هديب الشام
12-07-2002, 07:38 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أمابعد ..
وداعاً رمضان وداعاً شهر الخيرات والبركات وداعاً ضيف حلّ وارتحل كغمضة عين وانتباهتها وداعاً إلى أعوام عديدة وأزمنة مديدة .
رمضان ترفق دموع المحبين تدفق .. قلوبهم من ألم الفراق تشقق .. عسى من استوجب النار أن يعتق .. عسى من انقطع عن ركب المقبولين أن يلحق .. عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق .. عزم على الرحيل وبعد أيام ستحل علينا فرحة العيد وإشراقة شمس يوم جديد .
قف بالمصلى فهذا اليوم مشهود *** واسمع حديث الهدى فالقول محمود
عيد أتيت وشهر الخير منسلخ *** من بعد أن كان للقرآن ترديد
أتيت تحمل للصوام تهنئة *** ففيك جائزة الصوام ياعيد
أتيت ياعيد والأرواح مشرقة *** فللبلابل ألحان وتغريد
عبادة من العبادات يعيش فرحته الصغير والكبير .. الذكر والأنثى .. الغني والفقير .. لكن في خضم الأجواء والمتغيرات التي طرأت على الأمة المسلمة غابت بعض مظاهر هذه الشعيرة وفقد بعض المسلمين لذتها ورونقها وفرحتها ولذا ترى على بعض الوجوه في هذه الحقبة الزمنية وجوماً وكآبة واغتيالاً لفرحة العيد التي كان يعد لها في السابق منذ شهور ، وفي يومنا منذ أيام بل يمر على البعض كطيف من خيال ، هم فاتر .. وحسٌّ بليد .. وشعور بارد .. لايعرف من العيد إلا الصلاة تحية بلاحرارة .. وابتسامة بلا روح .. بل ترى البعض متذمراً يتمنى ألا يكون عيداً ، وفي البعض الآخر ترى انحرافاً وضعفاً وفتوراً ، ومن الناس من هو على خير وبر وإحسان وفرحة وسرور وتكبير وشكرلله على ماهدى للصيام والقيام ، وآخرحزين الحال كاسف البال على التقصير والتفريط والخير في الأمة مازال ولايزال فأبشروا وأملوا والفأل الفأل والله يحب الفأل .
وإنه من منطلق الإيمان بمبدأ الإصلاح والسعي إلى الارتقاء إلى ما هو أفضل وأكمل ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ... أهدي هذه الكلـمـات .
إلى من أحسن الصيام والقيام ...إلى المقصرين والمفرطين في شهر رمضان ...
إلى التائبين والتائبات ... إلى الذين سكبوا العبرات وأطلقوا الزفرات في شهر الرحمات ...
إلى الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة والتحررمن الدليل الشرعي ...
إلى الذين ينادون بالحزبيات والطبقيات ..للمتهاجرين والمتهاجرات ..للأقارب والأرحام والجيران ..
إلى المفتونين والداعين إلى حضارة الغرب وثقافة الكفروحولهم يصفق الذباب ..
إلى طلبة العلم والدعاة والمصلحين ولجان الاصلاح ..
إلى أصحاب الصحافة والإعلام .. وأرباب القلم والتربية والتوجيه ..
إلى الذين اهتموابالمظاهر والنقوش وأهملوا تربية النفوس..
فأقول إن العيد شعيرة إسلامية ودينية تتجلى فيه مظاهر العبودية لله وتظهر فيه معان اجتماعية وإنسانية ونفسية فالجميع يلبي نداء صلاة العيد والجميع أيد تتصافح وقلوب تتآلف ، أرواح تتفادى ورؤوس تتعانق .. تتألق على شفاههم الابتسامة الصادقة وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيبة والتهنئة العطرة , ود وصفاء وأخوة ووفاء ، لقاء ات تغمرها حرارة الشوق واللقاء والمحبة والنقاء .
