تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : من مقتطفات بيت الأسرة.. وأيّ وفاء!!!!!!!!!



Anfal
11-13-2005, 06:58 PM
أبصرت النور في قرية "موشا" بمحافظة أسيوط في مصر، ونشأت في أسرة كريمة متدينة. والدها على حظ من الوعي والمعرفة، متديناً وجيهاً في بلده. و أمها امرأة فاضلة متدينة. وكان القراء يرتلون القرآن في دارهم طوال شهر رمضان. وبعد وفاة والدها، غادرت أسرتها القرية إلى القاهرة واستقرت فيها.

اتصفت بالعديد من الصفات الطيبة، فهي امرأة فاضلة، داعية وأديبة وشاعرة، كانت مهتمة بالأدب، وخاصة في مجال كتابة القصة القصيرة، وقد نشرت عدداً منها في المجلات الأدبية التي كانت تصدر في القاهرة، مثل مجلة "الأديب"، ومجلة "الآداب"، ومجلة "العالم العربي"، وذلك في سنوات 1947م إلى 1954م.

إنها واحدة من الداعيات المجاهدات اللاتي ذكرهن تاريخ الدعوة المعاصرة في مصر بكل خير، وشقيقة الأستاذ محمد قطب والشهيد سيد قطب صاحب "الظلال".
شاركت في الأعمال الدعوية والاجتماعية بمصر، حيث ساهمت مع كوكبة نسائية في تقديم العون والمساعدة للمعتقلين وأسرهم -وكانوا آلافًا- حيث اعتقلوا في عام 1954م في عهد عبد الناصر، ورفعت شكاوى هؤلاء إلى الجهات المسؤولة.

وكان من نتيجة ذلك أن ولجت المعتقل مع العديد من أفراد أسرتها وظلَّت رهن الاعتقال في السجن الحربي فترة من الزمن، تلكم هي (أمينة قطب إبراهيم)

ملحمة الوفاء:
إن قصة زواج "أمينة قطب" من الشهيد "كمال السنانيري" نموذج لأروع قصص الوفاء الذي يُحتذى به؛ فقد حُكم عليه بالسجن مدة خمسة وعشرين عامًا مع الأشغال الشاقة المؤبدة تخفيفًا بعد حكم سابق بالإعدام.

وبعد خمس سنوات نقل إلى مستشفى السجن والتقى فيها بالأستاذ "سيد قطب" الذي أرقده المرض وما ذاقه من مآسٍ داخل السجن، وتقدم يطلب يد "أمينة" من شقيقها، وما لبث أن عرض الأمر عليها، وبعد الاستخارة وافقت رغم علمها أن الباقي له في السجن عشرون سنة، ثم زارته في السجن لتراه، ويتم العقد بعد ذلك، وقد بارك هذا الزواج إخوانه بالدعاء، وسخر منه غير الإخوان، وقويت رابطة المودة بينهما رغم بقائه خلف الأسوار، وأخذت تراسله بقصائد شعرية في صورة رسائل تشد من أزره وتقوي عزيمته.

وقد أعطت المثل والقدوة في الصبر على البلاء والفراق والحرمان، ولو أنها طلبت الطلاق لكان من حقها شرعا وقانونا، ولكن أبت نفسها ذلك من فرط ورقة مشاعرها، وخوفا من أن تجمع عليه مصيبتين، وهي الشريكة والسند!.

وفي تلك الأثناء كان قد تمَّ الرباط بينها وبين زوجها كمال السنانيري وهو داخل السجن، وكانت التجربة عميقة مثيرة للأحاسيس والخيال والمشاعر. ففي كل زيارة تقوم بها للسجين المجاهد الصلب، تثري خيالها ومشاعرها بألوان الأحاسيس، فتضمنها قصة أو رسالة من رسائلها إليه، أو تضع الأقاصيص في مخابئها حتى يأذن الله بالخروج.

وذات يوم.. حكت "أمينة" لشقيقها "سيد" ما رأته وتكبدته من عناء السفر عند زيارة الزوج الحبيب والشقيق العزيز؛ حيث سافرت من القاهرة إلى جنوب مصر لتصل لسجن "قنا"، وشعر الأستاذ "كمال" بمدى الغبن الذي لحق بها فقال لها: "لقد طال الأمد، وأنا مشفق عليك من هذا العناء، وقد قلت لك في بدء ارتباطنا قد يُفرج عني غدا، وقد أمضي العشرين سنة الباقية أو ينقضي الأجل، ولا أرضى أن أكون عقبة في طريق سعادتك، ولك مطلق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحا في أمر مستقبلك من الآن، واكتبي لي ما يستقر رأيك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير".

وحال السجان بينهما دون أن يسمع منها ردا، ولكن ماذا ينتظر من عروس ذات مروءة وأخلاق عالية؟

ثم جاشت بنفسها الشاعرة الرقيقة معان جمة وصادقة عبرت فيها قائلة: "لقد اخترت يا أملاً أرتقبه طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم"، فأي امتحان لصدق المودة والحب أكبر من هذا؟!.

