تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في ظلال سورة الفيل (مقتبس ومختصر من الظلال )



كلسينا
02-27-2006, 06:17 PM
(105)سورة الفيل
بسم الله الرحمن الرحيم
((أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ(3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ(5).. ))
تشير هذه السورة إلى حادث مستفيض الشهرة في حياة الجزيرة العربية قبل البعثة ، عظيم الدلالة على رعاية الله لهذه البقعة المقدسة التي اختارها الله لتكون ملتقى النور الأخير ، ومحضن العقيدة الجديدة ، والنقطة الني تبدأ منها زحفها المقدس لمطاردة الجاهلية في أرجاء الأرض ، وإقرار الهدى والحق والخير فيها ..
العرب والإسلام :
إن العرب لم يكن لهم دور في الأرض . بل لم يكن لهم كيان . قبل الإسلام . كانوا في اليمن تحت حكم الفرس أو الحبشة . وكانت دولتهم حين تقوم هناك أحياناً تقوم تحت حماية الفرس . وفي الشمال كانت الشام تحت حكم الروم إما مباشرة وإما بقيام حكومة عربية تحت حماية الرومان .. ولم ينج إلا قلب الجزيرة من تحكم الأجانب فيه . ولكنه ظل في حالة بداوة أو في حالة تفكك لا تجعل منه قوة حقيقية في ميدان القوى العالمية . وكان يمكن أن تقوم الحروب بين القبائل أربعين سنة ، ولكن لم تكن هذه القبائل متفرقة ولا مجتمعة ذات وزن عند الدول القوية المجاورة . وما حدث في عام الفيل كان مقياساً لحقيقة هذه القوة حين تتعرض لغزو أجنبي .
وتحت راية الإسلام ولأول مرة في تاريخ العرب أصبح لهم دور عالمي يؤدونه . وأصبحت لهم قوة دولية يحسب لها حساب . قوة جارفة تكتسح الممالك وتحطم العروش ؛ وتتولى قيادة البشرية ، بعد أن تزيح القيادات الجاهلية المزيفة الضالة .. ولكن الذي هيأ للعرب هذا لأول مرة في تاريخهم هو أنهم نسوا أنهم عرب . نسوا نعرة الجنس ، وعصبية العنصر، وذكروا أنهم مسلمون . ومسلمون فقط . ورفعوا راية الإسلام ، وراية الإسلام وحدها . وحملوا عقيدة ضخمة قوية يهدونها إلى البشرية رحمة وبراً بالبشرية ؛ ولم يحملوا قومية ولا عنصرية ولا عصبية . حملوا فكرة سماوية يعلمون الناس بها لا مذهباً أرضياً يخضعون الناس لسلطانه . وخرجوا من أرضهم جهاداً في سبيل الله وحده ، ولم يخرجوا ليؤسسوا إمبراطورية عربية ينعمون ويرتعون في ظلها ، ويشمخون ويتكبرون تحت حمايتها ، ويخرجون الناس من حكم الروم والفرس إلى حكم العرب وإلى حكمهم أنفسهم . إنما قاموا ليخرجوا الناس من عبادة العباد جميعاً إلى عبادة الله وحده . كما قال ربعي بن عامر رسول المسلمين في مجلس يزدجر : ( الله ابتعثنا لنخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده ، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الآخرة ، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام ) .
عندئذ فقط كان للعرب وجود ، وكانت لهم قوة ، وكانت لهم قيادة .. ولكنها كانت كلها لله وفي سبيل الله . وقد ظلت لهم قوتهم . وظلت لهم قيادتهم ما استقاموا على الطريقة . حتى إذا انحرفوا عنها وذكروا عنصريتهم وعصبيتهم ، وتركوا راية الله ليرفعوا راية العصبية نبذتهم الأرض وداستهم الأمم . لأن الله قد تركهم حيثما تركوه ، ونسيهم مثلما نسوه .
وما العرب بغير الإسلام ؟ ما الفكرة التي قدموها للبشرية أو يملكون تقديمها إذا هم تخلوا عن هذه الفكرة ؟ وما قيمة أمة لا تقدم للبشرية فكرة ؟ إن كل أمة قادت البشرية في فترة من فترات التاريخ كانت تمثل فكرة . والأمم التي لم تكن تمثل فكرة كالتتار الذين اجتاحوا الشرق ، والبرابرة الذين اجتاحوا الدولة الرومانية في الغرب لم يستطيعوا الحياة طويلاً ، إنما ذابوا في الأمم التي فتحوها . والفكرة الوحيدة التي تقدم بها العرب للبشرية كانت هي العقيدة الإسلامية ، وهي التي رفعتهم إلى مكان القيادة ، فإذا تخلوا عنها لم تعد لهم في الأرض وظيفة ، ولم يعد لهم في التاريخ دور .. وهذا ما يجب أن يذكره العرب جيداً إذا هم أرادوا الحياة ، وأرادوا القوة ، وأرادوا القيادة ... والله الهادي من الضلال ..

منال
12-30-2007, 12:32 PM
ايضا يرفع ونقراها لاحقا باذن الله