تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : النفاق الإيراني تجاه العرب والمسلمين... نجاد ومحو إسرائيل!! يكتبها علي حسين باكير



سعد بن معاذ
12-13-2005, 12:07 PM
النفاق الإيراني تجاه العرب والمسلمين... نجاد ومحو إسرائيل!!
علي حسين باكير


* البدائي المتخلف والجدلي المتطرف:

أستعير هذه الفقرة المهمة لأحد الكتاب, مع بعض التعديلات لأقول: "كلما أنصت لكلام أجوف مفتوق الجوانب، ونجد من يصدقه، بسذاجة نادرة، أجد نفسي أتساءل: هل حقا أن العرب لا يقرأون، كما قال موشي دايان يومًا، حينما كان وزيرًا لحرب الكيان الصهيوني، بعد أن رأى أنه طبق في حرب 1967 خطة عسكرية سبق نشرها علنًا، ومع ذلك لم يقرأها العرب؟ الجواب هو نعم ولا في الوقت نفسه، فهم لا يقرأون إذا فهمنا كلمة (القراءة) بمعناها الجدلي، وهم يقرأون إذا أخذنا الكلمة بمعناها اللغوي المجرد.

إن البدائي primitive هو كل إنسان بسيط ما زال يعيش الأفكار المباشرة وغير المعقدة ويخضع للتأثيرات البدائية. وهذا التعريف ينطبق، من حيث طريقة التفكير، على الأمي والمتعلم وابن التقاليد الأولية، حيث إن سمتهم الأبرز هي تنقل الأفكار وتبدلها قبل أن تنضج أو تستقر وتتبلور، فتكون النتيجة: أفكار سطحية يسهل اقتلاعها كما يمكن التلاعب بها وبصاحبها بسهولة. إن هذا البدائي يفهم الأشياء والعلاقات والظواهر طبقا لما تبدو عليه في الظاهر، ويتجنب، ابتداء، التعمق في نظرية (الاحتمالات المتعددة). فالأخضر يبدو له أخضرًا ولا يحتمل ذهنه أن تقول له: إنه ليس أخضرًا، بل هو حصيلة تمازج لونين هما الأصفر والأزرق! هذا العقل البدائي، لا يتقبل اللون الأخضر على أنه محض فبركة من اللونين الأصفر والأزرق، فهو أخضر فقط.

أما في الحالة الثانية، حالة العقل الجدلي المتطرّف، فإنه لا يقتنع بما يراه ظاهريا أمامه، بل يريد أن يرى ما وراءه أو ماهيته ولا يقف عند ذلك, فيفسر كل ما يراه أمامه على أنه غير حقيقي، فيكتشف أن الأخضر هو محض فبركة لا توجد خالصة في الطبيعة إلا إذا امتزج لونان، فلا أخضر عنده!

العقل البدائي، البسيط وغير المركب، أو غير الجدلي، لا يقرأ المعنى حتى وإن فهم الكلمات، لأن القراءة الحقيقية هي إدراك دروب وزوايا وتقاطعات وتناقضات الكلمة الواحدة، وما تخفيه أو تستبطنه، وليس فقط ما توحي به حروفها. ومن المؤسف أن العقل، بصفة غالبة، ما زال غرا حتى لدى أكثرية المثقفين والمفكرين والساسة العرب، فما بالك بالعامة، ليس لأنهم لم يكتسبوا المعارف، فهي كثيرة في ذاكرتهم، بل لأنهم كانوا أنموذجا لإحدى الحالتين السابقتين".

هذه المقدّمة ضرورية لفهم تصريحات نجاد الأخيرة وليس ذلك فقط، وإنما استراتيجية إيران التي تمخر عقول وقلوب الكثير من البدائيين الذين شرحنا حالتهم أعلاه.

لقد قرأت بعض التحليلات التي تتحدث عن تصريحات نجاد, فما وجدت أن أحدًا منها أصاب لب الموضوع وحقيقته, ففسرها البعض على أنها لسلب السنة الريادة في العالم الإسلامي، وكأن السنة هم الذين يديرون العالم الإسلامي، وكأن أهل الحكم والسلطة من المتدينين أصلا!! والبعض الآخر فضل عدم التعليق عليه، إما لأنه شعر أنه عاجز عن التعليق وأن نجاد قد حاصره بتصريحه، وإما لأنه بدائي من أصحاب اللون الأخضر الأول.

* حقيقة تصريحات نجاد بإزالة إسرائيل من الخارطة: التوقيت والدوافع والأسباب

في الحقيقة كنت متابعا للموضوع أولا بأول، فوجدت أن التصريح لم يأت من فراغ وقد جاء بمثابة القنبلة "الدخانية" لتغطية عدد من الأمور الخطيرة التي حصلت مؤخرا, وقبل الحديث عن تسلسل الأمور الخطيرة التي وقعت، والتي جاء تصريح نجاد ليغطي عليها، لا بد لنا أولا من توضيح بعض الحقائق فيما يتعلق بالعلاقات الإسرائيلية- الإيرانية:

أولا: لا يوجد أي احتكاك مسلح في تاريخ العلاقات الإسرائيلية-الإيرانية العلنية وقت الشاه أو السرية وقت "الجمهورية الإسلامية" صغير أو كبير بري أو بحري أو جوي, فإن كانت حجّة البعض أن لا حدود مشتركة, فكذلك كان الأمر بين العراق وإسرائيل, وعلى الأقل فقد خاض العرب عدّة حروب ضدّها بغض النظر عن النصر أو الهزيمة، بينما اكتفت إيران بالكلام طوال هذه المدّة، بل واحتفلت حوزتها العلمية في قم "وليس الشاه فقط" بهزيمة عبد الناصر وقتها, وبطبيعة الحال فإن التجربة أوثق وأصدق من الكلام الهراء الذي يسوّق دائما ولا دليل حسي وثابت عليه.

ثانيا: إن العلاقة الإيرانية-الإسرائيلية والإيرانية- الأمريكية السرية ناشطة وفاعلة ودورية, ولا يغرنكم كلام علاقات مقطوعة و"الموت لأمريكا" و"الموت لإسرائيل"، هذه الشعرات الفارغة يعرف الأمريكيون والإسرائيليون أنها ليست موجهّة لهم، فهي للتضليل "قنابل دخانية يعني بالعربي الفصيح للعرب والبدائيين من النوع الأوّل"، وهكذا كلام مؤكد وموثق ويمكن للمختصين بالشؤون الإيرانية معرفة هذا والاجتماعات السريّة التي تعقد في طهران وسويسرا وألمانيا وغيرها من البلدان وتحت شعرات متعددة.

ثالثا: إن التسلح الإيراني في جزء مهم وخطير منه مصدره إن لم يكن إسرائيل فهو من تجّار سلاح إسرائيليين وفضيحة "إيران جيت" ليست استثناء بل إلى يومنا هذا، ولازال الإسرائيليون يمدّون إيران بالسلاح، ومن محاولاتهم مؤخرا تهريب شحنة من الأسلحة والقطع المعدّة لتجميع مجنزرات وآليات عسكرية من إسرائيل عبر ألمانيا إلى إيران، وقد تمّ اكتشافها، وذكرت وزارة الدفاع الإسرائيلية أنها خُدعت ولم تكن تعرف إن الشحنة متوجهة إلى إيران, لا بل إن هناك دورا لتجّار سلاح إسرائيليين في بيع إيران أسلحة ومواد وتجهيزات نووية حديثا، ومن بينهم "ناحوم فيدفر", وغالبا ما تتم الاتصالات بين إيران وإسرائيل عبر يهود إيران أو حتى بعض النافذين في السلطة الإيرانية.

