تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : السيد السيستاني يأمر بترميم كنائس النصارى في العراق .. بقلم الكاتب الشيعي زهير الأسدي



سعد بن معاذ
12-22-2005, 11:48 AM
ترميم الكنائس ؟؟ عجيب !!!..ولكن أين حقوق المساجد والفقراء والمساكين من الأموال الشرعية ؟؟

كتابات - زهير الأسـدي *




جاء في خبر نشرته الكثير من وسائل الإعلام العراقية والعربية أن المرجع الديني في النجف (السيستاني) أمر بترميم الكنائس في العراق , وأمام خبر كهذا لا بد للمسلم وخصوصاً الشيعي أن يتساءل عن الأساس الشرعي الذي جعل السيستاني يقوم بتلك الخطوة , وعن مصدر الأموال التي من المزمع رصدها لأجل ذلك, والسؤال هو:

على أي أساس وأي حجة شرعية قام السيستاني بتلك الخطوة التي توحي بلا شك أنه سوف يصرف الأموال الشرعية التي هي حق خالص للمسلمين وخصوصاً الفقراء والمساكين على الكناس ؟؟ أليست المساجد اليوم أولى بالترميم والرعاية ؟؟

إن أي مسلم فطن لديه معلومات عامة عن الشريعة لا بد أن يصاب بالذهول- إن لم أقل المرارة والخيبة والصدمة- بمجرد سماعه خبر كهذا , أن يقوم مرجع ديني كبير بصرف مبلغاً من الأموال الشرعية بترميم كنائس في الوقت الذي تحتاج فيه المساجد الترميم والرعاية , إذ لا يوجد نص ديني قرآني أو حديث واحد يلزم أو حتى يسمح لرجل الدين أن يصرف على كنائس الآخرين من الأموال الشرعية الخاصة بالمسلمين , بل الإسلام يأمر بأن يقوم أهل الكتاب بدفع الجزية التي تعتبر ضريبة مفروضة عليهم , مقابل دفع المسلمين للخمس والزكاة بالإضافة إلى الصدقات وأموال يجاهدون بها في سبيل الله دفاعاً عن الأمة التي يوجد فيها آخرون غير مسلمين, ويأمر بعمارة المساجد وإعطاء الفقراء والمساكين حقوقهم الشرعية أولاً وقبل كل شيء , فهل قام السيستاني بواجبه الشرعي بجباية الجزية من المسيحيين كما يأمره القرآن بذلك ( سورة التوبة الآية29) , قبل أن يأمر هو بترميم كنائسهم ...؟؟ و هل يوجد اليوم مسيحي واحد في العراق – أو غيره- يعطي الجزية كما يأمر الله .؟؟ أو يساهم بالحقوق الشرعية مع المسلمين ؟؟؟ وهل قام السيستاني بترميم المساجد في العراق من قبل أو الآن وأعطى للفقراء في العراق حقهم من الأموال الشرعية ؟؟

ولما كان السيستاني لم يقم بواجبه الشرعي بجباية الجزية من المسيحيين , ولا يوجد مسيحي واحد يعطي الأموال للسيستاني , بل الأموال كلها كانت من المسلمين دفعها إليه الشيعة دون غيرهم, فإن تلك الأموال التي تأتيه هي حق للمسلمين دون غيرهم , مساجدهم وفقراءهم أولى بالصرف , ولا يحق له أبداً أن يصرف ديناراً واحداً منها على غير المسلمين وتحت أي عنوان أياً كان .و ليس من شأن السيستاني ولا حتى من شأن المسلمين ترميم الكنائس بل هو شأن مسيحي محض وشأن الحكومة الرسمية في كل بلد يوجد فيه مسيحيين باعتبارهم مواطنين عندهم.

وأنا هنا أطالب ما يسمى بالحكومة المؤقتة في العراق أن تقوم بترميم كنائس الأخوة المسيحيين الذين يشاركوننا الوطن وهمومه, من الأموال العامة للعراق التي ضمنها عائدات النفط ,وأن يكون للمساجد نصيب من الترميم والعناية بحيث لا يبقى مسجداً واحداً تضرر من الاحتلال إلا ويأخذ نصيبه من الترميم , وكذلك المؤسسات العامة التي يستفيد منها الجميع , ويعلم الكثير من الأخوة المسيحيين وخصوصاً العراقيين منهم أن علاقتنا مبنية على المحبة و الاحترام المتبادل , وشخصياً كان الكثير منهم أصدقاء لي وزملاء أيام الدراسة الجامعية , ولم يحدث إلى اليوم أن أحد منهم قد أساء إلي أو أسأت إليه, بل الاحترام والمحبة هما القاسم المشترك الذي يجمعنا , وعلى هذا فلا أعتقد أن أحداً منهم سوف يسئ فهمي أو يعترض على مقالي هذا الذي هو شرعي وقانوني محض ولا علاقه له بالأخوة المسيحيين .



ولما كانت تلك الأموال التي يريد السيستاني أن يصرفها على ترميم الكنائس جُبيت من المسلمين ( دفعها الشيعة إليه) قد انزل الله نصوص قرآنية تأمر بصريح العبارة صرفها على مستحقيها , (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ..)(الأنفال41)

فإن كل دينار يصرفه السيستاني على غير هؤلاء الذين يأمر الله باعطاءهم حقوقهم يعتبر ظلم صريح ومخالفة شرعية كبيرة واجتهاد مقابل حكم الله الصريح... نحو ( قال الله وقلت. .. ), لأنه بمثابة اقتطاع حق الله وحق الرسول وحق أولي القربى واعطاءه لغيرهم , بل هو بمثابة اقتطاع اللقمة من أفواه اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من المسلمين الذين أمر الله أن يأخذوا حقوقهم, وصرفها بجانب آخر له طريق تمويل خاصة غير الأموال الشرعية للمسلمين , وهذا أمر لا يرضي الله ولا يسمح به أي مسلم غيور.

