعدو وكسراً لشوكته... وهل المقاطعة الاقتصادية إلا من هذا الباب ؟
( هـ) قصة ثمامة بن أثال (رضي الله عنه) لمّا أسلم، فقطع تجارة الحنطة عن قريش التي كانت تأتيهم من قِبَله من اليمامة، وأقسم لهم: "ولا والله لايأتيكم من اليمامة حبّةُ حنطة حتى يأذن فيها النبي (صلى الله عليه وسلم) "، وخبره هذا في الصحيحين. فكان ثمامة (رضي الله عنه) بذلك أول مقاطِع تجاري للعدو في الإسلام –بمعناه الاصطلاحي-، فإنه استشعر دوره ضد قريش لكفرها وحربها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، واستخدم سلاحه الذي يملك وقاطع تجارتهم، فكان في ذلك إرهاق قريش وتجويعها، حتى أرسلوا إليه (صلى الله عليه وسلم) يسألونه بالرحم أن يكتب إلى ثمامة ليُخلي لهم حمل الطعام، فكتب له النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك ورفع الحصار.
وفي الحديث من الفقه: عدم اشتراط إذن الإمام للمقاطعة، خلافاً لمن قال به! فإن ثمامة قاطعهم ولم يستأذن النبي (صلى الله عليه وسلم) ، بل أقره (صلى الله عليه وسلم) على ذلك ولم ينكر عليه إقدامه على ذلك بلا إذن منه، ولا عدّ ذلك افتئاتاً وجرأة على مقامه (صلى الله عليه وسلم) ، بل لو استدل مستدل بهذا الخبر على اشتراط إذن الإمام لرفع المقاطعة بعد إقدام المسلمين عليها لكان أقرب... وهو بعيد!
وبعد: فما سبق من الأدلة دلّ على مشروعية المقاطعة كما تقدم، والدلالة على "المشروعية" أعم من الدلالة على أحد أفرادها: الوجوب، والندب، والإباحة، وإذا كانت المقاطعة –عند الحاجة إليها والمناداة بها- مطلباً شرعياً فقد خرجت من حيّز الإباحة، وانحصر حكمها بين الوجوب والاستحباب (الندب)، وهذا هو المبحث التالي:
2- هل المقاطعة الاقتصادية اليوم واجبة أم مستحبة ؟
الأصل في التعامل مع غير المسلم الإباحة (بالضوابط الشرعية)، وحكم المقاطعة (الدائر بين الوجوب والاستحباب) لا يتعارض مع ذلك الأصل؛ لأن حكم المقاطعة طارئ، يطرأ بطروء أسبابه ودواعيه، ويزول بزوالها ، والنبي (صلى الله عليه وسلم) مع عداوة اليهود له بالمدينة وحصاره إياهم وحربهم وإجلائهم فقد كان يبيع ويشتري معهم، لكنه لمّا احتاج إلى المقاطعة في ظرف من الظروف حاصرهم في حصونهم، بل وحرق نخل مزارعهم كما فعل مع بني النضير، وفي ذلك نزل قوله تعالى: [ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين].