no saowt
12-22-2002, 12:36 PM
بسم الله والحمدلله .. والصلاة والسلام على اشرف خلق الله .. نبينا محمد بن عبدالله .. وعلى آله وصحبه ومن والاه ..
أما بعد ..
يكثر من الشيعة في هذا المنتدى وغيره ... من قولهم أنكم لا تتبعون أئمتكم .. وان دينكم على اهوائكم .. متى خالفه قلتم أن هذا الحديث ضعيف .. او انه حالف الدليل او غير ذلك ... متى يكون هذا الكلام عندما يكون قول علمائنا او مشايخنا مخالف للدليل ...
فالذي نقوله لهم ونعيده مرات ومرات .... أننا نحن نتبع الدليل .. فمتى صح الحديث نتقبله ونذعن له ونطأطأ له رؤوسنا ...
وهذا الذي تعلمناه من علمائنا .. فهم الذين يدعوننا الى ذلك وهم من علمنا هذا ... يقولون اذا خالف قولنا الدليل فعليكم بالدليل ...
وأذكر قصة حدثت لسماحة الوالد الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – أنه عندما أفتى بحرمة التصوير الفوتوغرافي وأنه يدخل في التصوير المحرم الا اذا كان للضرورة .. مثل التصوير لجواز السفر .. فقام احد طلبت الشيخ وقال : يا شيخ .. كيف تقول هذا الكلام .. ونحن نرى صورك في الجرائد والمجلات ( أي انك انت تقوم بالتصوير ) فاحمّر وجه الشيخ وقال : هل ابن باز معصوم ؟؟ كل بني آدم خطاء .. وأنا أخطأت .. وليس عليك بما افعله .. عليك بالدليل وليس قولي .. وتمسك بالدليل .. ( حدثنا بها الشيخ بدر المشاري حسب ما اذكر )
الشاهد .. انني الآن سأورد أقوال أئمة المذاهب .. بامرهم الناس باتباع الدليل .. وليس الاقوال .. واذا خالف قولهم الدليل فعليهم بالديل :
قال الشيخ الامام محدث الشام محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – في مقدمة كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم / ص45 - 54 :
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها ، لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم – بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى – ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء ، والله عز وجل يقول : اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه اولياء قليلا ما تذكرون ) الاعراف :3
1. أبو حنيفة رحمه الله تعالى
فاولهم الامام ابو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى ، وقد روى عنه اصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة ؛ كلها تؤدي الى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث ، وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة له :
أ. "إذا صح الحديث فهو مذهبي ".(1)
ب. "لا يحل لأحد أن ياخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه "(2) وفي رواية : " حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي ". زاد في رواية " فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غذاً". وفي أخرى : " ويحك يا يعقوب ! ( هو أبو يوسف ) لا تكتب كل ما تسمع مني ، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غداً ، وأرى الرأي غذاً وأرتركه بعد غد ".
قال الامام الألباني في الحاشية تعليقاً على كلامام الامام ابو حنيفة : " قلت : وذلك لأن الامام كثيراً ما يبني قوله على القياس ، فيبدو له قياس أقوى منه ، أو يبلغه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ به ويترك قوله السابق . الخ
ت. " إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فاتركوا قولي "(3) .