رابعا: إن إيران تاريخيا هي حليف طبيعي لإسرائيل، وحتى حديثا لم تتغير النظرة إلى إيران، وما المناكفات الحاصلة إلا نتيجة تنافس للسيطرة على المنطقة العربية والشرق الأوسط، وهذا شيء يحصل حتى بين الحلفاء (ألم تتجسس إسرائيل على أمريكا؟ فهل يعني هذا أنها عدوتها؟!!) فالمنطقة لا يوجد فيها إلا ثلاث دول هي إسرائيل وإيران وتركيا، والباقي لا محلّ لهم من الإعراب وهم عبارة عن "مفعول به" طوال الوقت. لا بل أن الدكتور "افرايم كام" ذكر في كتابه الذي أصدرته وزارة الدفاع الإسرائيلية منذ عدّة أشهر، والذي يستند إلى إلف ومائتي مرجع ووثيقة، أن "إيران من ناحية عملية لا تعتبر إسرائيل العدو الأول لها، ولا حتى الأكثر أهمية من بين أعدائها, وأنه على الرغم من الخطاب السياسي الإيراني المناكف لإسرائيل إعلاميا، إلا أن الاعتبارات التي تحكم الإستراتيجية الإيرانية ترتبط بمصالحها ووضعها في الخليج العربي وليس بعدائها لإسرائيل، وهي تبدي حساسية كبيرة لما يجري في دول الجوار، وخاصة في العراق".

خامسا: إن إيران ذات وجهين, فالمتابع لها ليعتقد أنّ هناك إيرانين وليس إيرانا واحدة ، ونعطي على ذلك عدّة أمثلة حديثا:

1- بعد عدّة أيام من تصريح نجاد حول محو إسرائيل, كشفت جرّاحة الأعصاب الإسرائيلية "ريفكا إنزيلبيرج" عن تلقيها دعوة من زملائها الإيرانيين لإلقاء محاضرة لها في إيران، وبحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" قالت الإسرائيلية إنها سوف تراجع وزارة الخارجية بهذا الشأن.

2- نقلت القدس العربي الصادرة في لندن في 17/11/25 عن صحيفة معاريف الإسرائيلية أنه رغم أن إسرائيل تشن حملة عالمية ضد التسلح النووي لإيران ودعوة الرئيس الإيراني شطب إسرائيل من الخريطة، تبين أن الدولتين تقيمان علاقة في مجال البحث!!

فقد التقي ممثلون رسميون من الدولة العبرية في الأشهر الأخيرة بالأردن مع نظرائهم من دول عربية وكذلك بممثلين من إيران في بحث لإقامة محفز جزيئات يستخدم للبحوث في مجال البيولوجيا والكيمياء والفيزياء والطب. ونقلت الصحيفة عن البروفيسور إليعيزر رابينوفيتش من الجامعة العبرية قوله إنه مشروع علمي بحت، "نجلس في لقاءات مع المندوب الإيراني نائب وزير بالحكومة الإيرانية، ومع الممثل الباكستاني دون أي مشكلة، ونجري مناقشات علمية، أما النقاشات السياسية فتجرى على الهوامش وعلى وجبات العشاء". وقال مراسل "معاريف" الذي يرافق وزير الخارجية سيلفان شالوم في زيارته لتونس إن المندوبين الإيرانيين لمؤتمر المعلومات يجرون مناقشات مع الإسرائيليين، معلقا "أنهم متعطشون لمعرفة المزيد عن الدولة العبرية".

أما الأحداث التي دفعت نجاد إلى إطلاق هذه القنبلة "الدخانية" فهي كالتالي:

أولا: إن الفارسي القومية, الإيراني الجنسية, المرجع السيستاني المقيم في العراق, قام في أواخر شهر أيلول بإصدار فتوى خطيرة تتناسق وتتناغم مع العمليات الإيرانية الجارية لطمس الهوية العربية ليس في العراق فحسب، وإنما في المنطقة بأسرها في الخليج وبلاد الشام، وليس هذا بمبالغة ولكنه واقع محسوس يتم العمل فيه منذ انتهاء الحرب العراقية-الإيرانية وحتى اليوم. وتنص هذه الفتوى: "يستمر الوهابيون التكفيريون وأتباع وأنصار صدام الكافر في مسلسل إبادة جماعية لشيعة أهل بيت النبوة وتستمر تلك الدول التي تدعي الإسلام والعروبة خاصة المجاورة (يقصد السعودية وسوريا والأردن) بمسلسل تصدير الإرهاب والإرهابيين للعراق لقتل المزيد منهم؛ لذا نهيب بأبنائنا وإخواننا المؤمنين أعضاء الحكومة (العميلة والموالية للصليبيين والصهاينة) وكذلك التجار (ستعرفون من هم هؤلاء التجار فيما بعد) بمقاطعة تلك الدول التي تصدر الإرهاب إلينا دون رأفة ولا رحمة, اقتصاديا فلا يعقد بيننا وبينهم أي تجارة أو اتفاق" بحسب نص الفتوى.

