تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : ثلاثة تعاهدوا على الحب .. بقلم محب أهل البيت



محمد الخضر
12-13-2002, 12:47 PM
الحياة جميلة نضرة لكن الكدر جزء من نسيجها ، هكذا تبدو لنا الحياة.

تجرع مرارتها الكثيرون ، كلٌ بحسبه ، والعاقل من جنّب نفسه الهلاك وعمل لما بعد الموت.

هذه الحياة بحلوها ومرها ، بنعيمها وبؤسها ، يُمكن لها أن تتقلب بين ناظريك أو بين أحضانك ، وتخط لك حروفاً لم تقرأها من قبل.

دعني أخبرك عن تجارب بشرية تخيلتها اليوم وعكفت على رسم نهايتها من وحي خيالي ، نطقت بها من واقع أناس كثيرين تعرفت عليهم أو صحبتهم برهة من الزمان.

غايتي في ذكرها العبرة .. وأي عاقل لا يعتبر من تجارب الآخرين؟

ها أنذا أرفع الستار أمامك على مشهد به بدأت قصة الشاطئ.

على الشاطئ ... حيث الرمال الناعمة ... والأمواج الهادئة .. جلس ثلاثة من الفتيان .. يتسامرون ... تحفهم البهجة ... وتعلوهم البسمة.

الحياة عندهم لعب ولهو .. وعرضٌ من الدنيا قليل.

تحدثوا كثيراً ... وضحكوا كثيراً .. وبعد الحديث الممتع والضحك الكثير .. قال أحدهم لأصحابه: ما رأيكم في الحب؟

فتنفس كل منهم الصعداء ... وقالوا: شعور جميل .. شاهدناه في الأفلام ، ولم نذقه يوماً من الأيام.

فتعاهدوا على أن يعيش كل منهم نصيبه من الحب ، ثم يلتقون ليحكي كل منهم لحظات السعادة التي مر بها.

غربت الشمس أمام أعينهم ... وانفض المجلس ... وعاد كل واحد منهم أدراجه ...

وبات الجميع بخير ليلة باتوها.

فأما الأول فأسند رأسه لوسادته يتفكر في فتاة أحلامه من تكون؟ وما الطريق إليها؟ .. تتراءى له فتاة جميلة أمام عينيه .. هام في الحب قبل أن يعرفه .. هكذا تلاعب بمشاعره صاحبه ... حجب عنه النوم .. وأرّقه طوال الليل.

وأما الثاني فاعتنق وسادته ، على جنبه وردة حمراء اقتناها من بائع الزهور ، وبين جنبيه قلب ينبض لفتاة لا يعلم من هي ، وحزم أمره أن لا يترك امرأة تمر أمامه في السوق إلا حاول لفت انتباهها وبناء علاقة معها.

وأما الثالث فبات ليلته يعبث في حاسوبه الصغير ... يعاكس هذه وتلك ، ويحاول أن يلفت نظر تلك تارة ، ونظر الأخرى تارة ثانية ، وقضى ليله للفجر يعبث هنا وهناك.

ظن الثلاثة أنّ هذا هو طريق الحب ، ونسوا أنّ النسور لا ترحم من لا يعرف الطيران.

سنوات مضت .. حان بعدها موعد اللقاء.

جلسوا على الشاطئ ذاته .. لكنّ وجوههم ما عادت تقبل الابتسامة التي كانت ترتسم عليها بالأمس.

قلت لهم: ماذا أصابكم؟

لم أكن أدرك شدة العواصف في قلب كل شاب منهم ... لقد أثخنتهم الجراح ولم يبقى لهم إلا الألم.

أما الأول فكان أعقلهم لكن مراهقته غير المنضبطة أوقعته فيما لم يكن بحسبانه.

لم يجد نفسه إلا أمام حب يطرق باب قلبه ، باغته حتى تمكن منه وطرحه أرضاً حيث لا يستطيع الحراك.
امرأة ليست من دينه ولا من ثوبه ... تلاعبت بمشاعره ثم طرحته بعيداً .. ليعيش حسرته وحيداً كسيراً.