2. مالك بن أنس رحمه الله :
وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
أ. " إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ".(4)
ب. " ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك ؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ".(5)
ت. قال ابن وهب : سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس . قال : فتركته حتى خفّ الناس ، فقلت له : عندنا في ذلك سنة ، فقال : وما هي ؟ قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعارفي عن أب عبدالرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه . فقال : إن هذا الحديث حسن ، وما سمعت به قط إلا الساعة . ثم سمعته بعد ذلك يُسأل ، فيأمر بتخليل الأصابع .(6)
3. الشافعي رحمه الله :
وأما الامام الشافعي رحمه الله ؛ فالنُّقول عنه في ذلك أكثر وأطيب ، وأتباعه أكثر عملاً بها وأسعد ، فمنها :
أ. " ما من احد الا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه ، فمهما قلتُ من قول ، لو أصَّلتُ من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت ؛ فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي ".(7)
ب. " أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لم يحل له أن يدعها لقول أحد ".(8)
ت. " اذا وجدتم في كتاب خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوا ما قلت " . وفي رواية : " فاتبعوها ، ولا تلتفتوا الى قول احد ".(9)
ث. " اذا صح الحديث قهو مذهبي ".(10)
ج. " أنتم ( الخطاب للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ) أعلم بالحديث والرجال مني ، فإذا كان الحديث الصحيح ؛ فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو بصريا أو شاميا ؛ حتى أذهب إليه اذا كان صحيحاً ".(11)
ح. " كل مسالة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت ؛ فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ".(12)
خ. " اذا رأيتموني أقول قولاً ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ، فاعلموا أن عقلي قد ذهب".(13)
د. " كل كا قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح ؛ فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ".(14)
ذ. " كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي ، وإن لم تسمعوه مني ".(15)
4. أحمد بن حنبل رحمه الله :
وأما الإمام أحمد ؛ فهو اكثر الأئمة جمعاً للسنة وتمسكاً بها ، حتى " كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي "(16) ، ولذلك قال : قال :
أ. " لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا ".(17) وفي رواية : " لا تقلد دينك أحد من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ، ثم التابعين بَعْدُ الرجل فيه مخيّر " . وقال مرة : " الاتباع لأن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، ثم هو من بعد التابعين مخيّر".( 18)
ب. " رأي الأوزاعي ، ورأي مالك ، ورأي أبي حنيفة كل رأي ، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار ".(19)
ت. " من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو على شفا هلَكة ".( 20)
تلك أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث ، والنهي عن تقليدهم دون بصيرة ، وهو من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلاً ولا تأويلاً ، وعليه ؛ فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة ؛ لا يكون مبايناً لمذهبهم ، ولو خارجاً عن طريقتهم ، بل هو متبع لهم جميعاً ، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم ، بل بذلك عاصٍ لهم ، وخالف لأقوالهم المتقدمة ، والله تعالى يقول : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )[النساء:65] ، وقال : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [النور:63].ا.هـ كلام الامام المحدث الألباني والى آخر ما قاله تحت هذا الباب .
أحبتي .. فهذه هي أقوال علماؤنا ... فالذي نحن عليه ولله الحمد صحيح وموافق لمذهبهم ولو خالفناهم كما بينوا رحمهم الله تعالى ....
وهناك نماذج كثيرة من المتبعين لأئمة ثم يخالفونهم اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأمر أئمتهم .. فمثال واحد فقط لا غير الامامين : محمد بن الحسن وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة " في نحو ثلث المذهب " (21) ..
وغيره كثير ...
فالحمدلله أولا وآخراً .. والحمد له قبل الرضا وحين يرضا وبعد الرضا ... على صلاح الاعتقاد ..
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم
أخوكم في الله
ابوالزبيرالاثري
*********** الهوامش ************
(1)ابن عابدين في " الحاشية " ( 1/63) ، وفي رسالته " رسم المفتي " ( 1/4 من مجموعة رسائل ابن عابدين ) ، والشيخ صالح الفلاني في " ايقاظ الهمم " ( ص62) وغيرهم ، .. الخ
(2)ابن عبد البر في " الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء " ( ص145) ، وابن القيم في " إعلام الموقعين " (2/309) ، وابن عابدين في " حاشيته " على " البحر الرائق " ( 6/293) ، وفي " رسم المفتي" ( ص 29 و 32 ) ، والشعراني في " الميزان " ( 1/55) بالرواية الثانية ، والرواية الثالثة رواها عباس الدوري في " التاريخ " لابن معين ( 6/77/1) بسند صحيح عن زفر .. الخ
(3)الفلاني في " الإيقاظ " ( ص50 ) ، ونسبه للإمام احمد أيضا ، .. الخ
(4)ابن عبا البر في " الجامع " ( 2/32) ، وعنه ابن حزم في " أصول الأحكام " ( 6/149) وكذا الفلاني ( ص72) .