إن هذا العيد جاء *** ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد *** مصلحاً مهدي الصفاء
إن كثيراً من الناس يظن أن العيد قضية اجتماعية وعادة من عادات الأمم لايتعدى اهتمام الاسلام به في غير قضية الصلاة بل جهلوا أو تجاهلوا قول الرسول : ( لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة .. )(1)
وأن الرسول كان له جبة يلبسها للعيدين والجمعة (2) وأهدى عمر رضي الله عنه للرسول جبة وقال له تجمل بها للعيد والوفود (3) وغير ذلك من السنن والمباحات .
أيها الناس : ليس الإسلام محصوراً في أركانه الخمس بل ليس محصوراً في صفحة دينية من صحيفة تتضمن قصائد هابطة ومقالات تدعو إلى التحرر من مبادئ الإسلام والتشكيك في ثوابت ومسلّمات شرعية وعقلية و العقل السليم لايعارض النقل الصحيح وأما السقيم فيجلب كل سقيم .
دنَّستْ أرضنا الحرام قرود *** ولدتها الذئاب في زي إنسي
نُرقِّع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يَبقى ولامانرقع
ياقوم ..
متى تصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
وإنّ ترفع الوضعاء يوماً *** على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمـة المـنايا
ليس من هدي الإسلام أن يحافظ الإنسان على الأذكار ثم يلعب بالقيم والأخلاق .
ليس من هدي الإسلام أن يسمع الإنسان خطبة الجمعة ثم يغدو إلى الشواطئ والبحار حيث اللعب واللهو الحرام .
ليس من هدي الإسلام أن يحمل الإنسان المصحف ثم يكون منعدم الإحساس كاتم الأنفاس لقضايا المسلمين .
ليس من هدي الإسلام أن يصلي الإنسان الفجر ويقرأ القرآن ثم يسحب قدميه إلى دور الربا والتعامل بالحرام .
ليس من هدي الإسلام أن نسمع الموعظة ونقرأ العلم ثم يكون التفاضح لا التناصح .. والغيبة لا النصيحة .. ليس من هدي الإسلام أن يَسأل الإنسان عن حكم معجون الأسنان للصائم ثم لا يسأل ولايبالي بالتعاملات التجارية أهي حلال أم حرام .
ليس من هدي الإسلام أن نتعب الأقدام بالقيام والأبدان بالصيام في رمضان ثم في العيد نتحرر من كل حرام .. ليس من هدي الإسلام يا أمة الله أن تصلي القيام بالمسجد الحرام وغيره ثم تذهبي إلى الأسواق متعطرة متبرجة .. ليس من هدي الإسلام أن تخرجي إلى صلاة العيد امتثالاً لأمر الله ثم تعصينه في الخروج متزينة بأتم زينة .. الإسلام روح متكاملة ، روح وحياة ، عقيدة واستعلاء وجهاد سلوك وسياسة وتعامل وأخلاق ، ثقافة وإعلام وثوابت وقيم .. الإسلام هوكل شئ في حياتنا ..
نقل المسلمون للعالم كله الإسلام بشموليته فحركوا القلوب وأثروا في النفوس فدخل الناس في دين الله أفواجا .
هكذا الإسلام ياأهل الإسلام .. هكذا الإسلام يادعاة التحرير .. هكذا الإسلام ياشباب الإسلام ..
هكذا كان المسلمون وهكذا ينبغي أن نكون مع أنه أساء بعض المسلمين إلى الإسلام بسوء أقوالهم وأفعالهم ، فشوّهوا صورة الإسلام في الداخل والخارج وصدوا الكفار عن الإسلام وضيقوا الدعوة إلى الإسلام لكن المستقبل والنصر لهذا الدين والشرف لمن أتى خادماً لهذا الدين .