مع العلم أن السيستاني نفسه لم يصدر أي فتوى تنهى عن شراء البضائع الصهيونية المنتشرة في العراق، فضلاً عن مطالبة الحكومة بمنع إدخالها والتي تنتشر في العراق عبر الجيش الأمريكي والسماسرة الشيعة المتعاملين معهم, حيث أفاد جهاز السيطرة النوعية في العراق في نفس الشهر أن أكثر من 1 آلاف نوع من البضائع اليهودية دخلت إلى العراق ويتم تداولها بين المواطنين تشمل مواد غذائية وكهربائية ومنزليه وإنشائية.

أضف إلى ذلك أن السيستاني لم يصدر أي فتوى لمنع الاتجار واستعمال المخدرات التي باتت خطرا يتهدد المجتمع، والتي ثبت بالوقائع والبراهين أن معظم المهربين وطرق التهريب هم إيرانيون وعن طريق إيران، بل إنّ معظمهم من زوار المراقد.

ثانيا: في إطار الحديث عن طمس الهوية العربية, وبعد الادّعاء بفارسية الخليج العربي وأن تسميته بـ"الخليج العربي" هي مؤامرة صهيونية كما ذكرت وسائل الإعلام والتلفزيون الإيراني الرسمي منذ عدة أشهر, حصلت حادثة تم التكتم عليها إعلاميا من قبل العرب لخوفهم من الفضيحة, حيث قامت إيران في شهر تشرين أول بمنع دخول بضائع عربية إليها مسجل عليها عبارة "الخليج العربي" وردّتها من حيث جاءت.

ثالثا: تزوير الاستفتاء على الدستور والانتخابات التي حصلت في العراق وبدا ذلك واضحا, وأشاد الإيرانيون بالنتائج التي تم التوصل إليها, فتفاجأ بعض المخدوعين فمواقف إيران التي كانوا يعتقدون أنها تدافع عن قضاياهم، بينما وجدوا أن مواقفها لا تختلف عن المواقف الأمريكية والصهيونية!!

أمام هذه الحالات الخطيرة وغيرها، كان من الطبيعي أن يصدر تصريح إيراني في هذا الوقت ضدّ إسرائيل ليحوّل الأنظار عمّا يجري، ولكن الطبيعي أيضا أن يكون التصريح صادر عن المرشد الإيراني علي الخامنئي كما تجري العادة, لكن لماذا صدرت التصريحات عن رئيس الجمهورية الإيرانية هذه المرّة؟

في الحقيقة، العادة في إيران أن تصدر هذه التصريحات النارية عن المرشد الأعلى للجمهورية، فيما يكون رئيس الجمهورية واجهة ملطّفة للنظام الإيراني, ولكن لو كانت هذه التصريحات حول إسرائيل صدرت عن المرشد الأعلى كالعادة, لما اهتمّ بها أحد أصلا لأنه أمر عادي ومكرور، وبالتالي كان يجب أن تصدر هذه التصريحات هذه المرّة عن رئيس الجمهورية بحيث تتجه إليه جميع الأنظار والأسماع وتتشكل القنبلة "الدخانية" التي نتحدّث عنها، وبالفعل هذا ما قد حصل وللأسف فقد نجحت الخطّة بالتغطية عن المراحل التي تحدّثنا عنها.

والجدير بالذكر أنّ التساهل العربي مع إيران والسكوت عن الحقوق المهدرة والمغتصبة من قبلها هو الذي دفع طهران إلى هذا الاستقواء، فإذا كان هذا حال طهران الحالية مع حكومة شيعية واحدة موالية لها، فماذا سيكون حالها إذا كان هناك حكومات شيعية أخرى في المنطقة أو عندما تمتلك السلاح النووي؟!