تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر



Saowt
09-20-2005, 05:01 PM
يُروى أنّ أبا غياث الزاهد كان في بُخارى فدخل المدينة ليزور أخاً له وكان غِلمان الأمير معهم المُغنّون والملاهي يخرجون من داره وكان يوم ضيافة الأمير، فلمّا رآهم الزاهد: قال: يا نفسُ وقع أمرٌ إن سكتِّ عليه فأنت شريكةٌ فيه، فرفع رأسه إلى السماء واستعان بالله وأخذ العصا فحمل عليهم حملةً واحدة، فولوا منهزمين مدبرين إلى دار السلطان، وقصّوا على الأمير..
فدعى به وقال له: أما عَلِمتَ أنّه من يخرُج على السلطان يتغذّى في السجن؟
فقال له أبو غياث: أما علمت أنّه من يخرُج على الرحمن يتعشّى في النيرانِ؟

فقال له: من وَّلاك الحسبة؟!
قال: الذي ولاك الإمارة.

فقال الأمير: ولاني الخليفة.
فقال أبو غياث: أنا ولاني ربُّ الخليفة.

فقال الأمير: ولّيتُك الحُسبة بسمرقند.
قال: عزلت نفسي عنها.

قال الأمير: العجـب في أمرك تحتسِبُ حين لم تؤمر، وتمتنع حينما تؤمر!!
قال: لأنّك إن وليتني عزلتني، وإذا ولاني ربي لم يعزلني أحد.

فقال الأمير: سل حاجتك.
قال: حاجتي أن ترُدَّ عليّ شبابي.

قال: ليس ذلك لي.. فهل لك من حاجة أُخرى؟
قال: أن تكتُب إلى مالك خازن النار ألا يُعذِّبني.

فقال: ليس ذلك لي.. فهل لك من حاجة أخرى؟
قال: أن تكتُب إلى رضوان خادم الجنان أن يدخُلني إلى الجنّة.

-فما هذه الطلبات!!- قال: ليس ذلك لي.
قال أبو غياث: فإنّها مع الربِّ الذي هو مالك الحوائج كلِّها ولا أسأله حاجةً إلا أجابني إليها.
فأخلى الأمير سبيله.