تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : وفي الرياض يسألونك



فـاروق
02-27-2006, 09:39 AM
طلال سلمان




... وفي الرياض، كما في القاهرة، قبل أسبوع، كان سهلاً اكتشاف التبدل في نظرة العرب إلى لبنان السياسي، بقياداته المختلفة إلى حد التناحر واستخدام الأسلحة المحرمة، من طائفيات ومذهبيات، وكذلك إلى جمهوره المنقسم على ذاته والتائه بين شعارات الانتقام وبين الخوف على مستقبل الوطن ووحدته ومن ثم دولته.
ولقد وفر مهرجان الجنادرية فرصة ممتازة للقاء مع العديد من أهل الثقافة والرأي فيهم المغربي والجزائري والمصري والسوداني واليمني وبعض <<عرب أميركا>>، إضافة إلى نخبة من السعوديين المهتمين والمعنيين بما يصيب لبنان لأسباب عدة تختلط فيها العاطفة بالمصالح والإعجاب بحيوية اللبنانيين بالخوف من سهولة انقيادهم خلف غرائزهم...
أول ما تلاحظه أن صورة لبنان المتلفزة، عبر خطب التظاهرات والتصريحات والمقابلات، قد أساءت كثيراً إلى اللبنانيين، فأظهرتهم وكأنهم منخرطون في حروب لا نهاية لها، ضد بعضهم البعض، وضد سوريا، وضد هوية بلادهم وموقعها بين أهلها.
الأخطر، في نظر العرب، هو التجرؤ على المقاومة ومجاهديها وسلاحها: <<إن هذه المقاومة تكاد تكون النقطة المضيئة في ليل الهزيمة العربية>>...
ولعل بين ما يستفز العرب محاولة استخدام جريمة الاغتيال التي أودت بالرئيس الشهيد رفيق الحريري في الإساءة إلى المقاومة، وتسخيف جهدها التحريري عن طريق إثارة اللغط حول <<هوية>> مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وبالاختصار: اعتبار المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي أمراً من الماضي، بينما المستقبل رهن الإرادة الغربية، الأميركية الفرنسية أساساً.
› في <<ندوة>> مرتجلة شاركت فيها نخبة من أهل الرأي قال زميل سعودي كبير:
<< لا يمكن أن يشكّك أحد في فداحة الخسارة التي استشعرتها المملكة نتيجة اغتيال رفيق الحريري. لقد خسرت بغيابه صديقاً كبيراً كنا نعتبره، نحن السعوديين، واحداً منا، وكنا نفخر به وبإنجازه في لبنان. ومؤكد أن السعودية هي في موقع عائلة الحريري حرصاً على جلاء الحقيقة ومعرفة الجناة ومعاقبتهم. والتحقيق دولي، برعاية مجلس الأمن، ولا يستطيع أحد أن يوقفه أو أن يحرفه عن مساره الهادف إلى كشف الحقيقة...
<<ولكن ما جرى ويجري في شوارع بيروت، وما قيل ويقال في العديد من منتدياتها يثير الريبة ويبعث على القلق. لقد تحولت جريمة الاغتيال إلى استثمار سياسي مجز، لا سيما بالنسبة لتجار الطائفية والمذهبية، وهؤلاء بالذات هم أعداء عروبة لبنان، <<وخطابهم مشبوه ونحن نراه لا يخدم لبنان ولا العرب، ولا قضية رفيق الحريري على وجه الخصوص>>.
› وفي لقاء ضم عدداً من <<سعوديي لبنان>>، كما وصفهم أحدهم، أي ممن لهم فوق الارتباط العاطفي والإعجاب التقليدي بلبنان كطبيعة، مصالح في بيروت، قال <<كبير>> منهم:
<< إننا نقدّر مشاعر عائلة الحريري، ونتفهم خطاب سعد الحريري، بما في ذلك طلبه الثأر من قتلة والده، وممن يعتبرهم بين المتواطئين سياسياً أو المشاركين في التنفيذ أو العاملين على تضليل التحقيق...
<<ونتفهم، أيضاً، أن تأخذه الحماسة وبحر من الجماهير يلتف من حوله، في الذكرى الأولى لاستشهاد أبيه، فيرفع بعض الشعارات الثأرية، ويرتضي أن يشاركه في إحياء المناسبة بعض حلفائه السياسيين... ولكننا لا نفهم ولا نقبل بأي حال أن يندفع بعض مستثمري الحزن الشعبي إلى المزايدة على سعد الحريري وإلى تجاوز مطالبه، فيقول هو بالعلاقات المميزة مع سوريا بينما يصفها بعضهم بالعدو ويدعو آخر الجيوش الأميركية إلى احتلالها...>>.
وقال رجل أعمال عريق في صلته باللبنانيين:
<< لقد رأينا في تظاهرة 14 شباط وبعض ما صدر فيها من أقوال، وكذلك في بعض ما تبعها من تصريحات ومقابلات متلفزة، ما يخيفنا كعرب من لبنان. لقد سمعنا هتافات معادية لنا جميعاً، وسمعنا دعوات إسرائيلية الهوى تستدرج الأجنبي أو تسلم بحقه في أن يقرر مصائرنا، وكل ذلك باسم الدعوة إلى الاستقلال والتحرر من الوصاية السورية وممارسة السيادة...
تدخل ثالث لم يستطع ضبط أعصابه ليقول بحدة:
<< إن كل شتيمة أطلقت ضد سوريا والسوريين قد اعتبرناها موجهة إلينا كعرب، بغض النظر عن رأينا في النظام السوري... بل أننا رأينا في التظاهرة ملامح عنصرية معادية للعرب، كما فهمنا من إسقاط القداسة عن المقاومة الإسلامية <<رسالة>> موجهة إلى الإسرائيليين>>.
› وفي منزل رجل أعمال لبناني أمضى نصف عمره في السعودية اندفع الحوار بعيداً عن المجاملات، فقال واحد من أصحاب الرأي من السعوديين:
<< كم نسخة لوليد جنبلاط؟! لقد عرفنا له حتى الآن صوراً عدة. عرفناه فلسطينياً في فترة، وهذا ما جعلنا نوده، وعرفناه سورياً لفترة أطول، وعرفناه داعية للعروبة والتعريب أحياناً... ولكننا نراه، الآن، في نسخة انعزالية لا نحبها له ولا نقبلها منه. إنه يكاد يتبنى منطقاً شوفينياً يضيق بأهله العرب بينما يرحب بالغرب الأميركي ويستدعيه إلى احتلال بلادنا. ألا يكفينا المحتل حتى الآن؟! من يدعو الأميركيين إلى احتلال سوريا لا يمكن له أن يكون بطل استقلال في لبنان!>>.
أخذ عنه الكلام زميل له فقال بحدة:
<< مَن سمير جعجع هذا؟! إننا لا نعرف عنه إلا ما يباعد بيننا وبينه. إنه يحاول تنظيف صورته، ويريد أن يمسح من ذاكرتنا دوره في اغتيال الرئيس رشيد كرامي. وهو يستعين بسعد الحريري لكي يقنعنا أنه قد تغيّر وتخلى عن ارتباطاته بإسرائيل وكذلك عن طروحاته التقسيمية. ولكن من الصعب علينا ان ننسى له ارتباطه بإسرائيل، حتى لو تناسينا الجرائم الفظيعة التي ارتكبت ضد اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، أيام كان قائداً انفصالياً...>>.
وقاطعه زميل له بحدة وهو ينظر إليّ وكأنني المسؤول عن كل ما يعترضون عليه:
<< ما بالكم أيها اللبنانيون، أو ما بال بعض قياداتكم السياسية وهي تندفع إلى الأخطاء القاتلة بعيون مفتوحة... ربما كان ضرورياً من أجل اتمام المصالحة الداخلية استصدار عفو خاص لسمير جعجع... ولكن كيف لمن يسعى في العفو عن جعجع ان يتهجم على المقاومة ممثلة ب<<حزب الله>> والسيد حسن نصر الله؟! هل اضعتم المعايير والمقاييس جميعاً؟!>>.
› في بعض الأنشطة التي يضمها مهرجان الجنادرية تلاقينا، مصادفة، بضعة من زملاء المهنة المنتشرين في عواصم المشرق والمغرب. وفاجأني واحد منه بالتعريف عن نفسه: أنا سوري، كما لا بد لاحظت من لهجتي، وأنا قد أبعدت نفسي عن دمشق منذ فترة طويلة لأنني ارفض الكثير من ممارسات النظام القائم. اتريد رأيي الآن؟! ان لبنانييكم المتعصبين قد استفزوا فيّ وطنيتي. انني، وكثير مثلي نشعر ان اللبنانيين قد ذهبوا بعيداً في عداء سوريا وشعبها وجيشها بحيث خرجوا على عروبتهم وطنيتهم. أنا الآن مستعد لأن اقاتلهم دفاعاً عن سوريا، ولو بنظامها القائم!>>.
وقال زميل آخر، مغربي:
<< ان هذه الحملة اللبنانية الشرسة على سوريا، والمدعومة أميركياً وفرنسياً، تدفعنا إلى نصرتها والالتفاف من حولها لحمايتها... ثم ما شأنكم بإيران لتهاجموها وتشهّروا بها؟! إنكم تنسون الترسانة النووية الإسرائيلية وتنساقون مع الحملة الغربية على إيران الثورة والإسلام فتشاركون في الحملة المشبوهة... ما مصلحة لبنان في هذا؟!>>.
<<ان من ينساق في هذه الحملة لا يمكن اعتباره وطنياً يطمح إلى الاستقلال والحرية والوحدة
الوطنية... بلّغ أهلنا في لبنان قلقنا عليهم!. وبلغهم أيضاً ان صور حسن نصر الله تحتل موضع الصدارة في بيوتنا>>.
  