إني أُبَشّرُ هذا الكون أجمعه *** أنّا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهّر القرآن أنفسهم *** كالأُسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا *** في توبة لاترى في صفهم جُنبا
و العجب كل العجب والأسف كل الأسف بل المصيبة العظمى أن يأتي من بني قومنا ومن يتكلم بلغتنا فيكون داعياً بقلمه ولسانه وفيـه بحجج واهية وأساليب ملتوية إلى مواكبة حضارة الكفر وتقليد المجتمعات الكافرة المخالفة لشرع الله ، ويظهر الإسلام في صورة العاجز عن مواجهة المشكلات والتمشي مع حضارة العصر أو أنه شيء قديم تراثي ، يريد أن ينتزع الإسلام من قلوب الرجال والنساء فيعيدهم إلى أرذل الحياة بلا دين ولا إيمان ، إسلام بلا إسلام مع أن جمعاً من الكفار يدخلون الإسلام أفواجاً والبعض منهم يخرج لقتال المسلمين في صف الكفار ثم يسلم ويكون في صف المسلمين بل إن أنظمة الكفر تقر تارة على حياء وأخرى على الملأ بأن الإسلام به صلاح الأفراد والمجتمعات فياليت قومي يعلمون فيفيقون ويتنبهون ويتيقظون ويتعظون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ..!
يقيناً وقطعاً وجزماً بلا شك ولامرية أنه لاصلاح للأفراد والمجتمعات إلا بالإسلام فمن سيكون السبب في ذهاب الإسلام وفساد الدين والقيم والمجتمعات ؟
وما نتاج بني الإلحاد مفخرة *** وإنما الفخر فيما وافق الدين
أنا مسلم وأقولها ملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤدد
سلمان فيها مثل عمرو لاترى *** جنساً على جنس يفوق بمحتد
وبلال بالإسلام يشمخ عزة *** ويدكُّ تيجان العنيد الملحد
إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّد
لله أسعى خاضعاً ومجاهداً *** ولغير ربي جبهتي لم تسجد
سنعيد للدنيا صباحاً مشرقاً *** ونضئ أنواراً بشرع محمد
ونعيد أمجاد الجدود وعزة *** شماء تسمو فوق هام الفرقد
ونقولها الله أكبر حسبنا *** وبمنهج الله المهيمن نقتدي
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي *** أنا قدوتي ماعشت شرع محمد
حاشاي يطويني سراب خادع *** ومعي كتاب الله يسطع في يدي
روح الحياة ونورها وجمالها *** من حاد عنه ففي ظلام سرمدي
أنا لست ممسوخ الدماغ مُكبَّلا *** فأضيع في حلك الوجود الأسود
ثم تأتي ثلة أخرى تزيد الطين بلة بحكايات وأعياد وخرافات ،ضعف بعض الناس عن امتثال أمر الله فكلفوهم بمالم يأمر به الله وفوق أمر الله ( ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ) (4) .
ياأيها الناس : أيُعقل أن نحتفل بميلاد رسول الله ولم يحتفل به صحابته الكرام ..
أيُعقل أن يرقص فيه الدجالون والخرافيون وينشدون وتتساقط عمائمهم كما تتساقط مبادئهم ..
أحسبتَ ديني سبحة وعمامة *** وقصائداً أطري بها المختارا
كلا فديني دعوة أبدية *** قد أنبتت في العالمين منارا
رُكزت بصحراء الحنيف وأُرضعت *** بدماء من قد بايعوا المختارا
ياأيها الناس : أيُعقل أن يحتفل الواحد بميلاده وقد قصّر في طاعة ربه وموجده أيّ مولد وأيّ حياة يفتخر ويفرح بها المرء .. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلَنْالَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارجٍ مِنْهَا } .
أيُعقل أن نحتفل بتنظيف وتشييد المساجد وهي شبه خالية في صلاة الفجر والظهر من المصلين في أيام العيد بعد أن اكتضت بهم في رمضان .
أيُعقل أن نهتم بغرس الأشجار ونهمل في القلوب غرس الإيمان بوحي القرآن ياأهل القرآن ..
أيُعقل أن نعتني بتنظيف الطرقات والمنتزهات وفي القلوب أدواء وأمراض وأوباء ..
وبعد هذا كله فقد تلمست أسباباً لحال الناس في العيد وعدم التفاعل فيه واجتهدت في وضع العلاج والمقترحات تاركاً الموضوع لكل من يستطيع أن يفيد فيه بشيء من التفصيل وعلى الله قصد السبيل وبالبحث عن الأسباب نجد العلاج وبضدها تتبين الأشياء ولاشك أن الأسباب والمظاهر التي تضمنتها هذه الرسالة لا تتمثل إلا في شرائح من المجتمع معدودة وفئة قليلة من الأمة .
