صت قاعة إحدى الجمعيات الخيرية في رام الله برجال ملتحين ونساء يرتدين الجلباب، بعضهن منقبات، من أعضاء «حركة المقاومة الاسلامية» (حماس) وأنصارها. لكن هذا اللقاء لم يكن لتلقي دروس دينية في الوعظ والارشاد، بل للمشاركة في دورة لادارة الحملات الانتخابية على يد مدرّسة للإعلام حاصلة على تعليم غربي متقدم في هذا الميدان.

أصغى الحضور الذين جاوز عدد المئة باهتمام كبير الى مدرّسة الاعلام في جامعة بيرزيت نبال ثوابتة التي تعلن انها تخالف «حماس» في معتقداتها. وراحت تشرح كيفية توجيه الرسائل القصيرة للجمهور، وقواعد المناظرة الانتخابية وأكثر وسائل الاتصال فاعلية وعناصر البرنامج الانتخابي الناجح، مستعرضةً نماذج من الانتخابات السويدية والأميركية والبريطانية.

راحت المدربة نبال تعرض للمشاركين، وغالبيتهم من مسؤولي الحملة الانتخابية لـ «حماس"، العوامل الواجب توافرها في الرسالة الناجحة وفي مقدمها «أن تكون ممتعة ومهمة». وتحضهم على التحلي بروح الدعابة التي قالت «انها أسهل الطرق لإيصال الرسالة».

اندمج المشاركون مع الافكار المثارة لدرجة انهم وقفوا في وجه أحدهم، وهو إمام مسجد، عندما أصرّ على ان يتضمن الشعار الانتخابي «وعد للناس بالخير في الدنيا والآخرة». فقد أصرّت المدرّبة، ووافق معها المشاركون، على ان: «الانتخابات الجارية خدماتية، والناس يتطلعون الى حدوث تغيير في شخصيات الحكم على أمل الحصول على خدمات أفضل». وقالت نبال لـ «الحياة»: «كما ترى، المتدربون متحمسون للأفكار التي أقدمها، لهذا السبب تولوا إسكاته».

وهذه الدورة واحدة من سبع دورات تدريبية تولتها نبال لحساب «حماس» في الضفة الغربية في الشهور الماضية. وقالت ان بعض هذه الدورات كان مخصصاً للنساء فقط، وبعضها للرجال، والأخيرة كانت مختلطة.

وتولي «حماس» أهمية فائقة للانتخابات بشقيها البرلماني والمحلي (مجالس المدن)، معتبرة اياها قناة الوصول الى النظام السياسي الفلسطيني. ووضعت الحركة الانتخابات على رأس سلم اولوياتها، وأنشأت لها أدوات تنظيمية جديدة مثل لجنة مركزية للانتخابات، تتفرع عنها لجان فرعية في كل التجمعات السكنية.

وقال مسؤولون في الحركة ان اختيار مسؤولي الحملات الانتخابية بدأ في وقت مبكر من السنة، استعداداً للانتخابات التي كان مقرراً إجراؤها في السابع عشر من تموز (يوليو) الماضي.

غير ان الحركة سرعان ما غيّرت أساليب ادارة العملية الانتخابية في الضفة الخاضعة للاحتلال بعدما شرعت اسرائيل في اعتقال مرشحيها الناشطين في حملتها، ومن بينهم رئيس اللجنة المركزية للانتخابات وجميع مساعديه. واخذت «حماس» تحضر للانتخابات بعدئذ بدرجة عالية من السرية بحيث باتت تتجنب اعلان اسماء المرشحين والمشرفين على الحملة الانتخابية. ويشير الناطق باسم «حماس» سامي ابو زهري الى ان عدد مرشحي الحركة للمجلس التشريعي الذين اعتقلتهم اسرائيل في الأسابيع القليلة الماضية بلغ 33 مرشحاً اضافة الى عشرات الناشطين في الحملة الانتخابية.

واللافت في حملة «حماس» الانتخابية توظيف المرأة للوصول الى ما يشكل نصف جمهور الناخبين. وقالت المسؤولة عن قطاع المرأة في اللجنة، وعرّفت نفسها باسم «أم معاذ» ان الحركة اختارت عدداً كبيراً من النساء لقيادة وتنفيذ حملة خاصة موجهة الى جمهور النساء. وأضافت: «اخترنا المشاركات في الحملة الانتخابية للحركة من ناشطات معروفات لديهن خبرات في العمل المجتمعي، وقدرة على التأثير في الجمهور»، ملاحظة ان «كثيرات منهن لسن اعضاء في حماس لكنهن متحمسات للتغيير».

وبين المنخرطات في التحضيرات الانتخابية لمصلحة «حماس»، طالبات جامعيات ومعلمات مدارس وموظفات وربات بيوت. ولوحظ أن الغالبية العظمى منهن من الشابات اللواتي تراوحت أعمارهن بين العشرين والأربعين.

وتؤكد «أم معاذ» قرار الحركة ترشيح نساء للمجلس التشريعي والمجالس البلدية لكنها لا تكشف الاسماء تنفيذاً لقرار في الحركة.

وكانت «حماس» رفضت المشاركة في الانتخابات التشريعية عندما أجريت للمرة الأولى العام 1996 بسبب استنادها الى «اتفاق اوسلو» الذي تعارضه الحركة بشدة. لكنها عادت وقبلت المشاركة في هذه الانتخابات بهدف الوصول الى مواقع القرار في السلطة والمؤسسة الفلسطينية. (ماذا تغير الآن؟؟؟)