وبعد سبعة عشر عامًا من الخطبة الميمونة يتم الزواج، ويسعد العروسان بأحلى أيام العمر، ولم يمهلهما الطغاة، بل فرقوا بين الأحبة في بداية عامهما السادس من الزواج، وقيدوا الحبيب بالسلاسل، وألقوه في سجون الظلم والظلام بهتانا وزورا، لاقى فيها ما لاقاه من التعذيب حتى صعدت روحه إلى بارئها تشكو إليه ظلم العباد.

التجربة الشعورية الصادقة
أمينة قطب شاعرة إسلامية عانت الألم الذي يواجه دعاة الإسلام، وكان في أسرتها المعذب والسجين والشهيد، فجاء شعرها صورة لآلامها.. في ديوانها "رسائل إلى شهيد" صرخة استنهاض في وجه من تسميهم بـ"الخانغين" أو "القطيع"، أولئك الذين رضوا بالذلة والهوان.. وفيه مجموعة من القصائد جاءت كأنها رسائل وجهتها إلى الزوج الشهيد، وإلى السائرين على درب الحق رغم أشواك الطريق.. ففي قصيدة "في دجى الحادثات" تصف لقاء كيانين ألّفت بينهما العقيدة ووحَّد بينهما الإحساس المسؤول بثقل الرسالة وجسامتها ليتحركا في صبر الأباة المجاهدين صوب الهدف الذي أملاه الواجب الشرعي، تقول:

أو لم نمضــــي على الحق معا *** كي يعود الخير للأرض اليباب
نتحـــــــــدى ظلمات وطغــاة *** عبَّدوا الناس بإذلال الــــرّقاب
أبـــــعدوا الدين سلوكا وحياة *** وأرادوه ســــطورا في كتاب
فمـــــضينا في طريق شائك *** نتـخلى فيه عن كلّ الرّغاب
ونعيـــش العمر ألوان عناء *** في سجون قد أُعدت للعذاب

كتبت يوما رسالة لزوجها تعلن أنها اختارت الجهاد، طريق الجنة المحفوف بالأشواك والآلام، وكانت رسائلها لزوجها في السجن غالباً في صورة قصائد شعرية، تعبر فيها عن أروع حياة رفرفت عليها روح المودة والسكينة والوقار، وقد قدمت هذه الأشعار بقولها:

"هذه الرسائل كلها إليك.. كتبتها بعد تلك الليلة، بعد أن غادرت بيتنا ولم تعد.. إنها أول رسائل لن تراها ولن تقرأها، ولن تبعث بعدها برد.. ولكن كتبتها إليك رغم هذا اليقين، فما كنت أملك حبس دموعي، وأنت ترحل عني بلا عودة.

إنها إليك في الدار التي سعيت من أجلها وأدركتها في نهاية المطاف، إنها تهنئة أبعث بها إليك، حتى ألقاك بعد المسير العاني، ووعورة الطريق، إنها لمسة وفاء وعهد على السير مع القافلة التي ما انقطع سيرها على مر الزمان إلى ذلك المرتقى البعيد.

إنها إليك وإلى السائرين على الدرب، رغم أشواك الطريق، فإذا كانت الدموع تخضبها فمعذرة، فقد تركتني وحدي أكمل بقيه المسير.. إنها دموع الفراق، حتى ألقاك عند ذلك المرتقى بإذن الله.. مع قوافل الواصلين.

مراثيها لزوجها:
عرف الأدب العربي مراثي الأزواج لزوجاتهم، وهي تفيض ألما وحزنا على فراق أحبتهم، غير أن رثاء الزوجات لأزواجهن نادر في الشعر العربي، وقد رثت "أمينة قطب" زوجها في أكثر من قصيدة، وكان لها في ذكرى استشهاده من كل عام قصيدة حزينة مؤثرة.. ومن تلك القصائد، ما رثت بها زوجها الشهيد قولها:

ما عدت أنتظر الرجوع ولا مواعيد المساء *** ما عدت أحفل بالقطار يعود موفور الرجاء
ما عاد كلب الحي يزعجني بصوت أو عواء *** وأخاف أن يلقاك مهتاجًا يزمجر في غباء
ما عدت أنتظر المجيء أو الحديث ولا اللقاء *** ما عدت أرقب وقع خطوك مقبلاً بعد انتهاء
وأضيء نور السلم المشتاق يسعد بارتقاء *** ما عدت أهرع حين تقبل باسمًا رغم العناء

فـاروق
11-13-2005, 07:04 PM
يا لها من اسرة .....انجبت سيد ومحمد وامينة....

الا تطمحون يا شباب المنتدى وصباياه الى اسرة كهذه.....فاين الاعداد اذن؟

شيركوه
11-21-2005, 08:03 PM
يشهد الله ان عيناي قد دمعتا

سبحان الله ما اعظم هذا الوفاء وما اعظم هذا لو ان له رجال ....................
رجال وليس ذكور

ولعل لفظ رجال يشمل الرجال والنساء على حد سواء

اسال الله ان يؤجرهما على صبرهما وتضحيتهما جنان الخلد


السلام عليكم