(5)نسبة هذا الى مالك هو المشهور عند المتاخرين ، وصححه عنه ابن عبد الهادي في " ارشاد السالك " ( 1/227 ) ، وقد رواه ابن عبد البر في "الجامع " ( 2/91) ، وابن حزم في " اصول الأحكام " ( 6/145و179) من قول الحكم بن عتيبة متعجبا من ( واعتقد انا ابو الزبيرالاثري انها [ممن] وليست [من] ربما خطا مطبعي ! ) حسنه ، ثم قال : " وأخذ هذه الكلمة من ابن عباس مجاهد ، وأخذها منهما مالك رضي الله عنه واشتهرت عنه " قلت ( أي الامام الالباني ) : ثم اخذها عنهم الامام احمد ، فقد قال أبو داود في " مسائل الامام احمد " (ص 276) : " سمعت أحمد يقول : ليس أحد الا ويؤخذ من رأيه ويترك ؛ ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم ".
(6)مقدمة " الجرح والتعديل " لابن أب حاتم ( ص31 – 32) ، ورواها تامة البيهقي في السنن ( 1/81) .
(7)رواه الحاكم بسنده المتصل الى الشافعي ؛ كما في تاريخ دمشق لابن عساكر ( 15/1/3) ، و"اعلام الموقعين " ( 2/363و364) ز " الايقاظ" ( ص100) .
(8)ابن القيم ( 2/361) ، والفلاني ( ص68) .
(9)الهروي في" ذم الكلام " ( 3/47/1) والخطيب في " الاحتجاج بالشافعي " ( 8/2) ، وابن عساكر ( 15/9/1) ، والنووي في " المجموع " ( 1/63) ، وابن القيم ( 2/361) ، والفلاني ( ص100) ، والرواية الاخرى لأبي نعيم في "الحلية" ( 9/107) وابن حبان في" صحيحه " ( 3/284- الاحسان ) بسنده الصحيح عنه نحوه .
(10)النووي في المصدر السابق ، والشعراني ( 1/57) وعزاه للحاكم والبيهقي ، والفلاني ( ص107) .
(11)رواه ابن ابي حاتم في "آداب الشافعي" ( ص94-95) .. الخ
(12)ابو نعيم في الحلية ( 9/107) والهروي (1/74) وابن القيم في " اعلام الموقعين" ( 2/363) والفلاني ( ص104) .
(13)رواه ابن ابي حاتم في " آداب الشافعي " ( ص93) ، وابو قاسم السمرقندي في "الامالي " كما في "المنتقى منها " لأبي حفص المؤدب (1/234) ، وابو نعيم في "الحلية " (9/106) وابن عساكر ( 15/10/1) بسند صحيح .
(14)ابن أبي حاتم (ص93) وأبو نعيم وابن عساكر ( 15/9/2) بسند صحيح .
(15)ابن ابي حاتم ( ص93-94) .
(16)ابن الجوزي في " المناقب " (ص192).
(17)الفلاني (113) ، وابن القيم في " الاعلام" ( 2/302) .
(18)أبو داود في " مسائل الامام أحمد " (ص276 و 277 ).
(19)ابن عبد البر في " الجامع " ( 2/149) .
(20)ابن الجوزي (ص182 ) .
(21)ابن عابدين في " الحاشية" ( 1/62) ، وعزاه اللنكوي في " النافع الكبير " (ص 93) للغزالي .
أما بعد ..
يكثر من الشيعة في هذا المنتدى وغيره ... من قولهم أنكم لا تتبعون أئمتكم .. وان دينكم على اهوائكم .. متى خالفه قلتم أن هذا الحديث ضعيف .. او انه حالف الدليل او غير ذلك ... متى يكون هذا الكلام عندما يكون قول علمائنا او مشايخنا مخالف للدليل ...
فالذي نقوله لهم ونعيده مرات ومرات .... أننا نحن نتبع الدليل .. فمتى صح الحديث نتقبله ونذعن له ونطأطأ له رؤوسنا ...
وهذا الذي تعلمناه من علمائنا .. فهم الذين يدعوننا الى ذلك وهم من علمنا هذا ... يقولون اذا خالف قولنا الدليل فعليكم بالدليل ...