كلمات أخاطب بها الأمة جمعاً حيث إن مسئولية الإصلاح قاسم مشترك بين أفراد الأمة والعيد للأمة وحتى لا يتسع الداء ويموت الجسد وتغرق السفينة مع شي من الاستطراد والإطالة في مواضع منها لمسيس الحاجة وصعوبة فردها برسالة ، اغتناماً وانتهازاً للفرص .. لالحشد المعلومات وملئ الأوراق اجتهدت فيها زمناً وهي تختلف باختلاف الأشخاص و الأماكن والأزمان قلة وكثرة ..
وإلا فالوعي والخير والتآزر والأخوة والمحبة والتصافح والإقبال على الله والتمسك بشرع الله وقوافل التائبين في كثرة وازدياد وكل ذلك يُلمس ويشاهد في أمتنا الغراء شبابها وشيبها ، رجالها ونسائها رغم تكالب أعدائها وشدة الوطأ عليها وكثرة مصابها وجرحها الغائر وتتابع الفتن عليها فلايظن قارئها أن النظرة نظرة سوداوية قاتمة فنهلك ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ومع الفال لابد من بذل الأعمال والاعتراف بواقعنا وحجم مشكلاته دون تهويل أو تهوين و قد عرفتم الداء فها هي الأسباب .. وفي العيد ملل .. فما الخلل ..؟
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لانبي بعده أمابعد ..
وداعاً رمضان وداعاً شهر الخيرات والبركات وداعاً ضيف حلّ وارتحل كغمضة عين وانتباهتها وداعاً إلى أعوام عديدة وأزمنة مديدة .
رمضان ترفق دموع المحبين تدفق .. قلوبهم من ألم الفراق تشقق .. عسى من استوجب النار أن يعتق .. عسى من انقطع عن ركب المقبولين أن يلحق .. عسى وقفة للوداع تطفيء من نار الشوق ما أحرق .. عزم على الرحيل وبعد أيام ستحل علينا فرحة العيد وإشراقة شمس يوم جديد .
قف بالمصلى فهذا اليوم مشهود *** واسمع حديث الهدى فالقول محمود
عيد أتيت وشهر الخير منسلخ *** من بعد أن كان للقرآن ترديد
أتيت تحمل للصوام تهنئة *** ففيك جائزة الصوام ياعيد
أتيت ياعيد والأرواح مشرقة *** فللبلابل ألحان وتغريد
عبادة من العبادات يعيش فرحته الصغير والكبير .. الذكر والأنثى .. الغني والفقير .. لكن في خضم الأجواء والمتغيرات التي طرأت على الأمة المسلمة غابت بعض مظاهر هذه الشعيرة وفقد بعض المسلمين لذتها ورونقها وفرحتها ولذا ترى على بعض الوجوه في هذه الحقبة الزمنية وجوماً وكآبة واغتيالاً لفرحة العيد التي كان يعد لها في السابق منذ شهور ، وفي يومنا منذ أيام بل يمر على البعض كطيف من خيال ، هم فاتر .. وحسٌّ بليد .. وشعور بارد .. لايعرف من العيد إلا الصلاة تحية بلاحرارة .. وابتسامة بلا روح .. بل ترى البعض متذمراً يتمنى ألا يكون عيداً ، وفي البعض الآخر ترى انحرافاً وضعفاً وفتوراً ، ومن الناس من هو على خير وبر وإحسان وفرحة وسرور وتكبير وشكرلله على ماهدى للصيام والقيام ، وآخرحزين الحال كاسف البال على التقصير والتفريط والخير في الأمة مازال ولايزال فأبشروا وأملوا والفأل الفأل والله يحب الفأل .
وإنه من منطلق الإيمان بمبدأ الإصلاح والسعي إلى الارتقاء إلى ما هو أفضل وأكمل ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها ... أهدي هذه الكلـمـات .