حينئذ خفت صوت صاحبي ، قد بات أسيراً للحب الذي باغته ، انتابه الكدر وأرهقته الدموع.
أحزنتني آهاته ... كنت أستمع له وهو يحكي مرارته ، لكأني أنا صاحب تلك المرارة.
أستشعر ألمك ، وأتصور معاناتك ، وإنّ لنفسك عليك حق ألا ترهقها وتسلبها الحياة ، يُمكن للسماء أن تسودّ للحظات لكن بريق النور قادر على أن ينسيك تلك الظلمة ويرسم في ذاكرتك لوحة جميلة لا تنساها أبداً.

لا تتصور أنّ الدنيا قد اسودت وضاقت بك ، فالله الذي جعل الأرض واسعة والسماء أوسع جعل دنياك أوسع وآخرتك التي تستقر بها وتعيش من أجلها أوسع وأوسع إن أحسنت العمل وتداركت الأمر الجلل.

وأما الثاني فعاطفته ملساء ، كزجاجة لا تكاد تُخفي ما بظاهرها ، سهلة الخدش لعظيم نعومتها ، نظيفة صافية بمقدار ما فيها من الاخلاص والتفاني والصدق.

تعرف على امرأة بمعاكسة ، وظنّ أنّ الحب الذي رسم طريقه معها أسمى وأجل من أن يُقابل بلحظات وابتسامات من أي رجل آخر قد يعاكسه.

لكن الأخبار تأتي بما لا تشتهيه الأنفس ، عرف منها الخيانة فأبغض الحياة ، واسودت أمام عينيه.

يقول بلسان المحب المشفق: اسأل أمواج البحر عن مشاعري كم وقفت صامتاً أتأملها ويخذني الفكر إلى من أحب، لكأنّ الدفء الذي تسشعره في شاطئ ذاك البحر هو دفء مشاعري ، ولكأنّ الأمواج التي تتلاطم أمامي هي تلك المشاعر المحطمة التي أهداني إياه الزمان.

اسأل أنفاسي التي كادت أن تنقطع ودموعي التي سالت ولم تقف ، كم من المعاني تستطيع أن تجمّع وأن تسطّر؟

هل تُراها تعي هذه المعاني؟ هل تُراها شعرت بجزء مما أشعره؟

هل أدركت حقيقة معنى الحب قبل أن تطأه بقدميها لتخونني مع الرجال؟

قلت له: إنها يا صاحبي أكدار الدنيا ، لكأنك يا هذا لم تتعلم من الحياة أنّ لكل شيء نهاية وأنّ الاخلاص والصدق في المحبة أندر في زماننا عن سالف الأزمان.

لكأني أراك تعيش عالماً وردياً في مخيلتك ، عالم لا يعيشه سواك ، أفق من سباتك العميق ، وانهض فليس مثلك من ينهزم ، عرفتك قوياً صامداً أمام تحديات الزمن.

يا صاحبي .. إن سألتني عن الحب ، انسال الحبر من قلمي ليكتب لك الأشعار، لأنّ مثلي رجل يعرف قيمة الحب ، يعرف ذاك المعنى السامي الذي تتوق إليه النفس ، لكن الحب ليس بالأماني، لقد أبيت أن تسمع لصوتي إذ ناديتك ، حسبت أنك تطير نحو السعادة.

ها قد أثخنتك الجراح ، تحسب أنّ صفاء الحب موّزع بالمجان.

تحسب أنّ للنسور قلوباً تحثها على عدم النكران .. تحسب أنها تمسح على الرؤوس أو تضمد الجراح؟!

أما الثالث فقد رماه هواه على شاطئ ما له أمان ، يعيش حياته متنقلاً من حب لآخر ، كـ(بدوي) يجري بغنمه خلف المرعى، يحسب أنه بكثرة الخليلات قد عرف الحب وقد عاش الحب.