وأذكر قصة حدثت لسماحة الوالد الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز – رحمه الله – أنه عندما أفتى بحرمة التصوير الفوتوغرافي وأنه يدخل في التصوير المحرم الا اذا كان للضرورة .. مثل التصوير لجواز السفر .. فقام احد طلبت الشيخ وقال : يا شيخ .. كيف تقول هذا الكلام .. ونحن نرى صورك في الجرائد والمجلات ( أي انك انت تقوم بالتصوير ) فاحمّر وجه الشيخ وقال : هل ابن باز معصوم ؟؟ كل بني آدم خطاء .. وأنا أخطأت .. وليس عليك بما افعله .. عليك بالدليل وليس قولي .. وتمسك بالدليل .. ( حدثنا بها الشيخ بدر المشاري حسب ما اذكر )
الشاهد .. انني الآن سأورد أقوال أئمة المذاهب .. بامرهم الناس باتباع الدليل .. وليس الاقوال .. واذا خالف قولهم الدليل فعليهم بالديل :
قال الشيخ الامام محدث الشام محمد ناصر الدين الألباني – رحمه الله – في مقدمة كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم / ص45 - 54 :
أقوال الأئمة في اتباع السنة وترك أقوالهم المخالفة لها
ومن المفيد أن نسوق هنا ما وقفنا عليه منها أو بعضها ، لعل فيها عظة وذكرى لمن يقلدهم – بل يقلد من دونهم بدرجات تقليدا أعمى – ويتمسك بمذاهبهم وأقوالهم كما لو كانت نزلت من السماء ، والله عز وجل يقول : اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه اولياء قليلا ما تذكرون ) الاعراف :3
1. أبو حنيفة رحمه الله تعالى
فاولهم الامام ابو حنيفة النعمان بن ثابت رحمه الله تعالى ، وقد روى عنه اصحابه أقوالا شتى وعبارات متنوعة ؛ كلها تؤدي الى شيء واحد وهو وجوب الأخذ بالحديث ، وترك تقليد آراء الأئمة المخالفة له :
أ. "إذا صح الحديث فهو مذهبي ".(1)
ب. "لا يحل لأحد أن ياخذ بقولنا ما لم يعلم من أين أخذناه "(2) وفي رواية : " حرام على من لم يعرف دليلي أن يُفتي بكلامي ". زاد في رواية " فإننا بشر نقول القول اليوم ونرجع عنه غذاً". وفي أخرى : " ويحك يا يعقوب ! ( هو أبو يوسف ) لا تكتب كل ما تسمع مني ، فإني قد أرى الرأي اليوم وأتركه غداً ، وأرى الرأي غذاً وأرتركه بعد غد ".
قال الامام الألباني في الحاشية تعليقاً على كلامام الامام ابو حنيفة : " قلت : وذلك لأن الامام كثيراً ما يبني قوله على القياس ، فيبدو له قياس أقوى منه ، أو يبلغه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيأخذ به ويترك قوله السابق . الخ
ت. " إذا قلت قولا يخالف كتاب الله تعالى وخبر الرسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فاتركوا قولي "(3) .
2. مالك بن أنس رحمه الله :
وأما الإمام مالك بن أنس رحمه الله فقال :
أ. " إنما أنا بشر أخطئ وأصيب ، فانظروا في رأيي ؛ فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوه ، وكل ما لم يوافق الكتاب والسنة فاتركوه ".(4)
ب. " ليس أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ويؤخذ من قوله ويترك ؛ إلا النبي صلى الله عليه وسلم ".(5)
ت. قال ابن وهب : سمعت مالكاً سئل عن تخليل أصابع الرجلين في الوضوء ؟ فقال : ليس ذلك على الناس . قال : فتركته حتى خفّ الناس ، فقلت له : عندنا في ذلك سنة ، فقال : وما هي ؟ قلت : حدثنا الليث بن سعد وابن لهيعة وعمرو بن الحارث عن يزيد بن عمرو المعارفي عن أب عبدالرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد القرشي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدلك بخنصره ما بين أصابع رجليه . فقال : إن هذا الحديث حسن ، وما سمعت به قط إلا الساعة . ثم سمعته بعد ذلك يُسأل ، فيأمر بتخليل الأصابع .(6)
3. الشافعي رحمه الله :
وأما الامام الشافعي رحمه الله ؛ فالنُّقول عنه في ذلك أكثر وأطيب ، وأتباعه أكثر عملاً بها وأسعد ، فمنها :
