مقاوم
02-13-2006, 01:18 PM
المتاجرون بالأزمة
المصريون : بتاريخ 12 - 2 - 2006
جمال سلطان
التقرير الذي نشرته الواشنطن بوست أول هذا الأسبوع عن استغلال بعض النظم العربية لأزمة الرسوم المسيئة للرسول في الدينمارك من أجل تحقيق مكاسب سياسية ترفع بها الضغوط الغربية المطالبة بالإصلاح ، هو تقرير صحيح ودقيق ، والأمر بلغ حد الفجاجة ، والتحريض على العنف كما فعلت الحكومة السورية ، أليس غريبا أن تكون الدولة الوحيدة التي ارتكبت فيها أحداث عنف ضد السفارة الدينماركية هي سوريا وحديقتها الخلفية لبنان ، هل هي مصادفة أن يتم القبض في بيروت على ثلاثمائة متظاهر قاموا بحرق السفارة الدينماركية ، ويكون من بينهم مائة وسبعين سوريا ، المسألة واضحة ، مجرد متاجرة بالواقعة ، واتخاذها ورقة للمساومة مع الدوائر الغربية أو اعتبارها رسالة أنكم إذا تماديتم في الضغوط المطالبة بالإصلاح فسوف تواجهون وحدكم مثل هذا العنف وسوف تخسرون بلادنا إلى الأبد ، فنحن وحدنا الذين نستطيع قمع هذه الشعوب وترويضها ، عندما أخبرت صديقا شاميا كان في القاهرة لحضور معرض الكتاب وتخلف لعدة أيام ، عندما أخبرته فور وقوع الأحداث في دمشق بالتظاهرة الضخمة التي هاجمت السفارة الدينماركية أبدى استغرابا شديدا ، وقال : مظاهرة ؟ وفي سوريا ؟ ، لأن حركة الشارع في سوريا تدار طوال أكثر من ربع قرن بالريموت كونترول ، ولا تخرج أي مظاهرة إلا لتأييد الزعيم القائد وسياساته الحكيمة ضد أعدائه في الداخل والخارج ، والتصريحات النارية التي أطلقها مسؤولون مصريون غضبا من الاعتداء على المقدسات الإسلامية ، تقترب من الحالة الكوميدية ، ومثلي لم يستغ أبدا شهامة أحمد أبو الغيط مثلا في تصريحاته الأخيرة التي كانت أسخن من رجل الشارع العادي نفسه ، وحتى الأخ العقيد القذافي أخرج مظاهرات وفي إيران خرجت التصريحات النارية ، وكل "مزنوق" أخرج مظاهرة أو حرق سفارة ، وقريبا عندما تحدث المقايضات خلف الستائر ، سوف تختفي التظاهرات من شوارع دمشق والقاهرة وطهران وطرابلس وغيرها ، وسوف تختفي كل التصريحات النارية ، وسيبتلع مشايخ السلطة كلماتهم التي تحرض على المقاطعة والغضب وستظهر فتاوى جديدة عن التسامح والعفو ، وسيظهر الشيخ طنطاوي في وسائل الإعلام محدثا الناس عن خطأ المقاطعة لأنها من القطيعة وضد التعارف الذي حض عليه الإسلام " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " ، وسيظهر شخصيات اختفت في الأزمة مثل رجل حقوق الإنسان الزئبقي أحمد كمال أبو المجد لكي يحدث الناس عن روح الحضارة الإسلامية المتسامحة وأهمية الفكر المستنير ، وسيظهر على السمان على شاشات التليفزيون يتحدث عن الحوار الحضاري وتلاقح الثقافات وحوار الأديان ، وباقي كتيبة المناسبات ، ورجالات الديكور الديني والفكري والثقافي سيتم الدفع بهم ، لكي يؤدي كل منهم دوره ، وعلى الجانب الآخر ستظهر هراوات الشرطة وحتى طلقاتها النارية وقنابلها لقمع أي تفكير في مظاهرة جديدة ، والحقيقة أن الذي حرق سفارة الدينمارك في دمشق إنما أراد أن يحرق الجهاد السلمي النبيل للأمة إعلانا لغضبها ، والقيادات السياسية الرسمية في العالم العربي التي زايدت في الأزمة وركبت الموجة إنما حاولت المتاجرة بمشاعر الناس المجروحة واستثمارها في مشروع غايته الأساسية ذبح أشواق الناس الحقيقية نحو الإصلاح والحرية .
