تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : فيلق بدر..صنيعة الأجنبي في خدمة الأجنبي



سعد بن معاذ
09-29-2005, 05:58 PM
فيلق بدر..صنيعة الأجنبي في خدمة الأجنبي
ياسر سعد

فيلق بدر والذي أسسته إيران إبان حربها الضروس مع العراق، الحرب التي كان الخميني يرفض جميع الوساطات الدولية والإسلامية لوقفها، الحرب التي فجرتها الاعتداءات الحدودية الإيرانية على العراق والدعوات الإيرانية الصريحة والفجة إلى تصدير ثورتهم الإسلامية إلى العراق ودول الخليج العربي، والتي كان من أبرز عناوينها الدعوة إلى قلب الأنظمة الحاكمة وتشكيل أنظمة تدور في الفلك الإيراني وتدين بالطاعة والولاء للخميني، وكان من أبرز محطاتها محاولة اغتيال أمير الكويت الحالي جابر الصباح في منتصف الثمانينات.

كان الهدف من تشكيل فيلق بدر تأسيس قوات عميلة لإيران تقوم بعمليات مستقبلية للإطاحة بالحكم العراقي والتأسيس لدويلة تكون تابعة للجمهورية الإسلامية في طهران أو ملحقة بها. العمود الفقري لفيلق بدر كان مجاميع الأسرى العراقيين والذين سقطوا في أيدي القوات الإيرانية، وكان التجنيد يتم بالإغراء أو بالإكراه أو بالأمرين معا، يصاحبه عمليات غسل للدماغ مع دورات تثقيفية وتعليمية.

ويتحدث الكثير من العائدين من الأسر الإيراني عن عمليات تحقيق صاحبتها تعذيب وحشي بحق الأسرى العراقيين تمت على أيدي قيادات من فيلق بدر، بل ومن الأسماء اللامعة في قيادة المجلس الأعلى للثورة الإسلامية للحصول على المعلومات العسكرية أو في محاولة لتجنيدهم عسكريا لينضموا إلى الفيلق المؤسس على الولاء والانتماء الإيراني. لذلك لم يكن مستغربا أن تكون أول تصريحات عبد العزيز الحكيم حال تسلمه رئاسة ما كان يسمى مجلس الحكم العراقي تتعلق بأحقية إيران بمائة مليار دولار من العراق -والذي يعاني شعبه في مجمله الجوع والفاقة والأحوال القاسية— كتعويضات عن الحرب التي كان الخميني يرفض جميع الوساطات لوقفها. كما أ تصريحات الحكيم حول فيدرالية الجنوب تصب في النهاية في المجرى الإيراني تمهيدا لانضمام أجزاء من العراق للامبراطورية الإيرانية وإنهاء العراق ككيان ووحدة سياسية.

الاشتباكات الأخيرة بين أنصار الزعيم العراقي مقتدى الصدر وقوات بدر أوضحت بجلاء أن الصراع في العراق ليس مذهبيا ولا طائفيا، إنه بوضوح بين أنصار الاحتلال وعملاء الأجنبي وبين الوطنيين العراقيين والساعين إلى العيش في عراق ذي سيادة واستقلال. كما جاءت اتهامات الشيخ عبد الهادي الدراجي لفيلق بدر بمسئوليتها المباشرة لما يحدث من اضطرابات وأعمال عنف في العراق، وذلك بسبب اعتداء قوات بدر على المتظاهرين سلميا بالنجف والمطالبين بفتح مكتب الشهيد الصدر هناك، حيث فتحت النار بطريقة استفزازية على متظاهرين غير مسلحين مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من المواطنين الأبرياء حسب تصريحات الدراجي.

قوات بدر لم تحفظ حرمة الزمان في رجب الحرام ولا حرمة المكان في النجف ولا حرمة الدماء المسلمة والشيعية تحديدا. منذ أشهر ومع تصاعد الاغتيالات والاعتقالات والاختطاف والتعذيب الوحشي المفضي إلى الموت بحق علماء ورموز السنة، اتهمت هيئة علماء السنة صراحة وعلى لسان أمينها العام الشيخ حارث الضاري وبعد صمت وصبر طويلين فيلق بدر بممارسة تلك السياسات الموغلة في الوحشية خصوصا بعد تسلم المجلس الأعلى للثورة الإسلامية لملف وزارة الداخلية العراقية، وقد رد وزير الداخلية العراقي يدر صولاغ بأنه يتعامل مع فيلق بدر للحصول على المعلومات -وكأن الفيلق جهاز استخبارات-، وأنه مستعد للتعامل مع الشيطان في حربه —المشتركة مع الأمريكان— ضد "الإرهابيين".

وفي العام الماضي اتهم حازم الشعلان وزير الدفاع العراقي السابق بشكل مباشر فيلق بدر بالضلوع باغتيال العلماء العراقيين وبتصفية العقول العراقية النابغة في المجالات العلمية والبحثية المختلفة.

حين تجمع الأطراف المختلفة من تيار الصدر إلى هيئة العلماء إلى وزير دفاع حكومي، وهو في منصبه الحساس، على اتهام منظمة بدر بأنها تعيث في الأرض فسادا وأنها تنشر الاغتيالات والرعب في أرض العراق وضد أبنائه من مختلف الانتماءات، فإن تلك الاتهامات ترقي بمصداقيتها إلى درجة الحقائق والمسلمات. والغريب أن ذلك الفيلق والذي يحمل اسما عزيزا على المسلمين لم يقف موقفا واحدا مشرفا في وجه الاحتلال الأمريكي، بل إنه أصبح — شاء أم أبى- مخلبا لذلك الاحتلال وأداة من أدواته لإضعاف العراق وتفتيته وتدميره. ألم تشارك قوات بدر قوات الاحتلال الأمريكي في معاركها الضروس في العام الماضي ضد قوات الصدر في النجف وغيرها؟. إن صنيعة الأجنبي والذي تربى ونشأ على الحقد على أبناء وطنه سيبقى ولاؤه عابرا للحدود، وقد تحول إلى أداة قتل وتصفية لأبناء شعبه، هذا إذا تجاهلنا ما يردده كثير من المواطنين العراقين أن جُل قوات بدر هي من الإيرانيين الناطقين بالعربية.