إلى من أحسن الصيام والقيام ...إلى المقصرين والمفرطين في شهر رمضان ...
إلى التائبين والتائبات ... إلى الذين سكبوا العبرات وأطلقوا الزفرات في شهر الرحمات ...
إلى الذين ينادون بفصل الدين عن الحياة والتحررمن الدليل الشرعي ...
إلى الذين ينادون بالحزبيات والطبقيات ..للمتهاجرين والمتهاجرات ..للأقارب والأرحام والجيران ..
إلى المفتونين والداعين إلى حضارة الغرب وثقافة الكفروحولهم يصفق الذباب ..
إلى طلبة العلم والدعاة والمصلحين ولجان الاصلاح ..
إلى أصحاب الصحافة والإعلام .. وأرباب القلم والتربية والتوجيه ..
إلى الذين اهتموابالمظاهر والنقوش وأهملوا تربية النفوس..
فأقول إن العيد شعيرة إسلامية ودينية تتجلى فيه مظاهر العبودية لله وتظهر فيه معان اجتماعية وإنسانية ونفسية فالجميع يلبي نداء صلاة العيد والجميع أيد تتصافح وقلوب تتآلف ، أرواح تتفادى ورؤوس تتعانق .. تتألق على شفاههم الابتسامة الصادقة وتلهج ألسنتهم بالكلمة الطيبة والتهنئة العطرة , ود وصفاء وأخوة ووفاء ، لقاء ات تغمرها حرارة الشوق واللقاء والمحبة والنقاء .
إن هذا العيد جاء *** ناشراً فينا الإخاء
نازعاً أشجار حقد *** مصلحاً مهدي الصفاء
إن كثيراً من الناس يظن أن العيد قضية اجتماعية وعادة من عادات الأمم لايتعدى اهتمام الاسلام به في غير قضية الصلاة بل جهلوا أو تجاهلوا قول الرسول : ( لتعلم اليهود أن في ديننا فسحة .. )(1)
وأن الرسول كان له جبة يلبسها للعيدين والجمعة (2) وأهدى عمر رضي الله عنه للرسول جبة وقال له تجمل بها للعيد والوفود (3) وغير ذلك من السنن والمباحات .
أيها الناس : ليس الإسلام محصوراً في أركانه الخمس بل ليس محصوراً في صفحة دينية من صحيفة تتضمن قصائد هابطة ومقالات تدعو إلى التحرر من مبادئ الإسلام والتشكيك في ثوابت ومسلّمات شرعية وعقلية و العقل السليم لايعارض النقل الصحيح وأما السقيم فيجلب كل سقيم .
دنَّستْ أرضنا الحرام قرود *** ولدتها الذئاب في زي إنسي
نُرقِّع دنيانا بتمزيق ديننا *** فلا ديننا يَبقى ولامانرقع
ياقوم ..
متى تصل العطاش إلى ارتواء *** إذا استقت البحار من الركايا
وإنّ ترفع الوضعاء يوماً *** على الرفعاء من إحدى البلايا
إذا استوت الأسافل والأعالي *** فقد طابت منادمـة المـنايا
ليس من هدي الإسلام أن يحافظ الإنسان على الأذكار ثم يلعب بالقيم والأخلاق .
ليس من هدي الإسلام أن يسمع الإنسان خطبة الجمعة ثم يغدو إلى الشواطئ والبحار حيث اللعب واللهو الحرام .
ليس من هدي الإسلام أن يحمل الإنسان المصحف ثم يكون منعدم الإحساس كاتم الأنفاس لقضايا المسلمين .
ليس من هدي الإسلام أن يصلي الإنسان الفجر ويقرأ القرآن ثم يسحب قدميه إلى دور الربا والتعامل بالحرام .
ليس من هدي الإسلام أن نسمع الموعظة ونقرأ العلم ثم يكون التفاضح لا التناصح .. والغيبة لا النصيحة .. ليس من هدي الإسلام أن يَسأل الإنسان عن حكم معجون الأسنان للصائم ثم لا يسأل ولايبالي بالتعاملات التجارية أهي حلال أم حرام .