أعجب منك ... منذ متى كان الحب خراف تُجمع؟ وحشائش تؤكل؟

أراه يعيش الوهم في كل حين ، وهم في داخله يوشك أن يزلزل كيانه ، أرقبه وفي قلبي الأسى لحاله ، أخاف عليه من مغبة التهور.

هل لك يا صاحبي أن تستمع إلى صوت قادم من البراري؟

صوت يطرب لسماعه العقلاء وذوو الشجون؟

هل لك في حب عفيف شريف يرضي غرورك ويشفي كوامن نفسك؟

هل لك في امرأة صالحة تحفظك في نفسها وفي عرضك؟

هل لك في حب يقوم على المكاشفة وعلى الصدق؟

دع عنك دعاوى الحب العريضة ، أحسن الاختيار ثم أحسن العشرة تنل ما تريد.

قد جعل الله بين الأزواج التواد والرحمة ، فإن ظفرت بامرأة صادقة مخلصة عارفة لربها فتمسك بها، وعش معها أسمى معاني الحب.

لا تجري وراء السراب ، تحسب أنّ ماءه يُمكن أن يسد رمقك.

قد عاش آخرون هم أصدق منك حباً قصصاً اشتكت منه قلوبهم ، لا تدور حول الحمى فإنك توشك أن تقع فيه.

يا صاحبي ، هذه نصيحة مشفق ، فمن ذا الذي يلقي لك بالدلو إن أشرفت على الغرق في بئر أنت الناضح فيه؟

أما أنا فحزمت أمري منذ البداية ، (اظفر بذات الدين تربت يداك) ، الجمال يزول ، والمال يفنى ، والحسب أحياناً يضر أكثر مما ينفع ، ولا يغني عن المرء شيئاً في علاقته العاطفية مع زوجته ، لكن الذي يبقى هو الدين.

علمت أنّ الاخلاص كلمة لا تدركها إلا المرأة الصالحة ، العارفة لربها .. المحكّمة لضميرها.

علمت أنّ رابط الزواج هو الميثاق الغليظ الذي يمكن أن تتآلف عليه القلوب وتلتصق به المشاعر.

وقد علمتني الحياة بمآسيها العامرة عبارة حفرتها في قلبي جديرة بأن تغير حياتك وأن تعيد لك ولأصحابك البهجة (إنّ الضربة التي لا تقتلك، تقوي ظهرك) ، فمن ذا الذي لم يصيبه من الدنيا كدر، مهما كان نوع الكدر ، لكن العملاق هو الذي يقوى على الصمود ويتعامل مع جراحه كما يتعامل مع أفراحه.

يا أصحابي ، عزيز عليّ أن أرى جراحكم تنزف ، لا أملك مما يضمدّ جراحكم غير همسة حانية وقلب ودود يبث فيكم الأمل ويدعوكم إلى تخطي الجراح.

عودوا إلى ربكم ... وابحثوا عن الحلال ... فالحب الحقيقي لا يكون أبداً إلا بذاك الميثاق الغليظ.

هلال80
12-13-2002, 02:08 PM
يا سلااااااااااااااام والله انك لتملك قلما مرهفا يا محب......راااائع كل هذا من خيالك يا عزيزي :)

احسنت يا محب ..... احسنت

فقط لي ملاحظة على بعض الاخطاء اللغوية :) الله بيسر

محمد الخضر
12-13-2002, 02:41 PM
بارك الله فيك

بالنسبة للأخطاء الاملائية ، مشكلتي أنّ قلمي أو طباعتي تسبق فكري ، فأخطئ في الكتابة في مواضع ما كنت أحب أن أخطئ بها.

لكن أرجو اتحافي بها حتى أعدّلها في المقالة الأصلية ، وبارك الله فيك.

مجاهده
12-13-2002, 02:50 PM
روعـــــــه...........الله يعطيك العافيه اخي محب....