أ. " ما من احد الا وتذهب عليه سنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه ، فمهما قلتُ من قول ، لو أصَّلتُ من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت ؛ فالقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو قولي ".(7)
ب. " أجمع المسلمون على أن من استبان له سنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ لم يحل له أن يدعها لقول أحد ".(8)
ت. " اذا وجدتم في كتاب خلاف سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقولوا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودعوا ما قلت " . وفي رواية : " فاتبعوها ، ولا تلتفتوا الى قول احد ".(9)
ث. " اذا صح الحديث قهو مذهبي ".(10)
ج. " أنتم ( الخطاب للإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ) أعلم بالحديث والرجال مني ، فإذا كان الحديث الصحيح ؛ فأعلموني به أي شيء يكون : كوفيا أو بصريا أو شاميا ؛ حتى أذهب إليه اذا كان صحيحاً ".(11)
ح. " كل مسالة صح فيها الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أهل النقل بخلاف ما قلت ؛ فأنا راجع عنها في حياتي وبعد موتي ".(12)
خ. " اذا رأيتموني أقول قولاً ، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه ، فاعلموا أن عقلي قد ذهب".(13)
د. " كل كا قلت فكان عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف قولي مما يصح ؛ فحديث النبي أولى فلا تقلدوني ".(14)
ذ. " كل حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو قولي ، وإن لم تسمعوه مني ".(15)
4. أحمد بن حنبل رحمه الله :
وأما الإمام أحمد ؛ فهو اكثر الأئمة جمعاً للسنة وتمسكاً بها ، حتى " كان يكره وضع الكتب التي تشتمل على التفريع والرأي "(16) ، ولذلك قال : قال :
أ. " لا تقلدني ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري ، وخذ من حيث أخذوا ".(17) وفي رواية : " لا تقلد دينك أحد من هؤلاء ، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به ، ثم التابعين بَعْدُ الرجل فيه مخيّر " . وقال مرة : " الاتباع لأن يتبع الرجل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه ، ثم هو من بعد التابعين مخيّر".( 18)
ب. " رأي الأوزاعي ، ورأي مالك ، ورأي أبي حنيفة كل رأي ، وهو عندي سواء ، وإنما الحجة في الآثار ".(19)
ت. " من رد حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فهو على شفا هلَكة ".( 20)
تلك أقوال الأئمة رضي الله تعالى عنهم في الأمر بالتمسك بالحديث ، والنهي عن تقليدهم دون بصيرة ، وهو من الوضوح والبيان بحيث لا تقبل جدلاً ولا تأويلاً ، وعليه ؛ فإن من تمسك بكل ما ثبت في السنة ولو خالف بعض أقوال الأئمة ؛ لا يكون مبايناً لمذهبهم ، ولو خارجاً عن طريقتهم ، بل هو متبع لهم جميعاً ، ومتمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها ، وليس كذلك من ترك السنة الثابتة لمجرد مخالفتها لقولهم ، بل بذلك عاصٍ لهم ، وخالف لأقوالهم المتقدمة ، والله تعالى يقول : ( فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً )[النساء:65] ، وقال : ( فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ) [النور:63].ا.هـ كلام الامام المحدث الألباني والى آخر ما قاله تحت هذا الباب .
أحبتي .. فهذه هي أقوال علماؤنا ... فالذي نحن عليه ولله الحمد صحيح وموافق لمذهبهم ولو خالفناهم كما بينوا رحمهم الله تعالى ....
وهناك نماذج كثيرة من المتبعين لأئمة ثم يخالفونهم اتباعاً لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأمر أئمتهم .. فمثال واحد فقط لا غير الامامين : محمد بن الحسن وأبا يوسف رحمهما الله قد خالفا شيخهما أبا حنيفة " في نحو ثلث المذهب " (21) ..
وغيره كثير ...
فالحمدلله أولا وآخراً .. والحمد له قبل الرضا وحين يرضا وبعد الرضا ... على صلاح الاعتقاد ..