المصريون : بتاريخ 12 - 2 - 2006
جمال سلطان
التقرير الذي نشرته الواشنطن بوست أول هذا الأسبوع عن استغلال بعض النظم العربية لأزمة الرسوم المسيئة للرسول في الدينمارك من أجل تحقيق مكاسب سياسية ترفع بها الضغوط الغربية المطالبة بالإصلاح ، هو تقرير صحيح ودقيق ، والأمر بلغ حد الفجاجة ، والتحريض على العنف كما فعلت الحكومة السورية ، أليس غريبا أن تكون الدولة الوحيدة التي ارتكبت فيها أحداث عنف ضد السفارة الدينماركية هي سوريا وحديقتها الخلفية لبنان ، هل هي مصادفة أن يتم القبض في بيروت على ثلاثمائة متظاهر قاموا بحرق السفارة الدينماركية ، ويكون من بينهم مائة وسبعين سوريا ، المسألة واضحة ، مجرد متاجرة بالواقعة ، واتخاذها ورقة للمساومة مع الدوائر الغربية أو اعتبارها رسالة أنكم إذا تماديتم في الضغوط المطالبة بالإصلاح فسوف تواجهون وحدكم مثل هذا العنف وسوف تخسرون بلادنا إلى الأبد ، فنحن وحدنا الذين نستطيع قمع هذه الشعوب وترويضها ، عندما أخبرت صديقا شاميا كان في القاهرة لحضور معرض الكتاب وتخلف لعدة أيام ، عندما أخبرته فور وقوع الأحداث في دمشق بالتظاهرة الضخمة التي هاجمت السفارة الدينماركية أبدى استغرابا شديدا ، وقال : مظاهرة ؟ وفي سوريا ؟ ، لأن حركة الشارع في سوريا تدار طوال أكثر من ربع قرن بالريموت كونترول ، ولا تخرج أي مظاهرة إلا لتأييد الزعيم القائد وسياساته الحكيمة ضد أعدائه في الداخل والخارج ، والتصريحات النارية التي أطلقها مسؤولون مصريون غضبا من الاعتداء على المقدسات الإسلامية ، تقترب من الحالة الكوميدية ، ومثلي لم يستغ أبدا شهامة أحمد أبو الغيط مثلا في تصريحاته الأخيرة التي كانت أسخن من رجل الشارع العادي نفسه ، وحتى الأخ العقيد القذافي أخرج مظاهرات وفي إيران خرجت التصريحات النارية ، وكل "مزنوق" أخرج مظاهرة أو حرق سفارة ، وقريبا عندما تحدث المقايضات خلف الستائر ، سوف تختفي التظاهرات من شوارع دمشق والقاهرة وطهران وطرابلس وغيرها ، وسوف تختفي كل التصريحات النارية ، وسيبتلع مشايخ السلطة كلماتهم التي تحرض على المقاطعة والغضب وستظهر فتاوى جديدة عن التسامح والعفو ، وسيظهر الشيخ طنطاوي في وسائل الإعلام محدثا الناس عن خطأ المقاطعة لأنها من القطيعة وضد التعارف الذي حض عليه الإسلام " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " ، وسيظهر شخصيات اختفت في الأزمة مثل رجل حقوق الإنسان الزئبقي أحمد كمال أبو المجد لكي يحدث الناس عن روح الحضارة الإسلامية المتسامحة وأهمية الفكر المستنير ، وسيظهر على السمان على شاشات التليفزيون يتحدث عن الحوار الحضاري وتلاقح الثقافات وحوار الأديان ، وباقي كتيبة المناسبات ، ورجالات الديكور الديني والفكري والثقافي سيتم الدفع بهم ، لكي يؤدي كل منهم دوره ، وعلى الجانب الآخر ستظهر هراوات الشرطة وحتى طلقاتها النارية وقنابلها لقمع أي تفكير في مظاهرة جديدة ، والحقيقة أن الذي حرق سفارة الدينمارك في دمشق إنما أراد أن يحرق الجهاد السلمي النبيل للأمة إعلانا لغضبها ، والقيادات السياسية الرسمية في العالم العربي التي زايدت في الأزمة وركبت الموجة إنما حاولت المتاجرة بمشاعر الناس المجروحة واستثمارها في مشروع غايته الأساسية ذبح أشواق الناس الحقيقية نحو الإصلاح والحرية .