... ويبقى ان أُشير إلى ان العرب يظهرون يأساً متزايداً من لبنان إذا استمرت قياداته السياسية تمارس هذه الخفة في التعاطي مع مسائل يراها العرب في غاية الجدية والخطورة: انهم لا يرون ما يحصل في لبنان بمعزل عما يدبر لفلسطين تحت الاحتلال الإسرائيلي، وللعراق تحت الاحتلال الأميركي بكل ما يستولده من فتن طائفية وعنصرية.
انهم لا يقبلون من لبنان ان يستنجد أو ان يستقوي بالأجنبي، ضد العربي، ولو انهم يحاسبون النظام السوري بقسوة على أخطائه الفادحة في لبنان.
ثم إنهم لا يقبلون الإساءة إلى سمعة <<حزب الله>> وقيادته، ويرون في ذلك مساً ببعض <<المقدس>> في وجدانهم، بينما هم ينظرون إليه كقدوة وكمثل أعلى في <<الجهاد>>، سيما وأنه قدم النموذج الصح عن <<الجهاد>> في حين ان معظم التنظيمات ذات الشعار الإسلامي قد وظفته ضد مصلحة المسلمين، وهذا العراق شاهد وشهيد. بل هذه السعودية وما تعانيه من هؤلاء والذين اعماهم التعصب، فضلاً عن مصر والجزائر الخ...
وفي الحالات جميعا فإنهم ينظرون إلى لبنان بوصفه بعض بلادهم، وأية أخطاء ترتكب في علاج مسائله السياسية، في هذا الجو المحتدم بالعصبيات الطائفية سيرتد بالأذى على كل العرب في مختلف أوطانهم.
<<.. ولكن أهلكم العرب لا يستطيعون مساعدتكم برغم انوفكم... فافتحوا الباب أمام المبادرة العربية لعلها تساعد في الوصول إلى الإنقاذ المنشود>>.
هكذا كان ينتهي الحوار في اللقاءات التي تيسرت على هامش احتفالات الجنادرية

من هناك
02-27-2006, 01:44 PM
بارك الله بك على هذا النقل يا فاروق.

قد يتهم المزايدون طلال سلمان بأنه يقبض من سوريا ولكن الوضع الحالي لا يبشر بأي خير.

الله اعلم إن كان الإسلاميون قادرون على فعل اي شيء وهم ساهموا مساهمة كبرى في انتخاب ستريدا والعفو عن جزاري الحرب.