تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : سلامة القلب.. روح المحبة ...هل تتمتع بها ؟



منال
10-25-2005, 02:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سلامة القلب..روح المحبة ... هل تتمتع بها ؟

* السيد سابق

إن خير الناس منوط بسيادة روح المحبة، وتوثيق عرى المودة بينهم، فإذا فقدوا هذه الروح، أو وهنت هذه العرى، تعرضوا للبأساء والضراء، وزلزلوا زلزالاً، لا يثبت معه قدم، ولا يستقر عليه بناء.

ومن ثم عمل الاسلام على حياطتهم بالسياج الذي يقيهم العوادي، والدروع التي تصونهم من التصدع والانقسام، فعمل على صياغتهم صياغة خاصة، وتربيتهم تربية من شأنها أن تبقي فضائل الانسان، وتنفي عنهم رذائل الصفات.

فالانسان المثالي في نظره هو الذي يصدق في الحديث، ويتحرى الحق، وينزه قلبه عن أن يخطر به السوء.
سئل رسول الله : (أي الناس أفضل؟ قال: كل محموم القلب، صدوق اللسان؛ قالوا: صدق اللسان نعرفه فما محموم القلب؟ قال: هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي، ولا غل ولا حسد).
وليست العبادات الكثيرة من الصلاة والصوم والصدقة هي المظاهر الوحيدة لرضوان الله. فثمة سلامة القلب، وطهارة النفس، هي خير عند ربك ثواباً، وخير أملاً..

ونجاح المرء، وظفره بمحبة الله ومودة الناس، مرهونان باتزانه الخلقي، وضبطه لسلوكه ضبطاً بحيث تصدر كل حركة عن وعي، وتستهدف غاية كريمة..
يقول رسول الله : (قد أفلح مَن أخلص قلبه للإيمان، وجعل قلبه سليماً، ولسانه صادقاً، ونفسه مطمئنة، وخليفته مستقيمة).

وحين يرتفع الانسان إلى المستوى الأعلى، ويرتقي في مدارج الكمال ينظر إلى مَن دونه نظرة عطف وحنان، ويمد يده إليه محاولاً أن ينهض به. فإن أعياه ذلك، لم ينطو قلبه على الغش له، ولا الحقد عليه، وهذه هي سنة الاسلام.


هذا من جانب ومن آخر، بشن الإسلام على الحسد والحقد والغل، حرباً لا هوادة فيها..
فهذه الصفات في نظره رذائل تمحق الدين، وتجعل من المتصف بها انساناً حقيراً، جديراً يمقت الله له، وسخط الناس عليه..

والحسد والإيمان ضدان لا يجتمعان في قلب. كما لا يجتمع الماء والنار في موضع، فوجود أحدهما ينفي وجود الآخر.

ومع الحسد لا يزكو عمل، ولا تبقى صالحة، ولا ترتفع إلى الله حسنة؛ فإن هذه الرذيلة تلتهم ذلك كله..
يقول الرسول : (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).

وطبيعة الحسد طبيعة لئيمة، فهي تأبى إلا أن تجهر بالسوء، وتأمر بالفحشاء، وتنكر المعروف، وتقبح الحسن، وتذم ما هو جدير بالمدح والثناء، وتقطع ما أمر الله به أن يوصل.

فكم من صلة قطعتها، وكم من رابطة مزقتها، وكم من دم سفكته؛ وإن أول جريمة قتل وقعت على الأرض كان سببها الحسد، حيث حسد ابن آدم أخاه، وإن إخوة يوسف، وهم الذين تربوا في الحجر الصالح، دفعتهم هذه الرذيلة إلى عقوق أبيهم، والمكر بأخيهم: (إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا، ونحن عصبة، إن أبانا لفي ضلال مبين * اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاً يخل لكم وجه أبيكم، وتكونوا من بعده قوماً صالحين) يوسف/ 8 ـ 9.

والحسد صفة أهل الكفر والجحود، وهم لا يودون أن ينزل على الناس خير من ربهم. ويحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، ويحبون أن يعود أهل الإيمان والإصلاح إلى الكفر والإفساد.
ولهذه الآثار التي تتولد من هذه الصفة، أمرنا الله أن نستعيذ من الحاسدين، كما نستعيذ من الشياطين الذين يفسدون في الأرض، ولا يصلحون.

(ومن شر حاسد إذا حسد) الفلق/5
ولم يكتف الاسلام بذم هذه الرذيلة، ويقف عند تعداد ثمارها المرة، وآثارها السيئة في النفس والمجتمع، بل تجاوز ذلك إلى اتخاذ الوسيلة المثلى، والخطة الحكيمة ليقضي عليها، ويجتثها من أصولها.

فنظر إلى الأسباب التي تبعث نار التحاسد، وتوقد لهيب التحاقد. وعمل على إطفائها من أول الأمر.

فالمجتمع الاسلامي لا تشيع فيه العداوة والبغضاء، لأن المحبة جزء من الإيمان.
والاسلام يمنع الكبر والعجب والخيلاء، والتطاول على الناس، منعاً حاسماً، يقول الرسول : (لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مثال ذرة من كبر).

ويقول: (إن الله أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد، ولا يبغي أحد على أحد).
وطلب الرئاسة والجاه، والعلو في الأرض، مما يفوت على المرء جوار ذي الجلال، والجزاء الحسن في الآخرة.

وشهوات الدنيا ولذائذها ليست ميداناً للتنافس، ولا هي جديرة بالحرص عليها، والسعي إليها. يقول رسول الله : (انظروا إلى مَن هو أسفل منكم، ولا تنظروا إلى مَن هو فوقكم، فهو أجدر لا تزدروا نعمة الله عليكم).

وميادين الخير مفتحة للجميع، وأبواب الترقي الأدبي، والسمو الروحي، ليس دونها حجاب…
(والله يعطي العبد على قدر همته ونهمته).
ولقد أثارت هذه التعاليم جوانب الحياة في العهد الأول، فأثمرت ثمارها، وآتت أكلها، وطاردت ظلام النفوس.


*المصدر : دعوة الاسلام

منال
11-27-2008, 01:56 PM
يرفع.......

مقاوم
11-27-2008, 04:01 PM
رفع الله قدرك في الدارين.

مقال رائع بكل ما في الكلمة من معنى. رحم الله الشيخ سيد وأسكنه فسيح جناته.

عزام
11-27-2008, 05:15 PM
جزاك الله خيرا
مقال جميل

خفقات قلب
11-27-2008, 08:38 PM
بارك الله فيك يا منال
طهِّر فؤادك من حقد ومن دغَلٍ...فشرُّ داءٍ يضرُّ القلب داؤهما

فـاروق
11-28-2008, 01:49 PM
الحي لا يؤمن عليه من الفتنة...

ولذا نقول: آمين...وقلبي وقلبك يا اختنا خفقات وقلوب جميع المسلمين