تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : حكمة المفاضلة بين الأنبياء في رحلة المعراج



منير الليل
12-19-2002, 01:57 AM
في رحلة المعراج، شاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
في السماء الدنيا: نبي الله آدم
في السماء الثانية: ابني الخالة عيسى ويحيى
في السماء الثالثة: نبي الله يوسف الصديق
في السماء الرابعة: نبي الله إدريس
في السماء الخامسة: نبي الله هارون
في السماء السادسة: نبي الله موسى
في السماء السابعة: نبي الله ابراهيم الخليل
عليهم أفضل السلام.

وأما حكمة إختصاص كل نبي منهم في سماء هي::


"قال الحافظ رحمه الله: وقد اختلف في الحكمة في اختصاص الأنبياء كل منهم بالسماء التي التقاه بها. فقيل: ليظهر تفاضلهم في الدرجات. وقيل: لمناسلة تتعلق بالحكمة في الاقتصار، على هؤلاء دون غيرهم من الأنبياء. فقيل: أمروا بملاقاته، فمنهم من أدركه في أول وهلة، ومنهم من تأخر فلحق، ومنهم من فاته. وهذا زيفه السهيلي فأصاب.

وقيل الحكمة في الاقتصار على هؤلاء المذكورين، للإشارة الى ما سيقع له صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع قومه، من نضير ما وقع لكل منهم. فأما آدم فوقع التنبيه بما وقع له من الخروج من الجنة الى الأرض، بما سيقع للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم من الهجرة الى المدينة. والجامع بينهما ما حصل لكل منهما من المشقة وكراهة فراق ما ألفه من الوطن. ثم كان مال كل منهما أن يرجع الى وطنه الذي أخرج منه.

وبعيسى ويحيى على ما وقع له من أول الهجرة من عداوة اليهود وتماديهم على البغي عليه. وإرادتهم وصول السوء اليه. وبيوسف على ما وقع له من إخوانه من قريش في نصبهم الحرب له، وإرادتهم هلاكه، وكانت العاقبة له. وقد أشار الى ذلك لقوله يوم الفتح:" أقول لكم كما قال يوسف: {لا تثريب عليكم}".

وبإدريس على رفيع منزلته عند الله. وبهارون على أن قومه رجعوا الى كحبته بعد أن آذوه. وبموسى على ما وقع له من معالجة قومه. وقد أشار الى ذلك بقول:" لقد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر". وهذه مناسبات لطيفة أبداها السهيلي. فأوردتها منقحة ملخصة.

وقد زاد ابن المنير في ذلك أشياء أضربت عنها، إذ أكثرها في المفاضلة بين الأنبياء، والإشارة في هذا المقام عندي أولى من تطويل العبارة وذكر في مناسبة لقاء ابراهيم في السماء السابعة معنى لطيفا زائدا، وهو ما اتفق له صلى الله عليه وعلى آله وسلم من دخول مكة في السنة السابعة وطوافه بالبيت، ولم يتفق له الوصول اليها بعد الهجرة قبل هذه، بل قصدها في السنة السادسة فصدوه عن ذلك.

قال ابن أبي جمرة: الحكمة من كون آدم في السماء الدنيا، لأنه أول الأنبياء وأول الآباء، وهو أصل، فكان أولا في الأولى، ولأجل تأنيس النبوة بالأبوة. وعيسى في الثانية لأنه أقرب الأنبياء عهدا من محمد، ويليه يوسف لأن امة محمد تدخل الجنة على صورته. وإدريس في الرابعة لقوله: ورفعناه مكانا عليا} والرابعة من السبع وسط معتدل. وهارون لقربه من أخيه موسى. وموسى أرفع منه لفضل كلام الله. وإبراهيم لأنه الأب الأخير، فناسب ان يتجدد للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بلقيه أنس. لتوجهه بعده الى عالم آخر، وأيضا، فمنزلة الخليل تقتضي على أن تكون أرفع المنازل، ومنزلة الحبيب أرفع من منزلته، فلذلك ارتفع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن منزلة إبراهيم الى قاب قوسين أو أدنى. "

الاسراء والمعراج للامام ابن حجر العسقلاني