ليس من هدي الإسلام أن نتعب الأقدام بالقيام والأبدان بالصيام في رمضان ثم في العيد نتحرر من كل حرام .. ليس من هدي الإسلام يا أمة الله أن تصلي القيام بالمسجد الحرام وغيره ثم تذهبي إلى الأسواق متعطرة متبرجة .. ليس من هدي الإسلام أن تخرجي إلى صلاة العيد امتثالاً لأمر الله ثم تعصينه في الخروج متزينة بأتم زينة .. الإسلام روح متكاملة ، روح وحياة ، عقيدة واستعلاء وجهاد سلوك وسياسة وتعامل وأخلاق ، ثقافة وإعلام وثوابت وقيم .. الإسلام هوكل شئ في حياتنا ..
نقل المسلمون للعالم كله الإسلام بشموليته فحركوا القلوب وأثروا في النفوس فدخل الناس في دين الله أفواجا .
هكذا الإسلام ياأهل الإسلام .. هكذا الإسلام يادعاة التحرير .. هكذا الإسلام ياشباب الإسلام ..
هكذا كان المسلمون وهكذا ينبغي أن نكون مع أنه أساء بعض المسلمين إلى الإسلام بسوء أقوالهم وأفعالهم ، فشوّهوا صورة الإسلام في الداخل والخارج وصدوا الكفار عن الإسلام وضيقوا الدعوة إلى الإسلام لكن المستقبل والنصر لهذا الدين والشرف لمن أتى خادماً لهذا الدين .
إني أُبَشّرُ هذا الكون أجمعه *** أنّا صحونا وسرنا للعلا عجبا
بفتية طهّر القرآن أنفسهم *** كالأُسد تزأر في غاباتها غضبا
عافوا حياة الخنا والرجس فاغتسلوا *** في توبة لاترى في صفهم جُنبا
و العجب كل العجب والأسف كل الأسف بل المصيبة العظمى أن يأتي من بني قومنا ومن يتكلم بلغتنا فيكون داعياً بقلمه ولسانه وفيـه بحجج واهية وأساليب ملتوية إلى مواكبة حضارة الكفر وتقليد المجتمعات الكافرة المخالفة لشرع الله ، ويظهر الإسلام في صورة العاجز عن مواجهة المشكلات والتمشي مع حضارة العصر أو أنه شيء قديم تراثي ، يريد أن ينتزع الإسلام من قلوب الرجال والنساء فيعيدهم إلى أرذل الحياة بلا دين ولا إيمان ، إسلام بلا إسلام مع أن جمعاً من الكفار يدخلون الإسلام أفواجاً والبعض منهم يخرج لقتال المسلمين في صف الكفار ثم يسلم ويكون في صف المسلمين بل إن أنظمة الكفر تقر تارة على حياء وأخرى على الملأ بأن الإسلام به صلاح الأفراد والمجتمعات فياليت قومي يعلمون فيفيقون ويتنبهون ويتيقظون ويتعظون وسيعلم الذين ظلموا أيّ منقلب ينقلبون ..!
يقيناً وقطعاً وجزماً بلا شك ولامرية أنه لاصلاح للأفراد والمجتمعات إلا بالإسلام فمن سيكون السبب في ذهاب الإسلام وفساد الدين والقيم والمجتمعات ؟
وما نتاج بني الإلحاد مفخرة *** وإنما الفخر فيما وافق الدين
أنا مسلم وأقولها ملء الورى *** وعقيدتي نور الحياة وسؤدد
سلمان فيها مثل عمرو لاترى *** جنساً على جنس يفوق بمحتد
وبلال بالإسلام يشمخ عزة *** ويدكُّ تيجان العنيد الملحد
إن العقيدة في قلوب رجالها *** من ذرة أقوى وألف مهنّد
لله أسعى خاضعاً ومجاهداً *** ولغير ربي جبهتي لم تسجد
سنعيد للدنيا صباحاً مشرقاً *** ونضئ أنواراً بشرع محمد
ونعيد أمجاد الجدود وعزة *** شماء تسمو فوق هام الفرقد
ونقولها الله أكبر حسبنا *** وبمنهج الله المهيمن نقتدي
بالشرق أو بالغرب لست بمقتدي *** أنا قدوتي ماعشت شرع محمد
حاشاي يطويني سراب خادع *** ومعي كتاب الله يسطع في يدي
روح الحياة ونورها وجمالها *** من حاد عنه ففي ظلام سرمدي
أنا لست ممسوخ الدماغ مُكبَّلا *** فأضيع في حلك الوجود الأسود
ثم تأتي ثلة أخرى تزيد الطين بلة بحكايات وأعياد وخرافات ،ضعف بعض الناس عن امتثال أمر الله فكلفوهم بمالم يأمر به الله وفوق أمر الله ( ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه ) (4) .