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله صحبه وسلم
أخوكم في الله
ابوالزبيرالاثري
*********** الهوامش ************
(1)ابن عابدين في " الحاشية " ( 1/63) ، وفي رسالته " رسم المفتي " ( 1/4 من مجموعة رسائل ابن عابدين ) ، والشيخ صالح الفلاني في " ايقاظ الهمم " ( ص62) وغيرهم ، .. الخ
(2)ابن عبد البر في " الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمة الفقهاء " ( ص145) ، وابن القيم في " إعلام الموقعين " (2/309) ، وابن عابدين في " حاشيته " على " البحر الرائق " ( 6/293) ، وفي " رسم المفتي" ( ص 29 و 32 ) ، والشعراني في " الميزان " ( 1/55) بالرواية الثانية ، والرواية الثالثة رواها عباس الدوري في " التاريخ " لابن معين ( 6/77/1) بسند صحيح عن زفر .. الخ
(3)الفلاني في " الإيقاظ " ( ص50 ) ، ونسبه للإمام احمد أيضا ، .. الخ
(4)ابن عبا البر في " الجامع " ( 2/32) ، وعنه ابن حزم في " أصول الأحكام " ( 6/149) وكذا الفلاني ( ص72) .
(5)نسبة هذا الى مالك هو المشهور عند المتاخرين ، وصححه عنه ابن عبد الهادي في " ارشاد السالك " ( 1/227 ) ، وقد رواه ابن عبد البر في "الجامع " ( 2/91) ، وابن حزم في " اصول الأحكام " ( 6/145و179) من قول الحكم بن عتيبة متعجبا من ( واعتقد انا ابو الزبيرالاثري انها [ممن] وليست [من] ربما خطا مطبعي ! ) حسنه ، ثم قال : " وأخذ هذه الكلمة من ابن عباس مجاهد ، وأخذها منهما مالك رضي الله عنه واشتهرت عنه " قلت ( أي الامام الالباني ) : ثم اخذها عنهم الامام احمد ، فقد قال أبو داود في " مسائل الامام احمد " (ص 276) : " سمعت أحمد يقول : ليس أحد الا ويؤخذ من رأيه ويترك ؛ ما خلا النبي صلى الله عليه وسلم ".
(6)مقدمة " الجرح والتعديل " لابن أب حاتم ( ص31 – 32) ، ورواها تامة البيهقي في السنن ( 1/81) .
(7)رواه الحاكم بسنده المتصل الى الشافعي ؛ كما في تاريخ دمشق لابن عساكر ( 15/1/3) ، و"اعلام الموقعين " ( 2/363و364) ز " الايقاظ" ( ص100) .
(8)ابن القيم ( 2/361) ، والفلاني ( ص68) .
(9)الهروي في" ذم الكلام " ( 3/47/1) والخطيب في " الاحتجاج بالشافعي " ( 8/2) ، وابن عساكر ( 15/9/1) ، والنووي في " المجموع " ( 1/63) ، وابن القيم ( 2/361) ، والفلاني ( ص100) ، والرواية الاخرى لأبي نعيم في "الحلية" ( 9/107) وابن حبان في" صحيحه " ( 3/284- الاحسان ) بسنده الصحيح عنه نحوه .
(10)النووي في المصدر السابق ، والشعراني ( 1/57) وعزاه للحاكم والبيهقي ، والفلاني ( ص107) .
(11)رواه ابن ابي حاتم في "آداب الشافعي" ( ص94-95) .. الخ
(12)ابو نعيم في الحلية ( 9/107) والهروي (1/74) وابن القيم في " اعلام الموقعين" ( 2/363) والفلاني ( ص104) .
(13)رواه ابن ابي حاتم في " آداب الشافعي " ( ص93) ، وابو قاسم السمرقندي في "الامالي " كما في "المنتقى منها " لأبي حفص المؤدب (1/234) ، وابو نعيم في "الحلية " (9/106) وابن عساكر ( 15/10/1) بسند صحيح .
(14)ابن أبي حاتم (ص93) وأبو نعيم وابن عساكر ( 15/9/2) بسند صحيح .
(15)ابن ابي حاتم ( ص93-94) .
(16)ابن الجوزي في " المناقب " (ص192).
(17)الفلاني (113) ، وابن القيم في " الاعلام" ( 2/302) .
(18)أبو داود في " مسائل الامام أحمد " (ص276 و 277 ).
(19)ابن عبد البر في " الجامع " ( 2/149) .
(20)ابن الجوزي (ص182 ) .
(21)ابن عابدين في " الحاشية" ( 1/62) ، وعزاه اللنكوي في " النافع الكبير " (ص 93) للغزالي .