بل الكل يعلم -وكذلك السيستاني- أن هناك الكثير من المساجد والمؤسسات في العراق قد تضررت بالعدوان عليها من قبل قوات الاحتلال, والحرس (الوثني) أيضاً , منها مرقد الإمام علي عليه السلام ومسجد الكوفة اللذان يعتبران من الرموز الدينية المقدسة كثيراً عند المسلمين الشيعة يفترض بالسيستاني أن يكون من أول المبادرين بترميمهما ولما لم يحدث ذلك, فإن من حق المسلم أن يتساءل لماذا أهمل السيستاني المقدسات الشيعية وأمر بترميم الكنائس وما هو السبب يا ترى ؟؟ هل هو سياسي .. شرعي .. قانوني .. أخلاقي ؟؟

إذا كان السيستاني بهذه المخالفة الشرعية يريد ان يحقق أهدافاً ذات مقاصد من الطرف المستفيد من مبادرته بترميم الكنائس , فإنها وحدها لا تكفي لكي يرضوا عنه ويجني ما أراد بل عليه أن يـتأمل ويتدبر في كلام الله الذي يخاطب الجميع بكل وضوح :(( وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنْ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنْ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنْ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ ))(البقرة120) يقول بعض المفسرين: ( لن ) هنا لن التأبيد كما في قوله لموسى عليه السلام (..قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَنْ تَرَانِي.. ) (الأعراف143)

أما إذا كان يدعّي أن تصرفه بحسن نية ويريد منه وجه الله , فإن المساجد أولى بذلك باعتباره مسلم متفقه بدينه لا يجب ان يغيب عن باله المسجد, وكذلك الفقراء والمساكين واليتامى والأرامل وأبناء الشهداء أولى من غيرهم بالحقوق الشرعية , يجب على الذي يريد وجه الله أن يعطي لهؤلاء حقوقهم من الأموال الشرعية التي بين يديه .

ولقد ذكرت في مقالات سابقة أن السيستاني قام بصرف الكثير من الأموال الشرعية ببناء المدن والمجمعات السكنية والمستشفيات والمؤسسات الرسمية في إيران وأشرت إلى عناوينها بالتفصيل , ولم أجد ما يقابل ذلك في العراق مؤسسة واحدة أو مستشفى أو مشتمل ولا حتى غرفة صغيرة قام ببنائها السيستاني في العراق, وقد أتفق معي الكثير من الأخوة على تلك الحقيقة بما فيهم الذين كتبوا نقداً لمقالاتي وأظنهم سيتفقون معي في هذه أيضاً باعتبارهم مسلمين يريدون وجه الله ويقولون كلمة الحق دونما مجاملة لأحد, بل البعض منهم قال: لو كانت حجة السيستاني أن نظام الطاغية صدام حسين هو السبب الذي كان يحول دون صرف الحقوق الشرعية على العراقيين وبناء المؤسسات والمشاريع في العراق , فإن تلك الحجة قد أزيلت منذ عشرين شهراً ولا يوجد أي مبرر اليوم.

أمام واقع كهذا أقول: إن المسلمين الشيعة في العراق قد أدوا ما عليهم من حقوق بتقليد مرجعية السيستاني ودفع الحقوق الشرعية إليه على أمل وثقة أنه سوف يفيد بها أخوانهم المسلمين, ولكن السيستاني لم يعط للعراقيين كل حقوقهم عليه التي من ضمنها أنه إلى اليوم وعلى الرغم من مرور عشرون شهراً على الأحتلال , لم يصدر فتوى تحرّم قتل العراقيين . فمن حق المسلمين في العراق عليه باعتباره فقيه عمله ينحصر في هذا حلال وذاك حرام أن يصدر فتوى تحرّم قتلهم وتحرّم التفجيرات التي تحدث هنا وهناك.

وإلى اليوم لم يقم السيستاني بترميم مسجداً واحداً أو بناء مؤسسة ثقافية واحدة في العراق أو بناء مدينة أو مجمع سكني أو ملجأ للأيتام أو مشتمل أو غرفة صغيرة يستفيد منها المسلمون في العراق , ومن حقهم عليه أن يقوم بصرف الحقوق الشرعية التي في ذمته على تلك المؤسسات الضرورية لحياة العراقيين في الوقت الراهن, وهناك الكثير من الأيتام والأرامل وأبناء الشهداء والفقراء والمساكين لهم حقوق من الأموال الشرعية يجب على المرجعية أن تصرفها عليهم قبل أن تصرف ديناراًً واحداً على غيرهم . و بعد أن يستلم كل هؤلاء المستحقين حقوقهم الشرعية من السيستاني ولا يبقى في ذمته شيء , نبدأ بمناقشة السؤال :

هل ترميم الكنائس من الحقوق الشرعية للمسلمين مخالفة شرعية أم لا ؟؟


* باحث في علوم المستقبل

مودرن
01-03-2006, 07:57 PM
اهلا بك يا سعد