ياأيها الناس : أيُعقل أن نحتفل بميلاد رسول الله ولم يحتفل به صحابته الكرام ..
أيُعقل أن يرقص فيه الدجالون والخرافيون وينشدون وتتساقط عمائمهم كما تتساقط مبادئهم ..
أحسبتَ ديني سبحة وعمامة *** وقصائداً أطري بها المختارا
كلا فديني دعوة أبدية *** قد أنبتت في العالمين منارا
رُكزت بصحراء الحنيف وأُرضعت *** بدماء من قد بايعوا المختارا
ياأيها الناس : أيُعقل أن يحتفل الواحد بميلاده وقد قصّر في طاعة ربه وموجده أيّ مولد وأيّ حياة يفتخر ويفرح بها المرء .. { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلَنْالَهُ نُورَاً يَمْشِي بِهِ في النّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ في الظُلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارجٍ مِنْهَا } .
أيُعقل أن نحتفل بتنظيف وتشييد المساجد وهي شبه خالية في صلاة الفجر والظهر من المصلين في أيام العيد بعد أن اكتضت بهم في رمضان .
أيُعقل أن نهتم بغرس الأشجار ونهمل في القلوب غرس الإيمان بوحي القرآن ياأهل القرآن ..
أيُعقل أن نعتني بتنظيف الطرقات والمنتزهات وفي القلوب أدواء وأمراض وأوباء ..
وبعد هذا كله فقد تلمست أسباباً لحال الناس في العيد وعدم التفاعل فيه واجتهدت في وضع العلاج والمقترحات تاركاً الموضوع لكل من يستطيع أن يفيد فيه بشيء من التفصيل وعلى الله قصد السبيل وبالبحث عن الأسباب نجد العلاج وبضدها تتبين الأشياء ولاشك أن الأسباب والمظاهر التي تضمنتها هذه الرسالة لا تتمثل إلا في شرائح من المجتمع معدودة وفئة قليلة من الأمة .
كلمات أخاطب بها الأمة جمعاً حيث إن مسئولية الإصلاح قاسم مشترك بين أفراد الأمة والعيد للأمة وحتى لا يتسع الداء ويموت الجسد وتغرق السفينة مع شي من الاستطراد والإطالة في مواضع منها لمسيس الحاجة وصعوبة فردها برسالة ، اغتناماً وانتهازاً للفرص .. لالحشد المعلومات وملئ الأوراق اجتهدت فيها زمناً وهي تختلف باختلاف الأشخاص و الأماكن والأزمان قلة وكثرة ..
وإلا فالوعي والخير والتآزر والأخوة والمحبة والتصافح والإقبال على الله والتمسك بشرع الله وقوافل التائبين في كثرة وازدياد وكل ذلك يُلمس ويشاهد في أمتنا الغراء شبابها وشيبها ، رجالها ونسائها رغم تكالب أعدائها وشدة الوطأ عليها وكثرة مصابها وجرحها الغائر وتتابع الفتن عليها فلايظن قارئها أن النظرة نظرة سوداوية قاتمة فنهلك ومن قال هلك الناس فهو أهلكهم ومع الفال لابد من بذل الأعمال والاعتراف بواقعنا وحجم مشكلاته دون تهويل أو تهوين و قد عرفتم الداء فها هي الأسباب .. وفي العيد ملل .. فما الخلل ..؟